خبراء يتهمون عون بـ«خرق الدستور»

TT

خبراء يتهمون عون بـ«خرق الدستور»

يتهم خبراء دستوريون رئيس الجمهورية ميشال عون، الممتنع عن الدعوة لإجراء استشارات نيابية ملزمة، وتسمية رئيس الحكومة العتيد الذي يتولّى تشكيل الحكومة الجديدة، رغم مرور ثلاثة أسابيع على استقالة حكومة سعد الحريري، بـ«اعتماد أعراف تخالف جوهر الدستور، وتضعه أمام المساءلة».
وكان عون أبلغ المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، أنه يواصل جهوده لتشكيل حكومة جديدة يتوفر لها الغطاء السياسي، وتضم ممثلين عن مختلف المكونات السياسية في البلاد ووزراء تكنوقراط من ذوي الاختصاص والكفاءة والسمعة الطيبة، إضافة إلى ممثلين عن «الحراك الشعبي». وقال عون: «سوف أحدد موعداً للاستشارات النيابية الملزمة، فور انتهاء المشاورات مع القيادات السياسية المعنية بتشكيل الحكومة، والتي تهدف إلى إزالة العقبات أمام هذا التشكيل وتسهيل مهمة الرئيس المكلف منعاً لحصول فراغ حكومي في البلاد». وأضاف أنه يعمل على وضع مواصفات محددة لشكل الحكومة «لا بد لأي شخصية ستتولى رئاستها أن توافق عليها».
ورأى النائب السابق المحامي بطرس حرب، أنها «ليست المرّة الأولى التي تتأخّر فيها الاستشارات النيابية، إلا أنها المرّة الأولى التي تشهد تجاوزاً لصلاحيات رئيس الحكومة، ومصادرة دوره قبل أن يسميه النواب عبر استشارات التكليف الملزمة». وأكد حرب في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «مسؤولية رئيس الجمهورية بالدرجة الأولى الحفاظ على الدستور ووحدة البلاد، بدل إدخال البلد في مأزق تأليف الحكومة، من دون رؤية لوسائل الخروج من هذا المأزق».
ولفت حرب، وهو مشرّع وخبير دستوري، إلى أن الرئيس عون «أعلن رسمياً أنه لم يترك لرئيس الحكومة صلاحية إجراء استشارات لاختيار الوزراء، ليعرضهم على رئيس الجمهورية، الذي له الحقّ بأن يوافق أو يرفض التوقيع على مرسوم تشكيل الحكومة»، مؤكداً أن «هذا الأسلوب يشكّل سابقة بتاريخ لبنان، وخطورته أنه يأتي في ظلّ الظروف المضطربة، مما قد يؤدي إلى نتائج عكسية قد تفتح البلاد على مزيد من التأزم»، مبدياً استغرابه لأن «هذه السياسة تساهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة بتأزيم الوضع، كلّ ذلك من أجل الحفاظ على تركيبة سياسية يرفضها الشعب اللبناني، ويواجهها بثورة تشمل كلّ لبنان».
من جهته، اعتبر الخبير الدستوري المحامي حسّان الرفاعي، أن «ممارسات رئيس الجمهورية تنطوي على خرق فاضح ومتماد للدستور اللبناني»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الرئيس عون «يمعن في خرق الدستور عبر تأخير الدعوة إلى استشارات نيابية ملزمة لتكليف رئيس للحكومة، ويجري بنفسه استشارات التأليف ضارباً بصلاحية رئيس الحكومة الذي سيسمّيه النواب عرض الحائط، وسيكون مسؤولاً أمامهم وخاضعاً لمحاسبتهم»، لافتاً إلى أن «هذا الخرق يضع رئيس البلاد أمام أحكام المادة 60 من الدستور، التي تستدعي محاكمته بخرق الدستور، ومن شأن التمادي في ذلك أن يقود إلى محاكمته بجرم الخيانة العظمى».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.