يفاقم استمرار القصف على المراكز الصحية والمستشفيات في شمال غربي سوريا من الأزمة الطبية في المنطقة، التي تضم نحو ثلاثة ملايين سوري.
وتعاني المنطقة من تراجع الرعاية الصحية، ومن «التلوثات المرعبة» التي انتقلت من تحت المجهر إلى العين المجردة، مع غياب الضابط الأمني للبلديات، وتراكم النفايات بين الأزقة وفي الشوارع العامة وأمام المنازل. وأدت هذه الأسباب إلى ازدياد نسبة عدد كبير من الأمراض في المنطقة.
الدكتور حسام دبيس، وهو طبيب جراح، ورئيس مجلس الجراحة العامة، ومدير المشفى الجراحي التخصصي في إدلب، شهد أحداث المجال الطبي منذ بداية الأزمة في 2011، إذ التحق في عام 2012 خريجو الكليات الطبية بصفوف المعارضة، ليكونوا من ضمن مؤسسي الكوادر الطبية في النقاط الميدانية، إلى أن تم تأسيس المشفى الجراحي التخصصي في إدلب؛ لكنه لاحظ أن أكثر الأمراض انتشاراً في هذه المنطقة حالياً، هي «الأمراض الوبائية، الجرثومية منها والفيروسية، كالتهابات الكبد والرئة بأنواعها، والكوليرا والملاريا وشلل الأطفال، ذلك أن نسبة هذه الالتهابات تضاعفت عن السنوات السابقة إلى 40 في المائة، بسبب غياب الرقابة وعدم وجود منظومة حماية، وعدم متابعة اللقاحات المناسبة في الوقت المناسب لها من قبل الأهالي». كما أن الأورام الخبيثة زادت بنسبة 45 في المائة؛ حيث إنها أصبحت مشاهدة بكثرة.
بالنسبة إلى مواضيع الأمومة، قال دبيس إنه ازدادت نسبة الحمل غير المكتمل، أو ما تسمى بالإسقاطات والولادات المبكرة، وأرجع السبب على حد قوله إلى الضغوط النفسية التي يعاني منها المجتمع عامة والأمهات خاصة، وسوء التغذية والاهتمام ورعاية الأم أثناء الحمل. وينتج عن ذلك تضاعف في الحالات التي تحولت إلى عمليات قيصرية عسرة. وقد تصل النتائج السلبية لهذه الحالات إلى استئصال الرحم أو النزيف، وهذه الحالات تشكل نسبة ضئيلة جداً، إذ إنها لا تصل إلى 2 في المائة، بينما تصل نسبة سوء التغذية عند النساء إلى 60 في المائة، ومنها تصل إلى الأم.
وقال: «الجنين الذي لا يحصل على غذاء متكامل داخل الرحم سيعاني من سوء تغذية ما بعد الولادة، وخصوصاً إذا لم يتوفر له الحليب المساعد، ويعود ذلك إلى الوضع المعاشي الذي لا يسمح لنسبة 65 في المائة من سكان المنطقة بتأمين ما هو لازم؛ لكن بعض المنظمات المسؤولة عن التوعية الصحية في المنطقة عملت على توزيع بعض المتممات الغذائية، مثل «زبدة الفستق».
وأشار خبراء أيضاً إلى بعض الأمراض الأخرى التي انتشرت، مثل أمراض القلب منها، ذلك أن «الأوعية القلبية تتأثر بالحالة النفسية... وهذه المضاعفات ازدادت بشكل ملحوظ جداً بعد الحرب، إذ إنه من الطبيعي حصول هذه النتائج لمثل هذه الأوضاع». وقال أحدهم: «من الحالات النادرة سابقاً أن يصاب المريض في عمر الشباب ما بين 30 إلى 40 عاماً باحتشاء عضلة قلبية... ولا شك أن مشاهدتها عند هذه الأعمار كارثة حقيقية؛ حيث إن من كل مائة شاب هناك خمسة شباب معرضون للإصابة بالأمراض القلبية». وتابع: «سابقاً كان هناك ضابط للمسكنات المركزية والأدوية المخدرة بالعموم التي تسبب الإدمان. حالياً أصبح من الممكن تداولها بشكل سهل لعدم ضبط الصيدليات وعدم الرقابة في صرف الوصفات وما شابه. وهذه المسكنات تؤثر على العضلة القلبية وتؤدي إلى احتشاء العضلة القلبية».
وأشار الدكتور دبيس إلى أن «حياة الأطباء في خطر دائم، وأن الطب في سوريا أصبح من أخطر المهن في العالم، وكل طبيب معرض للخطر، وتختلف نسبة الخطورة من طبيب لآخر، فأصحاب المراكز الحساسة وأصحاب رؤوس الأموال والأطباء الذين يمارسون حياة سياسية واجتماعية في آن واحد هم أكثر الأطباء عرضة للخطف». وهو كان أحد الذين تعرضوا للخطف في ريف إدلب. وقال: «إذا استمر التصعيد العسكري بالشكل الحالي، فربما تكون الخسارات أكبر، ونعود إلى نقطة الصفر طبياً».
ارتفاع نسبة الولادة المبكرة والسكتة القلبية جراء القصف
ارتفاع نسبة الولادة المبكرة والسكتة القلبية جراء القصف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة