دمشق: الاتحاد الأوروبي فقد البوصلةhttps://aawsat.com/home/article/1999516/%D8%AF%D9%85%D8%B4%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D9%81%D9%82%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%88%D8%B5%D9%84%D8%A9
أكد معاون وزير الخارجية السوري أيمن سوسان، أن الاتحاد الأوروبي بتبعيته العمياء للسياسات الأميركية فقد البوصلة والهوية، وأصبح على هامش الأحداث، الأمر الذي يفسر حالة الضياع وانعدام الصدقية بالمشروع الأوروبي لدى جزء كبير من الرأي العام الأوروبي. وقالت وزارة الخارجية السورية، في بيان بثته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إن سوسان عرض خلال استقباله وفداً برلمانياً ألمانياً برئاسة النائب فرانك باسمان رئيس مجموعة الاتصال الخاصة بسوريا في البرلمان، آخر المستجدات في سوريا والمنطقة، مجدداً التأكيد على الاستمرار في مكافحة الإرهاب حتى القضاء عليه بشكل كامل، وإنهاء أي وجود أجنبي غير مشروع على الأراضي السورية، ومشدداً على أن وحدة سوريا أرضاً وشعباً أمر مقدس وخط أحمر لن يسمح لأي كان بتجاوزه. كما جدد معاون الوزير السوري «تعاطي بلاده البناء مع أي جهد جاد وصادق للخروج من الأزمة الراهنة»، مؤكداً أن «الدستور شأن سيادي سوري بامتياز لا يحق لأي طرف خارجي التدخل فيه، والكلمة الفصل فيه تعود للشعب السوري حصراً». من جانبهم، عبر أعضاء الوفد عن التقدير للإنجازات الميدانية التي تحققت في مكافحة الإرهاب، وعودة الاستقرار إلى الكثير من المناطق السورية، والتفهم الكامل لحقيقة الأوضاع في سوريا. وأكد أعضاء الوفد معارضتهم لسياسة الاتحاد الأوروبي إزاء سوريا، داعين إلى رفع الإجراءات القسرية أحادية الجانب اللامشروعة، ودعم جهود سوريا في إعادة الإعمار لتسهيل عودة السوريين الذين أجبرتهم الظروف الراهنة على مغادرة البلاد. ووصل الوفد البرلماني، دمشق، الاثنين، قادماً من بيروت، واستهل لقاءه في دمشق مع رئيس منظمة الهلال الأحمر السوري خالد حبوباتي. وقال مصدر برلماني سوري لوكالة الأنباء الألمانية، إنه «تم بحث عودة المهجرين السوريين إلى بلادهم، من خلال عمل الدول الأوروبية على رفع العقوبات المفروضة على سوريا، لتأمين البنية التحتية والخدمات في المدن التي تعرضت للدمار خلال سنوات الحرب، ليجد من يريد العودة إلى بلاده خدمات أساسية». وأكد المصدر: «تحدث رئيس منظمة الهلال الأحمر السوري عن تقديم المنظمة خدمات إنسانية في كل المناطق السورية، حتى محافظة إدلب التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة». من جانبه، أكد رئيس الوفد الألماني أن «الوفد سيعمل، ومن خلال البرلمان الألماني، على عودة المهجرين السوريين، الذين تحتضن بلاده مئات آلاف منهم إلى بلادهم، وعدم عودة الإرهابيين الذين قاتلوا في سوريا إلى أوروبا». ويلتقي الوفد، خلال زيارته إلى دمشق، رئيس مجلس الشعب السوري ووزراء الأشغال العامة والإسكان والسياحة والاقتصاد. وأغلقت جميع دول الاتحاد الأوروبي سفاراتها منذ نهاية عام 2011 بعد أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.
القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.
ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.
ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.
وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.
وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».
وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.
وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.
أزمات الفلاحين
سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.
على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.
تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».
ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.
وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».
ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.
وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.
يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».
فرصة ثانية
يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.
أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.
ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».
أنواع جديدة
يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.
ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.