81 قتيلا وجريحا في معارك غرب العاصمة طرابلس

القوات الليبية تواجه صعوبات لاحتواء الفوضى على الحدود

81 قتيلا وجريحا في معارك غرب العاصمة طرابلس
TT

81 قتيلا وجريحا في معارك غرب العاصمة طرابلس

81 قتيلا وجريحا في معارك غرب العاصمة طرابلس

لقي أمس 21 شخصا مصرعهم، وأصيب أكثر من 60 جريحا، في مواجهات قبلية غرب العاصمة الليبية طرابلس، بعد ساعات فقط من مطالبة بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة مختلف الأطراف بوقف القتال الدائر في البلاد، التي تعاني من فوضى سياسية وعسكرية عارمة بعد مرور أكثر من 3 سنوات على الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
وقال مصدر طبي بمستشفى غريان المركزي، إن المستشفى استقبل 21 قتيلا و60 جريحا جراء الهجوم على مدينة ككلة، مشيرا إلى أن الحالات التي وصلت إلى المستشفى تتراوح بين الإصابات الخطيرة والمتوسطة والبسيطة، وأن بعض الحالات جرى تحويلها إلى مستشفيات طرابلس. وقالت وكالة الأنباء المحلية، إن المعارك التي دارت في مدينة ككلة من قبل ما يسمى جيش القبائل أثناء انسحابه من منطقة «أبو شيبة» ورأس اللفع، أدت إلى نزوح عدد كبير من العائلات من ككلة والقلعة إلى غريان، في حين حثت لجنة الأزمة بغريان على ضرورة تقديم المساعدة لتوفير السكن للعائلات النازحة. وزعم المكتب الإعلامي لعملية فجر ليبيا، أن كتيبتي القعقاع والصواعق ومن سماهم بـ«مرتزقة أفارقة» مساندة لهم باشروا منذ الساعات الأولى لصباح أمس القصف العشوائي لمدينة ككلة بجميع أنواع الأسلحة الثقيلة (غراد وهاوزر ومدفعية ثقيلة) صوب بيوت الآمنين المدنيين دون معرفة أسباب هذا الهجوم الهمجي الذي يستهدف المدينة وسكانها. وقال شهود إن كتائب الزنتان التي تقع على بعد 170 كيلومتر جنوب غربي طرابلس، هاجموا مدينة ككلة التي يساند أهلها ميليشيات فجر ليبيا الإسلامية التي تشكل تحالفا غير متجانس يضم عناصر ميليشيات إسلامية ومن مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) طردت كتائب الزنتان من طرابلس في شهر أغسطس (آب) الماضي بعد أسابيع من المعارك الدامية.
وبعد طرابلس، وسعت ميليشيات فجر ليبيا عملياتها العسكرية إلى غرب العاصمة بمنطقة ورشفانة المتحالفة مع الزنتان والمتهمة بإيواء أنصار للنظام السابق، حيث وتدور معارك شبه يومية بين الطرفين المتنافسين على رغم دعوة الأمم المتحدة إلى وقف إطلاق النار.
وخلال زيارة مفاجئة إلى طرابلس أول من أمس، دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف المعارك في ليبيا لبدء حوار سياسي لإنهاء الفوضى الدستورية وأعمال العنف الذي تجتاح البلاد منذ 3 سنوات. من جهتها، دعت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني كل التشكيلات المسلحة وعلى رأسها فجر ليبيا التي قالت إنها تسيطر بقوة السلاح على العاصمة طرابلس إلى اغتنام ما وصفته بالفرصة التاريخية والانضمام للحوار الوطني الذي ترعاه الأمم المتحدة.
ورحبت حكومة الثني في بيان لها بزيارة كي مون ودعوته الليبيين إلى الدخول في حوار سياسي سلمى، بعيدا عن لغة السلاح لتجاوز الأزمة الراهنة في البلاد. ومنذ سقوط القذافي في 2011 بعد نزاع استمر 8 أشهر، تفرض الميليشيات التي حاربته القانون في بلد غارق في الفوضى مع برلمانين وحكومتين تتنازعان الشرعية. وكشف تقرير أمس عن صعوبات يواجهها حرس الحدود الليبي لاحتواء الفوضى المستشرية تتمثل في نقص عدد الأفراد والمعدات وتفاقم الأوضاع بسبب تردي سلطة الدولة في أعقاب الإطاحة بالقذافي. وتحرس القوة الهزيلة الطرف الشمالي لحدود صحراوية ممتدة لمسافة 1115 كيلومترا وتأمل مصر وحلفاؤها الغربيون أن تحول هذه القوة دون تسلل المقاتلين الإسلاميين للانضمام إلى أقرانهم على الأراضي المصرية أو العودة إلى ليبيا لإيجاد ملاذ آمن لهم.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن قوام القوة التابعة لوزارة الداخلية الليبية والمسؤولة عن منفذ مساعد مع مصر يصل إلى 120 شخصا، لكن نحو 30 منهم فقط يذهبون بانتظام إلى عملهم.
وقال إبراهيم مؤمن قائد الأمن في منفذ مساعد لوكالة «رويترز» إن باقي أفراد القوة يذهبون إلى البنوك في نهاية الشهر لصرف رواتبهم.
وإلى جانب العجز في أفراد قوة مساعد فإنها تفتقر إلى معدات مثل منظار الرؤية الليلية وأجهزة اللاسلكي والكومبيوتر لرصد مهربي أي شيء من السلاح إلى الغذاء المدعوم.
ويعبر ما يصل إلى 500 شخص أو ما بين 100 و150 سيارة يوميا المنفذ الحدودي وهو عبارة عن مبان متهالكة على جدرانها آثار طلقات رصاص تعود إلى انتفاضة عام 2011. ويستخدم أحد المنازل كمقلب للنفايات. وتقطع السيارات طرقا بها الكثير من الحفر وتتفادى العمال السودانيين الذين يفترشون الأرض انتظارا لتأشيرات الدخول إلى مصر. ويفحص ضباط الجوازات الليبيون تأشيرات السفر على أجهزة كومبيوتر شخصية غير متصلة بقاعدة بيانات وزارة الداخلية، وقال ضابط مشيرا إلى سور على الحدود بين مصر وليبيا يقع خلف المنفذ الرسمي «انظر.. من هنا يعبر بعض الناس». وقال مؤمن إن من يهربون الأسلحة لا يعبرون من المنفذ الحدودي. ورغم اتفاق التعاون بين البلدين فإنه لا توجد اتصالات قوية بين حرس الحدود الليبي ونظيره المصري على الجانب الآخر من الحدود في مدينة السلوم المصرية. وردا على سؤال حول ما إذا كان هناك أي تنسيق مع الجانب المصري رد مؤمن بالنفي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم