أنقرة تعلن تأسيس نقاط تفتيش على طريق بين منبج والقامشلي

وزير الخارجية التركي ينتقد تصريحات لرئيس البرلمان الأوروبي حول عملية «نبع السلام»

TT

أنقرة تعلن تأسيس نقاط تفتيش على طريق بين منبج والقامشلي

كشفت تركيا عن قيام قواتها بتأسيس نقاط تفتيش على الطريق السريعة «إم 4» الواصلة بين منبج والقامشلي في شمال شرقي سوريا.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في تصريحات أمس، إن قوات عملية «نبع السلام» سيطرت على 600 منطقة سكنية في مساحة 4300 كيلومتر مربع في شمال شرقي سوريا وأسست نقاط تفتيش على الطريق السريعة «إم 4». وأضاف أكار، أنه تم خلال العملية، التي نفذتها القوات التركية وفصائل مسلحة من المعارضة السورية موالية لها، تحييد نحو 1200 إرهابي حتى اليوم (أمس). وشدّد على حزم تركيا فيما يتعلق بالقضاء على ما سماه «التهديد الإرهابي الخطير» في شرق نهر الفرات بسوريا (في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية).
وذكر الوزير التركي، أن أولوية تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) منذ نحو 70 عاماً، كانت القضاء على هذا التهديد بالتحرك مع حلفائها، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي، وتُركت بلاده وحيدة في مواجهة الإرهاب، وإثر ذلك اتخذت خطواتها بنفسها وأطلقت عملية «نبع السلام» في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي «في إطار حق الدفاع المشروع عن النفس».
واتهم أكار مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية، التي تقود تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بتعمد تنفيذ الهجمات من الحدائق والمستشفيات ودور العبادة من أجل إنتاج دعاية مغرضة باستغلال دماء وأرواح المدنيين الأبرياء. وأضاف، أن هدف «الإرهابيين» (المقاتلين الأكراد) كان يتمثل في دفع الجيش التركي للرد والتسبب في سقوط قتلى بين المدنيين، لكن تركيا اكتشفت هذه المكيدة وتصرفت بحذر، قائلاً إن بلاده تنتظر من العالم أن يرى الوجه الحقيقي لـ«هؤلاء الجبناء» الذين التقطت طائرات الجيش التركي المسيّرة صوراً لهم وهم يطلقون النار من داخل كنيسة.
وشدّد أكار على أن تركيا لم ولن تستخدم ذخائر وأسلحة كيميائية محظورة وفق القانون الدولي والاتفاقيات، كما أن الجيش التركي لا يملك وسائط ومعدات لإطلاق الأسلحة الكيميائية. ولفت أكار إلى استمرار النظام السوري فيما سماه «الاستفزازات» في منطقة خفض التصعيد في إدلب، دون أن يتخلى عن مساعيه لطرح حل بالطرق العسكرية للأزمة السورية، مشيراً إلى أن تركيا تتابع بشكل فعال الوضع في منطقة تل رفعت، وتواصل المباحثات مع روسيا للتوصل إلى اتفاق من أجل تكثيف الدوريات العسكرية في المنطقة.
في السياق ذاته، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إنه لا يمكن وضع خطة في سوريا والمنطقة من دون تركيا، لافتاً إلى أن زيارة الرئيس رجب طيب إردوغان، إلى واشنطن في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي: «كانت زيارة ناجحة بالنسبة لنا». وأضاف أن سبب ذلك هو أن إردوغان طرح عبر هذه الزيارة مواقف تركيا بشكل واضح وصريح، و«من هنا يتضح لنا أنه لا يمكن وضع خطة في سوريا والمنطقة من دون تركيا». وأشار كالين إلى أن اللجنة الدستورية بدأت أعمالها وعقدت اجتماعها الأول في نهاية أكتوبر الماضي، وسيعقد الاجتماع الثاني في نهاية نوفمبر الحالي، وسيكون للنتائج التي ستتمخض عنها هذه الاجتماعات أهمية كبيرة في دفع سير العملية السياسية في سوريا. وأضاف كالين: «سيتم، بعد ذلك، طرح عملية إجراء