ميركل تطالب أفريقيا بالمزيد من الشفافية لتشجيع الاستثمارات الألمانية

في حين تضخ كل من روسيا والصين المليارات للبنى التحتية هناك

المستشارة أنجيلا ميركل مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (وسط) ورئيس وزراء إيطاليا جوزيبي كونتي (إ.ب.أ)
المستشارة أنجيلا ميركل مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (وسط) ورئيس وزراء إيطاليا جوزيبي كونتي (إ.ب.أ)
TT

ميركل تطالب أفريقيا بالمزيد من الشفافية لتشجيع الاستثمارات الألمانية

المستشارة أنجيلا ميركل مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (وسط) ورئيس وزراء إيطاليا جوزيبي كونتي (إ.ب.أ)
المستشارة أنجيلا ميركل مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (وسط) ورئيس وزراء إيطاليا جوزيبي كونتي (إ.ب.أ)

بعد عامين على انطلاق مبادرة ألمانيا «الميثاق مع أفريقيا»، التي ولدت في قمة العشرين بهدف زيادة الاستثمارات في القارة الأفريقية، تتزايد الانتقادات لهذا الميثاق الذي يقول المعلقون عليه إنه فشل في تحقيق نتائج تذكر. وللمرة الثانية خلال عامين، استضافت برلين قمة أفريقية بمشاركة 11 دولة أفريقية من مجموع 12 انضمت للمبادرة لمناقشة الاستثمارات الألمانية. ولكن المستشارة أنجيلا ميركل التي افتتحت المؤتمر حثت الدول الأفريقية على مكافحة الفساد، والترويج للديمقراطية، لتشجيع الاستثمار، بقدر ما حثت المستثمرين الألمان على العمل في القارة الأفريقية.
المبادرة التي تقودها ألمانيا بشكل أساسي، بدعم من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فشلت حتى الآن بجذب استثمارات ألمانية كبيرة إلى أفريقيا، في وقت تزيد فيه كل من روسيا والصين من استثماراتهما هناك؛ بكين وحدها ضخت مئات المليارات في القارة، من خلال مشاريع بنية تحتية، من طرق وسكك حديدية.
وتسعى ألمانيا لتحسين معيشة المواطنين الأفارقة، بهدف حثهم على وقف الهجرة إلى أوروبا بشكل أساسي. وفي كلمة افتتاح المؤتمر الذي انعقد وسط برلين، وشل أجزاء كبيرة من العاصمة بسبب إغلاق كثير من الطرقات في الوسط، قالت ميركل إن أفريقيا وأوروبا «يواجهان تحديات شبيهة تتعلق بالتغير المناخي والهجرة». وحثت المستشارة الألمانية دولاً أفريقية على مواصلة سياستها نحو مزيد من سيادة القانون، ونظام مالي وضريبي أكثر شفافية. وقالت ميركل إن المزيد من الشفافية سيجلب المزيد من الاستثمارات الألمانية.
وذكرت ميركل بأن الدول الأفريقية التي انضمت للمبادرة وضعت أجندة «طموحة جداً، تتمثل بالوصول لاتفاقية تجارية حرة مع أوروبا»، ولكنها ربطت ذلك بضرورة مواجهة الدول الأفريقية للمشكلات الكثيرة التي تعاني منها. وذكرت ميركل أن هناك بعض الأمور تتحرك في الدول الأفريقية في هذا الاتجاه، لكن لا يزال هناك كثير من المشكلات التي هي بحاجة إلى حلول، مثل القضايا الأمنية التي تشكلها التحديات الإرهابية على سبيل المثال في
منطقة الساحل، والنمو السريع في عدد السكان.
وألقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي شارك في المؤتمر كلمة حث فيها على المزيد من الاستثمارات في بلاده، وقال إن تلك الاستثمارات ستكون «عامل استقرار» لتأمين وظائف ونقل الطاقة في أنحاء أفريقيا. وتطمح مصر لأن تصبح مصدراً أساسياً للغاز في المنطقة، وهي تستفيد حالياً من مشاريع مع الاتحاد الأوروبي لتطوير هذا القطاع. ولكن تدهور وضع حقوق الإنسان في مصر يعد إحدى العقبات التي تقف أمام استثمارات ألمانية فيها.
