المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين تتجه إلى «طريق مسدود»

الصين تنشئ صندوقاً حكومياً لمنافسة الغرب في التكنولوجيا

TT

المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين تتجه إلى «طريق مسدود»

تتجه المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى طريق مسدود، في ظل استمرار انقسام الجانبين بشأن القضايا الأساسية، حيث تطالب بكين بإلغاء الرسوم الجمركية، بينما تصر الولايات المتحدة على شراء الصين لمزيد من المنتجات الزراعية الأميركية، وتعديل قواعد حقوق الملكية الفكرية المعمول بها في الصين.
وهدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مجددا بفرض رسوم جمركية جديدة على الصين، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.
وقال خلال اجتماع الحكومة أول من أمس الثلاثاء: «سيتعين على الصين عقد صفقة أحبها. إذا لم نتوصل إلى اتفاق مع الصين، فسوف أرفع التعريفات».
يأتي ذلك بعد نحو ستة أسابيع من الإعلان عن الاتفاق المبدئي، من قبل البيت الأبيض في 11 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث وضع ترمب إطاراً يتضمن شراء الصين كميات كبيرة من المنتجات الزراعية الأميركية، إلى جانب تشديد قواعد الملكية الفكرية الصينية، واتفاق العملة، مقابل تخفيف الرسوم الجمركية. وأعلن ترمب، في ذلك الوقت، أنه سيتم الانتهاء من الاتفاق النهائي خلال ثلاثة إلى خمسة أسابيع.
ويهدد استمرار الانقسام بين الجانبين بعدم التوصل إلى اتفاق محدود كمرحلة أولى، كما كان يأمل الرئيس الأميركي. ويواجه ترمب ضغوطاً من أشخاص داخل الإدارة بسبب عدم إحراز تقدم ملحوظ في المفاوضات التجارية، واستمرار رفض بكين متابعة الالتزامات على طاولة المفاوضات.
ويقول النائب الأول السابق للممثل التجاري الأميركي، ستيفن فون: «أي مأزق في المحادثات فسينتج على الأرجح عن عدم رغبة الصين في معالجة المخاوف الأميركية القديمة. لقد كانت الإدارة واضحة للغاية بشأن التغييرات التي تحتاج إليها من الصين. يتعين على الصين الآن أن تقرر ما إذا كانت مستعدة أخيراً لإظهار تقدم حقيقي».
بينما يرى كبير الاستراتيجيين السابقين في البيت الأبيض، ستيفن بانون، أن الولايات المتحدة بحاجة إلى الحفاظ على التعريفة الجمركية في مكانها كأداة ضغط لضمان أن تفي الصين بوعودها، مضيفا أن الثوابت الوحيدة في هذه المفاوضات هي التراجع المستمر من الصين، يقابله حزم ترمب الثابت بمبادئه، وأداة التعريفات.
من ناحية أخرى، أعلنت الصين عن إنشاء صندوق بقيمة 21 مليار دولار لتطوير قطاع التصنيع القائم على التكنولوجيا. وتهدف بكين من ذلك إلى منافسة الولايات المتحدة وتحقيق الريادة عالميا في مجال التكنولوجيا.
وسوف يستثمر الصندوق المدعوم من الحكومة الصينية، والذي تم إنشاؤه يوم الاثنين، في الشركات التي تعمل في قطاع تكنولوجيا المعلومات من الجيل التالي والمعدات الكهربائية، المواد الجديدة. وتعد هذه المجالات الثلاثة من بين القطاعات العشرة المتطورة التي أعطتها الصين الأولوية في خطة «صنع في الصين 2025» للسيطرة على التكنولوجيا في العالم.
وانتقدت إدارة ترمب استراتيجية «صنع في الصين 2025»، مدعية أنها تعتمد بشكل أساسي على الدعم الحكومي، ونقل التكنولوجيا القسري من الشركات الغربية. ورغم تراجع الصين عن هذه الاستراتيجية خلال العام الحالي، فإنها ما زالت تسعى لتجاوز بقية العالم في التكنولوجيا والتصنيع المتقدم.
ويرى الخبراء أن الصندوق الجديد يثير اعتراضات من الولايات المتحدة، بينما تزداد حدة الخلاف بين البلدين حول عدد من القضايا التجارية الأساسية، أهمها انتهاك بكين لحقوق الملكية الفكرية للشركات الأميركية.
وقال المساعد التجاري السابق للولايات المتحدة للصين، جيف مون، إن الصندوق الجديد يعد «أحدث جهد لتعزيز خطة الصين 2025، التي تهدف صراحة إلى تطوير تكنولوجيات متقدمة مع استبعاد الشركات الأجنبية من الأسواق الصينية لتلك التقنيات».
وسوف يستثمر الصندوق الجديد في كل من الشركات المتنامية والقائمة التي تعمل في مجال التكنولوجيا. وهو الصندوق الثاني الذي أنشأته بكين في شهر واحد لدعم قطاعي الصناعة والتكنولوجيا. وتم الإعلان عن الصندوق الأول الشهر الماضي، والذي يبلغ نحو 29 مليار دولار، ويهدف إلى تطوير صناعة أشباه الموصلات.
وعلى مدى السنوات الأخيرة، أنشأت الصين العديد من الصناديق المدعومة من الحكومة والتي تقدر بمليارات الدولارات، وتستهدف قطاعات التصنيع والتكنولوجيا المتقدمة.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.