الحكومات الكويتية منذ الاستقلال عام 1961

الحكومات الكويتية منذ الاستقلال عام 1961
TT

الحكومات الكويتية منذ الاستقلال عام 1961

الحكومات الكويتية منذ الاستقلال عام 1961

حصلت الكويت على استقلالها من بريطانيا يوم 19 يونيو (حزيران) عام 1961. وهو التاريخ الحقيقي لاستقلال الكويت من الاحتلال البريطاني. ويومذاك، وقع الأمير الراحل الشيخ عبد الله السالم الصباح الحاكم الـ11 للكويت وثيقة الاستقلال مع المندوب السامي البريطاني في الخليج العربي السير جورج ميدلتن نيابة عن حكومة بلاده، وألغى الاتفاقية التي وقعها جده الشيخ مبارك الصباح، الحاكم السابع للكويت مع بريطانيا، في 23 يناير (كانون الثاني) عام 1899 لحمايتها من الأطماع الخارجية.
وفي 18 مايو (أيار) عام 1964 تقرر تغيير ذلك اليوم، ودمجه مع يوم 25 فبراير (شباط) الذي يصادف ذكرى جلوس الأمير الراحل عبد الله السالم الصباح، تكريما له ولدوره المشهود في استقلال الكويت وتكريس ديمقراطيتها. ومنذ ذلك الحين والكويت تحتفل بيوم استقلالها في 25 فبراير من كل عام.
بدأت الكويت منذ عام 1962 بتدعيم نظامها السياسي، عبر إنشاء مجلس تأسيسي مهمته إعداد دستور لنظام حكم يرتكز على المبادئ الديمقراطية الموائمة لواقع الكويت وأهدافها. ومن أبرز ما أنجزه المجلس مشروع الدستور الذي صادق عليه الأمير الراحل الشيخ عبد الله السالم في نوفمبر (تشرين الثاني) 1962 لتدخل البلاد مرحلة الشرعية الدستورية، حيث جرت أول انتخابات تشريعية في 23 يناير عام 1963.

الحكومات الكويتية

رئيس الوزراء الجديد الشيخ صباح الخالد هو ثامن شخصية تتولى منصب رئيس الوزراء منذ عام 1962.
للعلم، تعود أول وزارة في تاريخ الكويت السياسي إلى العام 1962. وترأسها أمير البلاد آنذاك الشيخ عبد الله السالم الصباح وشكلت في يناير (كانون الثاني) عام 1962.
ومنذ يناير عام 1963 وحتى نوفمبر 1965 ترأس أمير البلاد الـ12 صباح السالم الصباح الوزارات الثانية والثالثة والرابعة.
وبعد ذلك ترأس الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح الحاكم الـ13 للبلاد الوزارات الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتاسعة التي امتدت فتراتها بين شهري ديسمبر (كانون الأول) 1965 وديسمبر (كانون الأول) 1977.
أما الأمير الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح فقد ترأس 11 وزارة امتدت من الوزارة العاشرة في فبراير (شباط) عام 1978 حتى الوزارة الـ20 التي شكلت في فبراير (شباط) عام 2001.
وفي يوليو (تموز) عام 2003 ترأس أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الوزارة الـ21 في تاريخ الكويت، التي استمرت حتى وفاة الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح.
وترأس الشيخ ناصر محمد الأحمد الجابر الصباح (سبع وزارات) هي الـ22 والـ23 والـ24 والـ25 والـ26 والـ27 والـ28 في تاريخ الكويت السياسي وذلك في الفترة بين فبراير (شباط) عام 2006 وحتى ديسمبر (كانون الأول) (كانون الأول) عام 2011.
ومن ثم ترأس الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح الوزارات الـ29 والـ30 والـ31 والـ32 والـ33 والـ34 في تاريخ الكويت، وذلك في الفترة بين ديسمبر (كانون الأول) عام 2011 وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.


