الجملي يؤيد «تحييد» وزارات السيادة عن حصص الأحزاب في الحكومة التونسية

استقبل القروي وتجاوز طلب عدم إشراك حزبه في الائتلاف الحاكم

TT

الجملي يؤيد «تحييد» وزارات السيادة عن حصص الأحزاب في الحكومة التونسية

استهل الحبيب الجملي، رئيس الحكومة التونسية المكلف، مشاوراته السياسية لتشكيل الحكومة المقبلة، واستقبل في قصر الضيافة بقرطاج، أمس، نبيل القروي، رئيس حزب «قلب تونس»، متجاهلاً بذلك، كما يبدو، تصريح راشد الغنوشي، رئيس البرلمان ورئيس حركة «النهضة»، بأن حزب القروي (قلب تونس) ليس مشمولاً بالمشاركة في الحكومة المقبلة.
وقال رئيس الحكومة المكلّف إن المشاورات المتعلقة بتشكيل الحكومة انطلقت رسمياً مع الأحزاب السياسية، وإنه سيلتقي ممثلي المنظمات الوطنية في وقت لاحق. وأكد أنه سيعمل على تحييد وزارات السيادة (الداخلية والدفاع والعدل والخارجية) وتعيين كفاءات أو شخصيات مستقلة عن الأحزاب على رأسها، وهو ما يعني تجاوز شروط حزب «التيار الديمقراطي» (يرأسه محمد عبو) في الحصول على وزارتي العدل والداخلية للمشاركة في الائتلاف الحاكم، علاوة على وزارة الإصلاح الإداري.
وفي السياق ذاته، عقد الجملي اجتماعاً، أول من أمس (الاثنين)، مع يوسف الشاهد، رئيس حكومة تصريف الأعمال، مؤكداً ضرورة اتفاق جميع الأحزاب على برنامج حكم تعمل الحكومة الجديدة على تنفيذه.
وإثر اللقاء مع رئيس الحكومة المكلف، أمس، أكد نبيل القروي في تصريح إعلامي أن الاجتماع أولي وقدّم فيه الجملي رؤيته وتصوره للحكومة وكيفية تسييرها وتشكيلها. وأشار إلى أن حزبه عرض أولويات الحكومة المتمثلة أساساً في مكافحة الفقر وتحرير المبادرة الاقتصادية وتحييد وزارات السيادة، لافتاً إلى أن الطرفين سيجتمعان في لقاءات أخرى. وبشأن المشاركة في الحكومة والانضمام إلى الائتلاف الحاكم، أكد القروي أنه من السابق لأوانه تناول هذا الموضوع، مؤكداً، في المقابل، أن حزبه يرفض المحاصصة الحزبية ويدعم تكوين «حكومة كفاءات».
يذكر أن أحزاب «حركة النهضة» (52 مقعداً برلمانياً) و«التيار الديمقراطي» (22 مقعداً) و«ائتلاف الكرامة» (21 مقعداً) و«حركة الشعب» (15 مقعداً) أجمعت كلها على رفض مشاركة حزب «قلب تونس» في الحكومة المقبلة نتيجة اتهامه المزعوم بالفساد. وفي حال إصرار رئيس الحكومة المكلف على مشاركته في الائتلاف الحاكم، فإن الحكومة ستجد صعوبات جدية في نيل ثقة البرلمان التونسي (109 أصوات من إجمالي217 صوتاً).
ومن المقرر أن يلتقي الجملي كذلك ممثلين عن حزب «التيار الديمقراطي» الذي يتزعمه محمد عبو في انتظار بقية الأطراف السياسية المرشحة للمشاركة في الائتلاف الحاكم المقبل.
وفي السياق ذاته، أكد زهير المغزاوي، رئيس «حركة الشعب» (حزب قومي)، أن حزبه غير مقتنع بما تروّج له «النهضة» بشأن استقلالية الحبيب الجملي، علماً بأن الرئيس قيس سعيّد كلّفه بتشكيل الحكومة المقبلة بناء على اقتراح «النهضة».
وقال المغزاوي في تصريح إعلامي: «لسنا مقتنعين باستقلالية الجملي ولدينا شكوك تخص انتماءه لحركة النهضة». ولفت إلى أن الجملي لم يتصل بعد بـ«حركة الشعب» للنقاش والتشاور حول تشكيل الحكومة الجديدة. لكنه أشار، في المقابل، إلى أن قيادات «حركة الشعب» ستناقش برنامج عمل الحكومة المقبلة ثم تقرر المشاركة من عدمها. وأكد وجود تصورات وأولويات للعمل الحكومي ستبحثها الحركة خلال اللقاء مع الجملي.
وكانت «حركة الشعب» قد دعت إلى تشكيل ما أطلقت عليه اسم «حكومة الرئيس»، وهو ما يعني تجاوز نتائج الانتخابات البرلمانية والإقرار بفشل الشخصية التي رشحتها «النهضة» لرئاسة الحكومة، ومن ثم المرور إلى تكليف رئيس الدولة الشخصية التي يراها الأقدر على قيادة الحكومة، وهو مقترح رفضته «النهضة» بشدة.
وتسعى «حركة النهضة»، الفائزة بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية في الانتخابات الأخيرة (52 مقعداً برلمانياً)، إلى تشكيل الحكومة المقبلة بمشاركة عدد من الأحزاب الفائزة في تلك الانتخابات، على غرار «التيار الديمقراطي» (يسار اجتماعي) و«حركة الشعب» (قومي) و«ائتلاف الكرامة» (إسلامي) و«تحيا تونس» (ليبرالي). وأكدت قيادات في «النهضة» أن مشاورات تشكيل الحكومة تستثني «قلب تونس» (حزب ليبرالي) و«الحزب الدستوري الحر» (حزب ليبرالي).
على صعيد آخر، كشف منذر الونيسي، عضو مجلس شورى «حركة النهضة»، عن خفايا المشاورات التي أجراها حزبه قبل الكشف عن اسم رئيس الحكومة، وعرض ترتيب الأسماء التي كانت مرشحة لرئاسة الحكومة قائلاً إن مجلس الشورى نظر في 7 ترشحات في مرحلة أولى قبل أن يختصرها إلى أربع. واتضح من خلال التصويت أن الحبيب الجملي حل في المرتبة الأولى لاعتبارات عدة من بينها الاستقلالية وعدم الانتماء إلى أي حزب سياسي والكفاءة، وحل منجي مرزوق في المرتبة الثانية متبوعاً بالحبيب الكشو في المرتبة الثالثة، فيما احتل رضا بن مصباح المرتبة الرابعة في هذا التصويت الداخلي على المرشح لرئاسة الحكومة التونسية.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.