زيادة رواتب في سوريا لا ترمم القدرة الشرائية المتآكلةhttps://aawsat.com/home/article/2002736/%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AA%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D8%B1%D9%85%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%A2%D9%83%D9%84%D8%A9
زيادة رواتب في سوريا لا ترمم القدرة الشرائية المتآكلة
دمشق:«الشرق الأوسط»
TT
20
دمشق:«الشرق الأوسط»
TT
زيادة رواتب في سوريا لا ترمم القدرة الشرائية المتآكلة
في إجراء بدا كأنه تنفيس للاحتقان المتزايد في الشارع السوري جراء ارتفاع جنوني للأسعار وتدهور متسارع في قيمة الليرة، قام النظام السوري بزيادة رواتب الموظفين عشرين ألف ليرة، أي ما يعادل 25 دولاراً، وهي زيادة انتظرها السوريون طويلا بعد تآكل قدرتهم الشرائية إلى حد العدم. يتراوح متوسط رواتب وأجور العاملين في القطاع العام بين عشرين ألف ليرة (25 دولارا) وأربعين ألف ليرة (60 دولاراً)، شهريا، وفي القطاع الخاص بين 100 ألف ليرة (140 دولاراً) و150 ألف ليرة (200 دولار) شهرياً، في حين يحتاج الفرد إلى أكثر من مائة ألف ليرة للعيش بالحد الأدنى. وجاء تدهور قيمة الليرة إلى حد غير مسبوق في تاريخ سوريا؛ حيث تجاوز سعر صرف الدولار حد 750 ليرة، ليتسبب بموجة جديدة في ارتفاع الأسعار تكاد تقضي على القدرة الشرائية للسوريين. وقالت مصادر تجارية في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن «أسواق دمشق تعيش أسوأ أيامها منذ بداية الحرب عام 2011»، مضيفة أن «ارتفاع سعر الصرف شل حركة السوق. الكل في حال ترقب لما سيؤول إليه سعر الصرف، أما الناس فتكاد تقتصر حركة الشراء لديها عموما على المواد الغذائية الضرورية». ورأت المصادر في زيادة الرواتب «إجراء غير مجد لتحسين معيشة الفرد»، إذ «الأهم هو تحسين قيمة الليرة، أما زيادة الرواتب مع ارتفاع سعر الصرف فهي تثبيت لسعره المرتفع». وحذرت المصادر من هزة اقتصادية واجتماعية «يؤخرها زيادة الرواتب لكن لن تمنعها مع اشتداد حالة الفقر وازدياد أعداد الفقراء». وقال بيان رسمي صادر عن رئاسة الجمهورية السورية إن مرسومي زيادة الرواتب صدرا بعد «متابعة للمتغيرات الاقتصادية ومنعكساتها، وبعد سلسلة مداولات بدأت منتصف العام الحالي بين الفرق واللجان الحكومية المختصة، ومناقشة جميع البيانات والمعطيات، وبعد أن تم تصديق نتائجها من اللجنة الاقتصادية وعرضها على مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة المنعقدة بتاريخ 17-11-2019». وصدر يوم أمس في دمشق مرسومان بزيادة الرواتب والأجور؛ الأول شمل المدنيين والعسكريين، والثاني شمل المتقاعدين. وقضى المرسوم رقم 23 لعام 2019 بزيادة 20 ألف ليرة للرواتب والأجور الشهرية للعسكريين والمدنيين، بعد دمج التعويض المعيشي الحالي مع أساس الراتب المقطوع ليكون جزءا منه، فيما قضى المرسوم التشريعي رقم 24 للعام 2019 بزيادة 16 ألف ليرة لأصحاب المعاشات التقاعدية من عسكريين ومدنيين، أيضا بعد إضافة التعويض المعيشي لمعاشهم التقاعدي. وشمل المرسوم كافة العسكريين والمدنيين العاملين في الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة وشركات ومنشآت القطاع العام والبلديات ووحدات الإدارة المحلية والعمل الشعبي وغيرها، إضافة إلى جهات