مقالات ذات صلة

هل اقتربت أميركا من تغيير هوية «الجيل» الذي يحكم واشنطن؟

حصاد الأسبوع لقطة من مناظرة الثلاثاء الرئاسية (رويترز)

هل اقتربت أميركا من تغيير هوية «الجيل» الذي يحكم واشنطن؟

يُجمِع خبراء المناظرات الرئاسية الأميركية على أن الانتصارات فيها لا تُترجم بالضرورة فوزاً في الانتخابات، والمرشحون الذين يتألقون في المناظرات لا يفوزون دائماً

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع يقدّم بارنييه نفسه على أنه رجل ينتمي إلى اليمين لكن ليس اليمين البورجوازي القومي المتعصّب بل اليمين الاجتماعي

ميشال بارنييه رئيس الحكومة الفرنسية الجديد... هل يكون الرجل المعجزة الذي ينقذ عهد ماكرون؟

بعد 25 سنة أمضاها ميشال بارنييه في بروكسل (1999 – 2021) مفوضاً أوروبياً متنقلاً في مناصب عديدة، منها مسؤول عن السوق الأوروبية الداخلية ونائب لرئيس المفوضية،

ميشال أبونجم (باريس)
حصاد الأسبوع الرئيس الموريتاني ولد الغزواني يستقبل رئيس الوزراء الإسباني سانتشيز ورئيسة المفوضية الأوروبية فون در لاين في نواكشوط 
(آ فب)

إسبانيا تحاول التحكّم بهاجس التعامل مع المهاجرين

عندما فازت إسبانيا بكأس الأمم الأوروبية لكرة القدم، أواسط يوليو (تموز) الفائت، كان النجم الأبرز في الفريق الوطني الأمين جمال، وهو لاعب من أب مغربي وصل قبل 19

شوقي الريّس (مدريد)
حصاد الأسبوع الرئيس عبد المجيد تبّون (رويترز)

فوز منتظر للرئيس عبد المجيد تبّون في انتخابات الرئاسة الجزائرية

يتوجه الجزائريون اليوم إلى مراكز الاقتراع لاختيار رئيس جديد. وهذه هي ثاني استحقاقات رئاسية بعد الحراك الذي طال سنتين تقريباً، وشهد خروج ملايين الجزائريين إلى

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع  تأتي رئاسة تراوري في فترةٍ تواجه خلالها بوركينا فاسو تحديات أمنية وإقليمية بعدما فقدت السيطرة على نحو 40 في المائة من مساحتها، للجماعات المسلّحة

إبراهيم تراوري... رئيس بوركينا فاسو وقائد حربها الشرسة ضد «الإرهاب»

رغم تعهّد النقيب إبراهيم تراوري، رئيس بوركينا فاسو، بألا يبقى في السلطة، فإنه مدّد فترة الحكم الانتقالي خمس سنوات إضافية، راهناً إجراء الانتخابات التي كان من

فتحية الدخاخني (القاهرة)

صواريخ «العمق الروسي» تتحدّى «خطوط بوتين الحمراء»

بوتين (رويترز)
بوتين (رويترز)
TT

صواريخ «العمق الروسي» تتحدّى «خطوط بوتين الحمراء»

بوتين (رويترز)
بوتين (رويترز)