والعام الماضي، عندما استضافت برلين الاجتماع الأول منذ إطلاق المبادرة، تم الإعلان عن تخصيص صندوق استثمار بقيمة مليار يورو. وبحسب وزارة الاقتصاد الألمانية، فقد تضاعفت الاستثمارات الألمانية المباشرة في أفريقيا منذ عام 2015، لتبلغ العام الماضي تقريباً ملياري يورو. وبحسب وزارة التنمية الألمانية، فإن 20 من أكثر الاقتصادات سرعة في النمو هي في أفريقيا، علماً بأن عدد السكان في تلك القارة سيتضاعف بحلول عام 2050، ليصبح 20 في المائة من عدد سكان الأرض.
ولكن رغم هذا النمو، فإن الشركات الألمانية ما زالت تستثمر أقل بكثير من الشركات البريطانية والفرنسية في القارة الأفريقية. وما زالت هذه الشركات ترى عوائق كثيرة أمام استثمارات إضافية في أفريقيا، علماً بأن جزءاً من عدم زيادة تلك الاستثمارات يتعلق بالمصارف الألمانية، ورفضها منح قروض للشركات الألمانية التي تريد الاستثمار في أفريقيا، على قاعدة أن الاستثمار «يحمل كثيراً من المخاطر».
ونقلت صحيفة «مورغن بوست» عن المدير التنفيذي لجمعية غرف التجارة والصناعة، مارتن فانزليبن، قوله إن «البيروقراطية العالية والفساد والمسائل الأمنية تمنع الشركات الألمانية من اتخاذ الخطوة الأولى في أفريقيا».
وقد وقعت وزارة التنمية اتفاقات شراكة مع 3 دول، هي تونس وغانا وساحل العاج، وتقترب من توقيع اتفاق مع المغرب والسنغال وإثيوبيا. وقال وزير التنمية، غيرد مولر، إن ألمانيا «ملتزمة بالاستثمار الخاص، وتأمين التدريب والوظائف»، ولكنه أضاف أن ما هو مطلوب من تلك الدول كشرط مسبق هو أن «تحسن شروط الاستثمار، عبر الحكم الرشيد، وتأسيس محاكم ضرائب، ومكافحة الفساد، وتأمين الديمقراطية».
ولكن كل هذه الشروط المسبقة دفعت ببعض الاختصاصيين للقول إن الخطة غير ناجحة. وقد انتقدت دراسة مؤخراً نشرتها مؤسسة «فريدريش إيبرت» مبادرة «الميثاق مع أفريقيا»، وكتب المتخصص بالشؤون الأفريقية روبرت كابل، والخبير الاقتصادي هيلموت رايزن، أن «المبادرة لم تحقق أهدافها». وأضافا في الدراسة: «حتى الآن، المبادرة لم تزد من الاستثمارات الخاصة في الدول الأفريقية، ولم تؤمن وظائف إضافية كافية». وأشارت الدراسة إلى أن الدول الأفريقية غالباً ما حسنت من شروط الاستثمار، ولكن من دون أن يؤدي ذلك إلى المزيد من الاستثمارات من دول مجموعة العشرين.
ونقلت صحيفة «تاغس شبيغل» عن متحدث باسم وزارة المالية أنه «من المبكر جداً» الحكم على المبادرة إذا ما كانت ناجحة أم لا، لأن التغيير في شروط السياسة الاقتصادية يتطلب سنوات.
وينتقد البعض في المعارضة أيضاً المبادرة. وقد نقلت صحف ألمانية عن المتحدثة البرلمانية باسم حزب الخضر في شؤون التنمية، أوفا كيكرتز، قوله: «ليس هناك أي دلائل على نجاح مبادرة الميثاق مع أفريقيا، هذا أيضاً لأن المبادرة لا تقدم رؤية حقيقية للتنمية، والتركيز على الاستثمارات الخاصة، يخاطر بأن يؤدي إلى إهمال المصلحة العامة».



«الصحة العالمية» تشتبه بتسبّب فيروس ماربورغ بثماني وفيات في تنزانيا

معدل الوفيات بـ«ماربورغ»  يصل إلى 88 في المائة من الإصابات (أرشيفية - رويترز)
معدل الوفيات بـ«ماربورغ» يصل إلى 88 في المائة من الإصابات (أرشيفية - رويترز)
TT

«الصحة العالمية» تشتبه بتسبّب فيروس ماربورغ بثماني وفيات في تنزانيا

معدل الوفيات بـ«ماربورغ»  يصل إلى 88 في المائة من الإصابات (أرشيفية - رويترز)
معدل الوفيات بـ«ماربورغ» يصل إلى 88 في المائة من الإصابات (أرشيفية - رويترز)

أعلنت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء أنّ فاشية محتملة لمرض فيروس ماربورغ في تنزانيا تسبّبت بثماني وفيات.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في مؤتمر صحافي «نحن على علم بتسع حالات حتى الآن، بينها ثماني وفيات. نتوقّع المزيد من الحالات في الأيام المقبلة عندما ستتحسّن مراقبة المرض». وأضاف أنّ «منظمة الصحة العالمية عرضت مساعدتها الكاملة لحكومة تنزانيا والمجتمعات المتضرّرة».