القطاع العام والمشترك الذي لا تقل نسبة مساهمة الدولة فيها عن 75 في المائة من رأسمالها. كما شمل المرسوم 23 المشاهرين والمياومين والمؤقتين، سواء كانوا وكلاء أم عرضيين أم موسميين أم متعاقدين بعقود استخدام أو معينين بجداول تنقيط أو بموجب صكوك إدارية وكذلك الذين يعملون على أساس الدوام الجزئي أو على أساس الإنتاج أو الأجر الثابت والمتحول. كما زاد المرسوم 23 الحد الأدنى العام للأجور والحد الأدنى لأجور المهن لعمال القطاع الخاص والتعاوني والمشترك ليصبح 47675 ليرة سورية شهريا. واعتبرت مصادر اقتصادية متابعة أن زيادة الرواتب لن تسد الفجوة بين ارتفاع الأسعار والرواتب والأجور، الناجمة عن تدهور قيمة الليرة، لكنها ستحقق وفراً إضافياً في الخزينة العامة، نظراً لعملية خفض قيمة الليرة التي تمت وفق منهجية مدروسة من قبل الحكومة في دمشق خلال الأسابيع القليلة الماضية لتصل إلى مستوى قياسي، وبما يسمح بخفض قيمة كتلة الرواتب والأجور التي تشكل القسم الأكبر من مصاريف الخزينة. وكانت آخر زيادة في الرواتب للموظفين المدنيين بـ7500 ليرة تمت تقريباً عام 2016، أما آخر زيادة للعسكريين فكانت عام 2018.
قوافل «زاد العزة» محملة بنحو 1300 طناً من المساعدات الغذائية والطبية العاجلة تنطلق إلى غزة (الهلال الأحمر المصري)
القاهرة:«الشرق الأوسط»
TT
20
القاهرة:«الشرق الأوسط»
TT
«خطط الضم والرهائن» البديلة... هل تهدد جهود الهدنة بغزة؟
قوافل «زاد العزة» محملة بنحو 1300 طناً من المساعدات الغذائية والطبية العاجلة تنطلق إلى غزة (الهلال الأحمر المصري)
مرّ أسبوع على تعليق مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، خفت فيه صوت المحادثات وعلت التهديدات الأميركية والإسرائيلية باللجوء إلى «خطط بديلة» بعد رفض ردّ «حماس» على مقترح الهدنة المحتملة التي تصل إلى 60 يوماً.
تلك الأحاديث الأميركية والإسرائيلية التي لم تخلُ من الحديث عن هدنة، وتقابلها جهود مصرية-قطرية متواصلة لعودة المفاوضات، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في إطار الضغط على «حماس» للقبول بالمقترح دون تعديلات أو مواجهة تصعيد غير مسبوق، متوقعين أن تنجح جهود الوسطاء في إنقاذ المحادثات والتوصل لاتفاق قريباً.
يحمل مشيعون جثامين فلسطينيين قُتلوا الليلة الماضية في غارة إسرائيلية جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
ومنذ إعلان واشنطن ومكتب نتنياهو الانسحاب من مفاوضات الدوحة بهدف «التشاور»، الخميس، 24 يوليو (تموز) الحالي، في بيانات رسمية منفصلة، توالت الأحاديث الأميركية والإسرائيلية على مدار 6 أيام عن خطط «بديلة» تتعلق أحدثها باحتلال أراضٍ جديدة في غزة حال فشلت المفاوضات، بخلاف التلويح باغتيالات لقادة «حماس» أو ملاحقاتهم بالعقوبات المالية.
وكشفت صحيفة «هآرتس»، الثلاثاء، النقاب عن اتجاه رئيس حكومة إسرائيل لعرض خطة على مجلس الوزراء المصغر لـ«ضم أراضٍ في قطاع غزة، في محاولة للإبقاء على وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في حكومته».
ووفقاً للخطة «التي تحدث نتنياهو أنه حصل بشأنها على ضوء أخضر من إدارة دونالد ترمب، ستعلن إسرائيل أنها تمنح (حماس) عدة أيام للموافقة على وقف إطلاق النار، وإذا لم توافق فستبدأ في ضم أراضي القطاع»، وفق المصدر ذاته.
وذكرت شبكة «إيه بي سي نيوز» الأميركية، اليوم (الثلاثاء)، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدرس ضم أراضٍ في غزة إلى بلاده إذا لم توافق «حماس» على خطة لوقف إطلاق النار.
ونقلت الشبكة عن مصدر قوله إن ضم أراضٍ في غزة هو واحد من عدة خيارات يدرسها نتنياهو في حال لم توافق «حماس» على وقف إطلاق النار.
أطفال مصابون ينتظرون العلاج في مجمع ناصر الطبي بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
وحذرت وزارة الخارجية الفلسطينية، الثلاثاء، من الضم التدريجي لقطاع غزة، وقالت إنه مقدمة للتهجير وتقويض فرصة تجسيد الدولة.
وسبق أن أعلن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، عودة فريقهما من الدوحة التي تستضيف مفاوضات منذ 6 يوليو (تموز) بشأن غزة، بهدف التشاور، والحديث عن دراسة «خيارات بديلة» لعودة الرهائن، دون أن يحدداها.
وقال ترمب، الجمعة: «أعتقد أنهم يريدون الموت، وهذا أمرٌ سيئ للغاية. لقد وصل الأمر إلى حدٍّ يُجبرنا على إنهاء المهمة» وفق شبكة «سي إن إن».
وهدد وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، الاثنين، بأنه إذا لم تفرج «حماس» عن الرهائن المحتجزين فإن «أبواب الجحيم ستفتح في غزة، وأنا أعني كل كلمة أقولها».
وأعلن ترمب، الاثنين، للصحافيين في اسكوتلندا، في لقاء مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أن التعامل مع «حماس» أصبح صعباً في الأيام القليلة الماضية، كاشفاً عن أنه تحدث مع نتنياهو عن «خطط مختلفة» لإعادة الرهائن.
وقال مسؤولون في إسرائيل إن القيادة السياسية تتجه نحو منح «حماس» مهلة إضافية من أجل الوصول إلى اتفاق، قبل تفعيل «بدائل» أخرى، وفق مصادر في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، في تصريحات لموقع «واللا» الإسرائيلي، الاثنين.
وتوقعت وسائل إعلام إسرائيلية في الأيام الماضية أن الخيارات تتضمّن احتلال القطاع احتلالاً كاملاً، وفرض حصار شامل، أو تقديم دعم أميركي مباشر إلى عمليات كوماندوز لتحرير المخطوفين من أنفاق «حماس»، وممارسة ضغوط على قطر ومصر وتركيا لطرد قادة الحركة، أو منح إسرائيل الضوء الأخضر لاستهداف قيادات التنظيم في الخارج. وحسب تقرير لـ«القناة 12» الإسرائيلية، يبدو السيناريو الأخير بعيداً.
تلك الخطط المتواصلة تأتي رغم إعلان وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الأحد، في تصريحات لقناة «فوكس نيوز» بأنه قد تم إحراز «تقدم كبير» في المفاوضات، وأنهم «باتوا قريبين جداً» من اتفاق.
مساعدات غذائية وطبية مصرية في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)
ويعتقد عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن هذه الخطط البديلة، وأحدثها مخطط الضم، يعني تنفيذها انهيار المفاوضات، ومجرد طرحها يعد تعالياً على المحادثات ومحاولة لتفجيرها، أو في إطار الضغوط لتحقيق مكاسب في اللحظات الأخيرة، مستغرباً أن تطرح بعض الأطراف هذا الطرح في ذلك التوقيت بعد نحو عامين من الحرب.
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن أحاديث ويتكوف وترمب ونتنياهو تشير إلى أن المسار الحالي لم يؤدِ للنتائج التي ترغبها الولايات المتحدة، وقد نرى مسارات تتعلق بمحاولات استخراج الرهائن عسكرياً أو اكتمال احتلال غزة والضغط على قيادة «حماس» بالخارج بتفعيل الاغتيالات ومصادرة الأموال، متوقعاً أن تمضي إسرائيل على هذا المخططات في الفترة المقبلة، حال أي تعثر بالمفاوضات.