هل يقترب العالم من حافة المواجهة الكبرى؟ سؤال تردّد كثيراً، خلال الأيام الأخيرة، بعدما وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحذيراً عُدَّ الأقوى في لهجته للغرب. لم يتردّد الكرملين في إعلان «نفاد صبر» روسيا، وهو يتكلم عن «القرار الغربي» الذي «طُبخ» خلف أبواب مغلقة، وينتظر اللحظة المناسبة لإعلانه رسمياً. ولقد بدت موسكو واثقة، الأسبوع الفائت، بأن حلف شمال الأطلسي «ناتو» منح عملياً كييف «الضوء الأخضر» لاستهداف العمق الروسي باستخدام صواريخ أميركية وبريطانية الصنع، حتى لو يُذكَر ذلك علناً. ومع أن الكلام الروسي عن «انخراط مباشر» للغرب، وخصوصاً الولايات المتحدة وبريطانيا، تكرَّر كثيراً خلال الأشهر الماضية، فإن الجديد هنا تمثَّل في عنصرين: أولهما إطلاق بوتين تهديداً مباشراً بأن المواجهة ستكون مباشرة مع الغرب، هذه المرة، وثانيهما اشتعال المنصات الإعلامية الروسية بتصريحات نارية أطلقها «صقور الحرب» الذين لوّحوا طويلاً بأنه حان وقت «المواجهة الحاسمة» مع الغرب. وهكذا، وقف ديمتري مدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، مهدّداً بـ«محو أوروبا»، وقال إن صبر روسيا «قارب على النفاد» ملوِّحاً بقدرات نووية قادرة على «صَهر» مدن أوروبية. هذه ليست المرة الأولى التي يهدد فيها مدفيديف باستخدام السلاح النووي. وهي عبارات كرَّرها مسؤولون آخرون؛ بينهم سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية والخبير الأبرز في روسيا بشؤون الأمن الاستراتيجي والعلاقات مع واشنطن، الذي تخلّى عن حذره الدبلوماسي المعتاد، وهدّد بـ«رد وحشي» لموسكو إذا سمح الغرب لكييف باستهداف العمق الروسي بصواريخه.

صورة من التوغل الأوكراني في كورسك (رويترز)

اللهجة الحادة من جانب «الصقور» في موسكو عكست حقاً اقتراب الكرملين من تبنّي خيارات حازمة في حال جرى تجاوز آخر «الخطوط الحمراء» التي حدّدها سيد الكرملين.

خلال العام الأخير، بالتوازي مع نجاح موسكو في توسيع سيطرتها بمناطق الدونباس، واجهت موسكو اختراقات واسعة أسقطت عدداً من «خطوطها الحمراء» التي وضعت في وقت سابق. وبالتالي، غدا استهداف المنشآت العسكرية ومراكز البنى التحتية ومستودعات الطاقة في القرم ومناطق عدة أخرى تنتهك «الأراضي الروسية»، وفقاً للتعريف الروسي للحدود، حدثاً يكاد يكون يومياً. كذلك حمل التوسع باستخدام المُسيّرات، ووصولها إلى مناطق بعيدة عن الحدود داخل العمق الروسي، انتهاكاً جديداً رسم ملامح جديدة لقواعد الاشتباك.

في هذه الأثناء، نفّذ الغرب وعوده بمواصلة إمداد أوكرانيا بتقنيات عسكرية متطوّرة، متجاهلاً كل تحذيرات الكرملين في هذا الإطار. وكان الأبرز توغّل كورسك، في أغسطس (آب) الماضي، ومنظرُ تجوّل الدبابات الألمانية والآليات الأميركية والبريطانية داخل الأراضي الروسية، للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، كان مُوجعاً جداً للروس.

ستولتنبرغ (روينرز)

«ضوء أخضر» يهزّ «الخطوط الحمراء»

لقد اختبر الغرب بقسوة، عبر تلك التطورات، مستوى «الصبر الاستراتيجي» لبوتين، وردّات فعله على الانتهاكات المتكررة للخطوط الحمراء التي وضعها لنفسه.

وأخيراً، جاء الكلام عن إعطاء كييف «الضوء الأخضر» لضرب مواقع في العمق الروسي بصواريخ «أطلسية» ليضع الكرملين أمام حسابات صعبة وهو يواجه اختراقاً محتملاً لآخِر «خطوطه الحمراء».

خيارات بوتين

كان لافتاً أن الكرملين، رغم تحذير بوتين الصارم، لم يبادر إلى التلويح بتحركات حازمة، بل علّق الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف على التصريحات النارية التي أطلقها عدد من المقرّبين للرئيس الروسي، بالإشارة إلى أن بوتين «يتلقّى توصيات من عدد من الخبراء البارزين، لكنه يعتمد التروّي في اتخاذ قراراته النهائية».

