تأهب إسرائيلي لهجمات إيرانية متوقعة

تدريبات في مطار بن غوريون... واستعداد لثلاثة سيناريوهات محتملة

TT

تأهب إسرائيلي لهجمات إيرانية متوقعة

توقعت جهات أمنية رفيعة، في تل أبيب، أمس (الخميس)، أن يرد الإيرانيون على «الغارات الإسرائيلية القاسية»، بقصف أهداف في قواعد الجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان السورية المحتلة، أو حتى في داخل إسرائيل.
وقالت تلك المصادر إن «الاشتباك الحربي في الجبهة الشمالية لم ينتهِ بعد» مضيفة أن «هذه مواجهة حساسة، كل شيء فيها حساس وله أبعاد كبيرة وربما استراتيجية»، مشيرين إلى أن «الإيرانيين لا يقبلون بأن يمرّ هجوم كهذا من دون رد، خصوصاً أنهم غيروا سياستهم مؤخراً، وقرروا أن يردوا مباشرة على الضربات الإسرائيلية، وأن يتخلوا عن السياسة التي كانت متبعة في الماضي».
وأكدت المصادر أن إسرائيل باتت في حالة ترقب، تأهباً لمواجهة أي ردود إيرانية. كاشفة عن تدريبات عسكرية لمدة ست ساعات، تبدأ اليوم (الجمعة)، في مطار بن غوريون الدولي، وبموجبها سيتم إغلاق الصالة الأولى. كما ذكرت المناورات التي جرت مؤخراً في إسرائيل، بدءاً بالتمرين الدولي لأسلحة الجو «العلم الأزرق» («BLUE FLAG»)، الذي جرى في قاعدة عوفدا الجوية جنوب إسرائيل، خلال الأسبوعيْن الأولين من هذا الشهر، بحضور قائد سلاح الجو الأميركي، الجنرال ديفيد جولدفاين.
وأضافت المصادر أن التدريب العسكري المحلي المفاجئ، الذي أجرته قوات الجيش الإسرائيلي المرابطة في المنطقة الشمالية على الحدود مع سوريا ولبنان، إضافة إلى تدريب في منطقة مرج ابن عامر، في الجليل الأسفل، التي أخذت كلها بالاعتبار احتمالات تعرض إسرائيل لهجوم صاروخي إيراني مباشر، وليس فقط عبر أذرعها وميليشياتها في سوريا. وقالت المصادر إن التدريبات حاكت مواجهة هجمات صاروخية من سوريا أو لبنان أو كليهما معاً، وكذلك من سوريا والعراق وحتى إيران، مع الأخذ بالاعتبار احتمال قيام «الجهاد الإسلامي» بالانضمام بهجمة صاروخية من قطاع غزة.
وقالت المصادر إن إسرائيل تتوقع حدوث واحد من ثلاثة سيناريوهات محتملة في الشمال، أولها أن يتجاهل الإيرانيون الضربة لقياداتهم ومنشآتهم في دمشق، حتى الحادثة التالية. لكن احتمال أن يتحقق هذا السيناريو ليس عالياً، وذلك لأن إيران تكبدت خسائر وأضراراً لمنظومة القيادة، والتحكم والبنى التحتية لها في سوريا، خصوصاً أن إسرائيل حتى لا تختبئ خلف ذريعة مهاجمة أسلحة متطورة هُرّبت إلى سوريا، كانت الأهداف التي تقررت في سلاح الجو الإسرائيلي أساساً قيادات رئيسية في منطقة دمشق؛ واحدة لـ«قوة القدس» نفسها، والثانية للميليشيات الشيعية المؤيدة لإيران، أما السيناريو الثاني فهو أن ترد إيران بضربات صاروخية محدودة، نحو أهداف عسكرية في الشمال. والسيناريو الثالث إطلاق صواريخ دقيقة نحو مواقع لبنى تحتية في عمق إسرائيل.
وأشارت مصادر سياسية مقربة من وزارة الدفاع الإسرائيلية إلى أن إسرائيل ليست معنية بالتصعيد مع إيران، وإذا لم يردوا على الغارات الأخيرة فإن إسرائيل أيضاً لن تقصف. وقد انتقدت هذه المصادر تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد، نفتالي بنيت، التي هدد بها قادة النظام الإيراني بالقول إنهم لن يكونوا محصنين بعد اليوم. وانتقدت هذه المصادر، وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس (الخميس)، وزير الدفاع نفتالي بينيت، ووصفت تصرفه بالطفل الذي يحرك ألعاباً نارية، مشيرة إلى أن حديثه حول القادة الإيرانيين، بقوله: «لم تعودوا محصنين»، يُؤخذ بجدية في طهران، متسائلة: «منذ متى تمس إسرائيل بزعماء دول أجنبية، حتى لو كانت معادية، بل وتعلن عن ذلك مسبقاً؟!».
وقالت مصادر أخرى إن إسرائيل فوجئت كثيراً برد الفعل الروسي على هذه الغارات، على الرغم أن إسرائيل أبلغت الروس في سوريا، عبر لجنة التنسيق العسكري العليا للجيشين، بأمر تلك الغارات، قبل بضع دقائق من تنفيذها، كما جرت العادة، إلا أن موسكو هاجمت إسرائيل ببيان رسمي من وزارة الخارجية، إذ كشفوا تفاصيل تلك الغارات، بشكل أحرج بعض الدول، إذ أشاروا إلى أن الهجوم الإسرائيلي هو الرابع في سلسلة هجمات جوية نفذتها إسرائيل منذ محاولة تصفية رجل «الجهاد الإسلامي»، أكرم العجوري، في حي الدبلوماسيين بدمشق، في 12 من هذا الشهر. وكشفوا أن إسرائيل هاجمت أيضاً في 18 من الشهر أهدافاً على حدود سوريا - العراق، وفي 19 من الشهر، حسب البيان الروسي، هاجمت إسرائيل المطار في دمشق، واقتحمت الأجواء اللبنانية. وتم اعتبار هذا النشر تعبيراً عن الغضب وتحذيراً مما هو قادم.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».