الحكومة التونسية تواجه العجز المتفاقم لمؤسسات القطاع العام

تواجه الحكومة التونسية النسق المتصاعد لديون مؤسسات القطاع العام بعد الفشل في كبحها والسيطرة عليها خلال السنوات الماضية، فبعد أن أشارت حكومة يوسف الشاهد إلى أن عجز تلك المؤسسات مقدر بنحو 6.5 مليار دينار تونسي (نحو 2.1 مليار دولار) مع نهاية سنة 2018، فإن مستوى العجز من المنتظر أن يرتفع إلى نحو سبعة مليارات دينار (نحو 2.3 مليار دولار) مع نهاية السنة الحالية.
وتشهد معظم المؤسسات الحكومية في تونس تذبذبا على مستوى أدائها الاقتصادي نتيجة تراكم الصعوبات الاقتصادية وصعوبة استعادة توازناتها المالية بعد سنوات من عدم الاستقرار على مستوى الأداء، وكذلك على مستوى المناخ الاجتماعي داخل تلك المؤسسات.
وفي هذا الشأن، قال محمد الطرابلسي وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة الشاهد، إن عجز صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية وصندوق الضمان الاجتماعي سيشهد ارتفاعا بنحو مليار دينار، ليقدر بنحو 3 مليارات دينار (نحو مليار دولار).
وأكد أكثر من خبير اقتصادي ومالي على الصعوبات المالية التي تعاني منها مؤسسات القطاع العام، نتيجة تضخم عدد الموظفين وقلة المساهمة في إنتاج الثروة وتذبذب الإنتاج من سنة إلى أخرى.
وفي هذا السياق، أكدت جنات بن عبد الله الخبيرة التونسية في المجالين الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط»، أن عدد المؤسسات العمومية التي تعاني من صعوبات - مما أدى إلى تسجيلها خسائر مالية - لا يقل عن 47 مؤسسة. وأشارت إلى أن خسائر البعض منها تجاوز المليار دينار (نحو 333 مليون دولار)، وهو ما أدى إلى تدهور وضعياتها المالية.
وتشير المعطيات الرسمية إلى أن عددا من المؤسسات العمومية كانت قبل سنة 2011 تسجل هوامش ربح سنوي، ومن بين تلك المؤسسات الشركة التونسية للكهرباء والغاز التي سجلت سنة 2010 أرباحا مالية صافية قدرت بنحو 37 مليون دينار (نحو 12.2 مليون دولار)، إلا أن وضعيتها تدهورت خلال السنوات اللاحقة لتجد نفسها قد سجلت خسارة بنحو 354 مليون دينار (نحو 118 مليون دولار).
وفي السياق ذاته، سجلت الشركة التونسية للخطوط الجوية خسائر لا تقل عن 165 مليون دينار (نحو 55 مليون دولار) مع نهاية سنة 2016، وكانت نتائجها المالية إيجابية سنة 2010، إذ حققت فائضا إيجابيا لا يقل عن 2.3 مليون دينار (نحو 760 ألف دولار).
وخضعت شركة فوسفات قفصة بدورها لنفس الصعوبات الاقتصادية، وقدرت خسائرها خلال نفس الفترة بنحو 109 ملايين دينار (نحو 36 مليون دولار)، نتيجة تراجع الإنتاج من نحو 8 ملايين طن إلى أقل من 4 ملايين طن.
وبشأن الحلول الممكنة لتجاوز حالة «الشلل الاقتصادي» الذي تعاني منه كبرى مؤسسات القطاع العام التونسي، أشار عدد من الخبراء إلى «الوصفة المؤلمة» لصندوق النقد الدولي التي لم تلتزم بها الحكومة التونسية، وهي تتمثل في تخفيض كتلة أجور العاملين في القطاع العام من نحو 15 في المائة حاليا إلى 12 في المائة من الناتج الإجمالي الخام للبلاد، وكذلك ضغط عدد الموظفين في القطاع العام لكي لا يتجاوز 500 ألف موظف، والحال أن العدد الحالي قد يصل حسب بعض الدراسات إلى 700 ألف موظف، والآلاف منهم لا ينتجون شيئا.
وتعاني تلك المؤسسات من تضخم عدد العاملين بها، وقلة مردودية الموظفين وكثرة النفقات التي تحتاج إلى المراجعة والتطبيق الفوري لمنظومة الحوكمة الرشيدة.