ويبدو أن هذه العبارات فُهِمت في الغرب بشكل متسرّع، إذ جاءت تصريحات ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لـ«ناتو»، في مقابلة مع صحيفة «التايمز» البريطانية، لتزيد الغضب عند الروس، فقد قال المسؤول الأطلسي إن «السماح لكييف بشن ضربات صاروخية بعيدة المدى في عمق روسيا لن يكسر خطاً أحمر فيؤدي إلى التصعيد». وأردف أنه يدعم الدول - ومنها بريطانيا وفرنسا - التي دعت إلى إعطاء كييف الإذن باستخدام الصواريخ الطويلة المدى.

على الفور، جدّد الكرملين تحذيره، ورأى بيسكوف أن رغبة قيادة كتلة «ناتو» في تجاهل كلمات بوتين حول عواقب الهجمات التي تشنها الأسلحة الغربية على روسيا «أمر خطير للغاية واستفزازي»، واتهم الحلف بأنه ينطلق من «رغبة متفاخرة بألّا تأخذ تصريحات الرئيس الروسي على مَحمل الجِد... وهذه خطوة قصيرة النظر وغير مهنية، على الإطلاق».

وهكذا، بين تحذيرات بوتين و«ثقة» الغرب بأن روسيا لن تستطيع القيام بخطوات فعالة لمواجهة الاستحقاق الخطير، يدرس الكرملين الخيارات المُتاحة للردّ، وسط ازدياد كلام داخل روسيا عن احتمال اللجوء إلى أسلحة غير تقليدية إذا ما تعرّضت روسيا، فعلياً، لهجمات من شأنها أن تهدد سيادتها وسلامة أراضيها.

للتوضيح، فإن هذه العبارة تحديداً «تهديد السيادة وسلامة الأراضي» هي التي تحدد شرط استخدام كل القدرات الروسية التقليدية وغير التقليدية، وفقاً لاستراتيجية الأمن القومي لروسيا.

صواريخ «ناتو» ولكن... هل تشكل الصواريخ خطراً جدياً؟

هذا السؤال يبرز بشكل واسع حالياً في تحليلات الخبراء الروس والغربيين. والكلام يدور بالدرجة الأولى حول نظاميْ «أتاكامز» الأميركي، و«ستورم شادو» البريطاني - الفرنسي، إذ يصل مدى الصاروخين إلى نحو 300 كيلومتر، في أحسن الأحوال. وهذا المدى لا يسمح بتهديد الجزء الأعظم من المناطق الروسية، بل يضع في دائرة الخطر فقط مساحة محددة على طول الحدود لا تصل حتى إلى العاصمة موسكو.

بهذا المعنى، ستكون منطقة القرم كلها ومحيط مدن كورسك وبيلغورود وروستوف وبعض المدن المهمة الأخرى في مرمى نيران كييف، وهي أصلاً تقع في المرمى حالياً، مع فارق القوة التدميرية للصواريخ الغربية. والنقطة الأبرز هنا تتمثل في القدرة المباشرة على استهداف منشآت حساسة للغاية، بينها مراكز «القيادة والسيطرة» في روستوف، مثلاً، التي منها تُدار العمليات الحربية في أوكرانيا.

إلا أن الأهم بالنسبة إلى الكرملين أن التغاضي عن تطوّر من هذا النوع سيشجع الغرب على مزيد من الانتهاكات اللاحقة، وربما تطوير قدرات أوكرانيا على ضرب مواقع أكثر حساسية لموسكو.

والحال أن أوكرانيا نجحت حقاً في توجيه ضربات مُوجعة إلى مناطق حساسة باستخدام مُسيّرات طُوّرت وزيد مداها لتتجاوز في بعض الحالات 700 أو 800 كيلومتر، لذا فإن التهديد مع الصواريخ الغربية يغدو أكبر، وفقاً للخبراء.

