الجزائر: سجن مستشار لدى بوتفليقة ورجل أعمال مقرب من مرشح لـ«الرئاسية»

سلطة الانتخابات تحذر «معرقلي» حملة المترشحين الخمسة

TT

الجزائر: سجن مستشار لدى بوتفليقة ورجل أعمال مقرب من مرشح لـ«الرئاسية»

بينما أودع القضاء الجزائري مستشاراً لدى الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ورجل أعمال مقرباً من أحد المترشحين للانتخابات، المقررة في 12 من الشهر المقبل، الحبس المؤقت، أكد رئيس «سلطة الانتخابات»، أن «الشعب الجزائري قرر الذهاب بقوة إلى صناديق الاقتراع»؛ وهو ما فهم منه أنه تقليل من تأثير الحراك الشعبي الرافض للاستحقاق، على توجهات الناخبين.
وأفادت مصادر قضائية لوسائل إعلام، أمس، بأن قاضي التحقيق بمحكمة بالعاصمة أمر بحبس زين حشيشي، الذي كان مستشاراً بالرئاسة في فترة حكم بوتفليقة (1999 - 2019) بعد أن وجّه له تهم فساد، كتبييض أموال، وتلقي رشى في صفقات تخص مشروعات حكومية، وأكدت أن قاضي التحقيق بالمحكمة نفسها اتهم رجل الأعمال عمر عليلات بـ«التمويل الخفي» لحملة مترشح لانتخابات الرئاسة، الجارية منذ أربعة أيام، من دون توضيح من هو، لكن المعروف في الأوساط السياسية والإعلامية، أن عليلات هو أحد رجال المترشح ورئيس الوزراء السابق عبد المجيد تبَون.
وظهر عليلات بجنب تبون في الأيام الأولى لتوليه رئاسة الوزراء كواحد من أبرز مساعديه، ثم اختفى رجل الأعمال من المشهد، إثر إقالة تبون من المنصب، بعد شهرين فقط من تعيينه (صيف 2017). وذكرت المصادر القضائية، أن عليلات متهم أيضاً بغسل أموال، شكلت مصدراً لتمويل حملة المترشح.
ويواجه تبون، الذي يوصف بـ«مرشح السلطة»، متاعب منذ انطلاق الحملة الانتخابية. فقد استقال مدير حملته، سفير الجزائر بواشنطن السابق عبد الله باعلي لأسباب غير معروفة. وقالت صحيفة محلية، إن الاستقالة كانت احتجاجاً على لقاء جمع تبون بمسؤولين عسكريين، تعهدوا له بدعمه في الانتخابات. ولم ينف باعلي أو تبون هذه الأخبار.
من جهته، صرح محمد شرفي، رئيس «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات»، في مؤتمر صحافي بالعاصمة، بأن عملية مراجعة «اللائحة الانتخابية» أسفرت عن نحو 24.5 مليون ناخب مسجل بها، يوجد من بينهم 900 ألف يقيمون بالخارج. وكان تعداد «الهيئة الناخبة» 23.7 مليون في انتخابات البرلمان التي جرت عام 2017.
وقال شرفي، إن «الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام من يعرقلون سير الحملة الانتخابية»، في إشارة إلى نشطاء الحراك الشعبي بولايات عدة، حاولوا منع مترشحين من عقد تجمعاتهم. وقد اعتقلت قوات الأمن الكثير منهم وأحالتهم على القضاء، وتمت إدانة بعضهم بالسجن مع التنفيذ. وقد أثارت الاعتقالات والمحاكمات استياء منظمات حقوقية محلية ودولية. يشار إلى أن 5 مترشحين يخوضون المعترك الانتخابي، أربعة منهم اشتغلوا مع بوتفليقة في مناصب كبيرة، وكلهم يواجهون صعوبات لتنظيم لقاءات مع أنصارهم بسبب حالة الرفض الشعبي للانتخابات.
وفي سياق التحضير للموعد السياسي المرتقب، قال قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، في خطاب أمس، وهو الثاني في يومين، بمناسبة تواجده بمنشأة عسكرية جنوب البلاد، إن وسائل الإعلام والمساجد ومدارس حفظ القرآن، التي تسمى محلياً «الزوايا القرآنية»، «مطالبون بأداء واجبهم بفعلية»، بخصوص تشجيع الجزائريين على الانتخاب، وقال إن «الشعب ينتظر منهم أدواراً تحسيسية».
وأثنى صالح على رئيس الوزراء نور الدين بدوي، الذي اتخذ إجراءات، حسبه، حالت دون تسريح آلاف العمال بشركات حكومية تعاني إفلاساً، وضرب مثالاً بمصنع كبير لإنتاج الحديد بشرق البلاد، قال إنه «كان عرضة لمخططات العصابة، التي حاولت بمختلف الأساليب إضعافه، ووضع العراقيل في مساره، من أجل حرمان اقتصاد بلادنا من القيمة المضافة، التي بإمكان هذا المركب تقديمها، ولا سيما في هذا المجال الحساس»، ويقصد بـ«العصابة» وجهاء نظام الرئيس السابق، سجنهم القضاء بتهم فساد أو بتهمة «التآمر على الجيش»، من بينهم رئيسا الوزراء عبد المالك سلال وأحمد أويحيى، ومديرا المخابرات الفريق محمد مدين واللواء بشير طرطاق.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.