ويأتي هذا التحذير بعد أقلّ من شهر من إعلان منظمة الصحة العالمية عن تفشّي فيروس ماربورغ لمدة ثلاثة أشهر في رواندا المجاورة، ممّا أسفر عن وفاة 15 شخصا. ويسبّب فيروس ماربورغ حمّى نزفية شديدة العدوى. وينتقل الفيروس إلى البشر من خفافيش الفاكهة وهو ينتمي إلى نفس عائلة فيروسات إيبولا. ويمكن أن يصل معدّل وفيات المصابين بالمرض إلى ما يقرب من 90 في المئة، وغالبا ما تكون حمّى ماربورغ مصحوبة بنزيف وفشل في الأعضاء.

وبحسب منظمة الصحة العالمية فإنّ منطقة كاغيرا شهدت أول تفشّ لفيروس ماربورغ في مارس (آذار) 2023، وقد استمرّت الفاشية يومها لمدة شهرين تقريبا أصيب خلالها بالفيروس تسعة أشخاص توفي ستّة منهم. وأشارت المنظمة في بيان إلى أنّ «الخزّانات الحيوانية المنشأ، مثل خفافيش الفاكهة، لا تزال متوطّنة في المنطقة».

وتقول منظمة الصحة العالمية إنّ مرض فيروس ماربورغ يتسبب بـ«حمّى نزفية فيروسية وخيمة لدى البشر من أعراضها الحمى والصداع وآلام الظهر وآلام العضلات وآلام البطن والقيء والارتباك والإسهال، وكذلك النزيف في المراحل المتأخرة جدا». وتحذّر من أنّه «على الرغم من ندرة مرض فيروس ماربورغ، لكنّه لا يزال يشكل تهديدا خطرا على الصحة العامّة بسبب ارتفاع معدل الوفيات وعدم وجود علاج أو لقاح فعّال مضادّ للفيروسات».

وفي بيانها، أوضحت المنظمة التابعة للأمم المتحدة أنّ سبب تقييمها خطر تفشّي الفيروس في تنزانيا على المستوى الوطني بالـ«مرتفع» مردّه إلى العديد من العوامل المقلقة. ومن أبرز هذه العوامل أنّ معدّل الوفيات المعروفة مرتفع ويبلغ 89% و«مصدر تفشّي المرض غير معروف حاليا» والحالات المبلغ عنها موزّعة على منطقتين ما يشير إلى «انتشار جغرافي» للمرض. ولفتت المنظمة إلى أنّ «التأخّر في اكتشاف الحالات وعزلها، إلى جانب تتبّع المخالطين المستمر» يشير إلى عدم وجود «معلومات كاملة» عن تفشّي المرض.أما عن تقييمها خطر تفشّي الفيروس في المنطقة بالمرتفع أيضا فأوضحت المنظمة أن السبب هو «الموقع الاستراتيجي لكاغيرا كمركز عبور مع حركة حدودية كبيرة للسكان إلى رواندا وأوغندا وبوروندي وجمهورية الكونغو الديموقراطية».

ولفتت إلى أنّ بعض الحالات المشتبه بها سُجّلت في مناطق قريبة من الحدود الدولية، «ما يسلّط الضوء على إمكانية انتشار المرض إلى البلدان المجاورة». وفي منشوره على إكس، قال تيدروس «نوصي الدول المجاورة بأن تكون في حالة تأهب واستعداد لإدارة الحالات المحتملة. في الوقت الراهن لا نوصي بفرض قيود على السفر أو التجارة مع تنزانيا».

وفي بيانها طمأنت المنظمة إلى أنّ فيروس ماربورغ لا ينتشر بسهولة وانتقاله يتطلّب عادة ملامسة سوائل الجسم لمريض يعاني من أعراض واضحة. أما عن إمكانية تفشّي الفيروس عالميا فقالت المنظّمة إنّ هذا الخطر «منخفض»، إذ ليس هناك من تأكيد على انتشاره عالميا في هذه المرحلة، لكنّها شدّدت على الحاجة إلى تعزيز المراقبة.