النقطة الثانية المهمة هنا هي المقصود بعبارة «العمق الروسي». فعندما تطلب أوكرانيا من الغرب العون في استهداف مناطق في الداخل الروسي، يظهر على الفور تباين لدى الأوساط الغربية بين السماح بتوجيه ضربات «إلى مناطق أوكرانية محتلة»، أو مناطق «ينطلق منها الخطر على الأراضي الأوكرانية»، دون الإشارة بشكل مباشر إلى استهداف المدن الكبرى والمواقع الحساسة للغاية والبعيدة عن خطوط التَّماس، وفق الفهم الأوكراني القائم على توفير معادلة «ردع متكافئ». والمعنى المقصود أن استهداف المدن الأوكرانية ومنشآت البنى التحتية في مدن بعيدة عن خطوط التَّماس يجب أن يقابله «وصول نيران المعارك إلى المدن الروسية».

لذا ترى موسكو أن إعطاء الغرب «الضوء الأخضر» يعني الانخراط بشكل مباشر في الحرب. وهذا أمر أوضحه بوتين بعبارة إن «الناتو لا يناقش فحسب إمكانية استخدام القوات المسلّحة الأوكرانية أسلحة غربية بعيدة المدى، بل يناقش المشاركة المباشرة في الصراع». وبالنسبة له، فإن أوكرانيا تضرب، بالفعل، الأراضي الروسية بطائرات دون طيار ووسائل أخرى. لكن عندما يتعلّق الأمر باستخدام أسلحة غربية عالية الدقة وبعيدة المدى، «ينبغي أن يكون مفهوماً أن مثل هذه العمليات تجري بمشاركة أفراد عسكريين من دول التحالف، ذلك أنهم وحدهم يمكنهم المشاركة في مهام إطلاق أنظمة الصواريخ وتوجيهها».

تغيير جوهر الصراع

في ضوء ما سبق، يرى الكرملين أن الحرب الأوكرانية قد تكون مُقبلة على تغيير مباشر في جوهر الصراع، وأيضاً في رقعته الجغرافية. وهو يقول بوضوح إن موسكو ستتخذ قراراتها «بناء على التهديدات التي تظهر أمامها».

هذه العبارة بالغة الوضوح لجهة أن موسكو سترى أي البلدان ستعطي «الضوء الأخضر» لأوكرانيا، وستُقْدم على تزويدها بالمُعدات اللازمة لذلك، وأيضاً البلدان التي ستُؤمّن التسهيلات اللوجستية المطلوبة لوصول هذه الإمدادات وتشغيلها على الأراضي الأوكرانية. وفي هذا السياق، لا تُخفي موسكو أنها تدرس خيارات الرد بناءً على تلك المعطيات، ومن هنا جاء التلويح الروسي بأن «ساحة الصراع قد تنتقل إلى أوروبا بشكل مباشر».

إن الخيارات التي يضعها الكرملين لا تستثني، بطبيعة الحال، الردّ النووي في حال دعت الحاجة القصوى لذلك. ولا بد من التذكير بأن بوتين كان قد أمر، خلال الصيف، بإجراء تدريبات غير مسبوقة على السلاح النووي التكتيكي. وشملت التدريبات عدة مراحل تعكس مستوى الجدية والتأهب، بينها عمليات نقل الرؤوس النووية، وتخزينها في مناطق قريبة من خطوط التَّماس المفترضة، ثم تفجير رؤوس نووية تكتيكية؛ أي محدودة الحجم... بما يكفي - مثلاً - لتدمير مدينة صغيرة.

طبعاً، تلك التدريبات استهدفت عدوّاً وهمياً أو افتراضياً. لكن اللافت، خلال اليومين الماضيين، أن قيادة هذا السلاح وجّهت رسالة علنية إلى القائد الأعلى للقوات المسلحة «أي بوتين» تؤكد أنها باتت على أعلى درجات التأهب والاستعداد.