وأكد أن طرح هذه الخطط يعني بالنسبة لواشنطن وإسرائيل الوصول للحد الأقصى للضغط على «حماس»، وهذا بكل تأكيد يهدد جهود الوسطاء.
بالمقابل، تواصلت تطمينات الوسيطين المصري والقطري خلال هذا الأسبوع باستمرار المفاوضات «المعقدة» في بيانين مشتركين، بخلاف لقاءات مصرية عربية أوروبية حديثة في نيويورك تطرقت لأهمية وقف إطلاق النار بغزة.
وأكد الوسيطان؛ مصر وقطر، «التزامهما الكامل بمواصلة المفاوضات وبذل الجهود لسرعة التوصل لاتفاق شامل لوقف إطلاق النار». بحسب ما ذكره وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي، ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثان، خلال اتصال هاتفي، وفق بيان للخارجية المصرية، الأحد.
وسبق للبلدين الوسيطين أن أكدا في بيان مشترك، الجمعة، استمرار المفاوضات «المعقدة»، وأن «تعليقها لعقد المشاورات من جانب (إسرائيل وواشنطن) قبل استئناف الحوار مرة أخرى يعد أمراً طبيعياً».
وعلى هامش المؤتمر الدولي لتنفيذ حلّ الدولتين في مقر الأمم المتحدة، بحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الثلاثاء، مع نظراء عرب وغربيين، آخر مستجدات مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، مشدداً على «ضرورة مواصلة الضغط على إسرائيل للتوقف عن عدوانها الغاشم على قطاع غزة واستخدامها سياسة التجويع ضد المدنيين، في انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، وضرورة تضافر الجهود الدولية لحقن دماء الشعب الفلسطيني وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع دون عوائق».
وتمت تلك المحادثات بين الوزير المصري ونظيره البريطاني، ديفيد لامي، ووزير الدولة بوزارة الخارجية الألمانية فلوريان هان سيرغي فيرشينن، نائب وزير خارجية روسيا، ورئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى، ونظيره القطري الشيخ، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، ونظيره الأردني، أيمن الصفدي، وفق بيانات منفصلة للخارجية المصرية.
فيما غادر وفد «حماس» المفاوض، الثلاثاء، العاصمة القطرية الدوحة متوجهاً إلى تركيا بهدف بحث «آخر التطورات» بعد تعثر المفاوضات مع إسرائيل حول وقف لإطلاق النار في غزة، بحسب ما أفاد مسؤول في الحركة لوكالة الصحافة الفرنسية.
ويرى أنور أن الوسيطين المصري والقطري يبذلان كل الجهود لمنع الدخول في تعثر جديد بسبب الخلافات، ويتمسكان لآخر لحظة بالمحادثات، بعيداً عن ضغوط أي طرف، مؤكداً أن التفاوض هو الطريق الصحيح لإنهاء الأزمة، وأي مسار بديل عنه لن يصل لنتيجة. ويتوقع أن تذهب المفاوضات لاتفاق، مرجحاً حدوث «تقدم» في المحادثات قريباً.
ويعتقد مطاوع أن التصريحات المصرية القطرية محاولة لإنقاذ المفاوضات لإدراك الوسيطين خطورة الخروج عن هذا المسار، وتعد استباقية جراء توقع بأنه ستكون هناك ترتيبات مختلفة تهدد المحادثات.
ويرى مطاوع أن المفاوضات ستكون معقدة حال التأمت مجدداً، متوقعاً أن يدفع هذا الضغط الأميركي «حماس» لقبول المقترح كما هو دون تعديلات منعاً لخسائر أكبر.
وفي ظل هدنة إنسانية مؤقتة تتواصل بالقطاع، تحركت شاحنات المساعدات من معبر رفح إلى نظيره كرم أبو سالم، ودخلت عشرات من شاحنات المساعدات الإنسانية، الثلاثاء، من مصر، وفق ما نقلته قناة «القاهرة الإخبارية» التلفزيونية.