الانتخابات في سوريا على جدول الأعمال عقب الاتفاق على الإجراءات والمبادئ المتعلقة بتعديل الدستور أو كتابة دستور جديد». وتابع: «وفقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 2254، فإن إكمال عمل اللجنة الدستورية والانتخابات اللاحقة لها سيكون لهما دور حاسم في تقدم العملية السياسية في سوريا... نهجنا يتمثل في ضمان تصويت جميع السوريين داخل سوريا وخارجها في هذه الانتخابات، وأن تجري الانتخابات بحضور مراقبين دوليين». وأكد المتحدث التركي أهمية أن تلعب الأمم المتحدة ودول أخرى دوراً مُيسِراً في هذا الصدد؛ حتى يمكن الوصول إلى مرحلة مهمة فيما يتعلق بمستقبل نظام بشار الأسد وانعكاس إرادة الشعب السوري في صندوق الاقتراع.
من جانبه، انتقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو تصريحات رئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي، التي انتقد فيها عملية «نبع السلام» العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا. وعلق جاويش أوغلو، على تغريدة للمسؤول الأوروبي كتبها أول من أمس عقب لقائهما في بروكسل منتقداً فيها عملية «نبع السلام» وفعاليات تركيا للتنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، قائلاً: «رئيس البرلمان الأوروبي، الذي لم يستطع أن يقول شيئاً بوجهي مما ادعاه في تغريدته، يعد مثالاً جديداً على موقف الاتحاد الأوروبي المنافق وغير المخلص». وأضاف الوزير التركي عبر «تويتر»، أن «الشخص الذي يمثل الشعوب الأوروبية، قام بتحريف فحوى اللقاء الذي جرى بيننا، وإنني أشعر بخيبة أمل حيال هذا التصرف».
على صعيد آخر، بدأت السلطات التركية رفع الحواجز الإسمنتية، في معبر أكتشا قلعة الحدودي المقابل لمدينة تل أبيض في ريف محافظة الرقة الشمالي، في خطوة لإعادة افتتاحه والسماح بعبور الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية كمرحلة أولى. وبحسب مصادر تركية، فإن المعبر سيتم تأهيله بالكامل خلال الأيام القليلة المقبلة، ليكون مفتوحاً أمام الحركة التجارية وأمام السوريين الراغبين في العودة إلى بلادهم.
وسمح، أول من أمس للمرة الأولى، لعائلات مدنية نازحة من تل أبيض ومناطق مجاورة لها قادمة من مناطق درع الفرات الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، بالدخول من معبر أكتشا قلعة نحو تل أبيض، إضافة إلى دخول شاحنات تحمل أمتعتهم، وأخرى محملة بالمواد الإغاثية والمساعدات الإنسانية. وكانت السلطات التركية أغلقت المعبر بحواجز إسمنتية قبل 4 أعوام، بسبب سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» على مدينة تل أبيض المقابلة للمعبر، وأعادت فتحه بعد سيطرة فصائل المعارضة الموالية لها على المدينة خلال عملية «نبع السلام».
في سياق متصل، استهدفت طائرة تركية مسيرة، ليل الأربعاء - الخميس، سيارة تقل 5 أشخاص بقرية قرنفل جنوب غربي تل أبيض، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى. وقالت مصادر قريبة من الإدارة الذاتية الكردية إن طائرة تركية مسيرة استهدفت سيارة كانت تقل مدنيين بقرية قرنفل، أدت إلى مقتل مدنيين إلى جانب جرح آخرين بينهم طفلان. وذكرت مصادر محلية، أن السيارة كانت تقل مدنيين، وأن القرية خالية من أي عناصر تابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) أو غيرها. وقال مصطفى بالي، المتحدث باسم «قسد»: «قتل مدنيان اثنان على الأقل في هجوم جوي تركي على سيارة مدنية في ريف كوباني (عين العرب) وفقاً للمعلومات الأولية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.