وإذا كانت هذه الرسالة لا تعكس، بالضرورة، تأهباً من جانب الكرملين لاستخدام السلاح النووي بشكل مباشر، فهي - بلا شك - تدخل ضمن الضغوط الروسية على الغرب، وإظهار مستوى الجدية لدى الكرملين للتعامل مع أي تطوّر منتظَر.

3 خيارات لموسكو للرّد على التحديات

بينها فتح جبهات جديدة

قبل أن تنزلق الأمور على الجبهة الروسية - الأوكرانية نحو استخدام السلاح غير التقليدي، وفقاً لرغبات معسكر «الصقور» الروسي، الداعي إلى حسم المواجهة سريعاً، تبرز أمام «الكرملين»، وفقاً لخبراء، رزمة من الخيارات الأخرى التي يبدو أنها قد تُبلور المراحل الأولى من التعامل الروسي مع التهديدات الجديدة. خبراء عسكريون يشيرون، اليوم، إلى ثلاثة مستويات من الرد الروسي المحتمل، يمكن أن تكون مترافقة ومتزامنة، أو يُنتقى بعضها تدريجياً. غير أنها جميعاً لا تستثني مواصلة ضغط الكثافة النارية على كل الجغرافيا الأوكرانية، مع تركيز أساسي على مواقع تجمُّع الأسلحة والخبراء الأجانب ومنشآت الطاقة والإمدادات المختلفة. المستوى الأول يتمثل في تنشيط استهداف الناقلات الغربية التي تحمل الإمدادات إلى أوكرانيا. وهذا يعني استهداف السفن والطائرات وغيرها من الناقلات على الأراضي الأوكرانية، وفي أجواء أوكرانيا ومياهها الإقليمية، خلال المرحلة الأولى. وربما لاحقاً إذا دعت الحاجة إلى استهدافها في مناطق عدة أخرى. والمستوى الثاني يقوم على توجيه ضربات محددة إلى «مناطق انطلاق الخطر». والمقصود هنا مناطق في محيط أوكرانيا تُستخدم لتخزين ونقل المُعدات الغربية إلى كييف، أو قد تُستخدم بصورة مباشرة محطاتِ انطلاق لبعض الهجمات. ووفق خبراء عسكريين، فإن هذا المستوى من الرد محفوف بمخاطر الانزلاق نحو مواجهة مباشرة مع «ناتو»، لكنهم يدافعون عن هذا الخيار بالإشارة إلى أن الضربات الروسية يجب أن تكون محددة ودقيقة، وأن تكون ذرائعها واضحة أيضاً. وهنا لا بد من التذكير بالسجال الذي أثاره الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عندما دعا الغرب أخيراً إلى المساعدة المباشرة في أنظمة الحماية الجوية لأوكرانيا؛ بمعنى أن ينخرط الغرب في تشكيل مظلة جوية تحمي أجواء بلاده. وهذا قد يتطلب إطلاق دفاعات جوية من مناطق مجاورة لأوكرانيا، مثل بولندا ورومانيا. وهنا، لا تُخفي بولندا - مثلاً - تأييدها خطوات من هذا النوع، ولقد برَّرت موقفها بالقول إن عليها «التصدي لصواريخ روسية قد تخترق الأجواء الأوكرانية، وتسقط على أراضي بولندا». لكن مثل هذا المدخل يوفر لموسكو الذرائع الكافية لتبنّي أحد خيارات الرد على التهديد المتصاعد، وفقاً لوجهة نظرها. أخيراً، المستوى الثالث للرد الروسي يقوم على نقل التهديد بتسليح خصوم واشنطن، إلى دائرة التنفيذ العملي، وكان بوتين قد لوَّح بذلك الخيار قبل أشهر. وراهناً يرى خبراء أن موسكو تستطيع مساعدة خصوم واشنطن، وحليفاتها على إيقاع ضربات مُوجعة بالولايات المتحدة في مناطق عدة من العالم. وفي هذا الإطار، يرى بعض الخبراء أن مناطق، مثل سوريا والعراق، قد تشهد تصعيداً قوياً ضد مصالح واشنطن، فضلاً عن مناطق أخرى عدة.