بعيداً عن أخبار الحرب والصراعات الداخلية في ليبيا، يكرس سينمائيون ليبيون شباب جهدهم لصناعة أفلام تعبّر عن القضايا الاجتماعية والتراث الليبي والأحلام والطموحات التي تأثرت بطول أمد الخلافات السياسية والعسكرية في البلاد.
«أريد للجميع أن يرى ليبيا بعيون أهلها، وأريد من أهلها ألا يستخفوا بقدرة الدراما على التعبير عن حالة الضبابية والمعاناة التي نعيشها اليوم بفعل الصراعات السياسية والعسكرية التي ستطال ظلالها المستقبل مع الأسف»، بهذه الكلمات لخّص الممثل والمخرج والإعلامي الليبي طه إسكانجي بعض الأزمات التي يعاني منها الجيل الحالي من شباب السينمائيين.
وأوضح إسكانجي (27 عاماً)، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أنّ «في صناعة السينما الليبية حالياً لا يقتصر الأمر عند الإحباط المعنوي، فالصعوبات بالنسبة لنا لا تنتهي، حيث نعاني من قلة المعاهد والكليات الفنية وعدم توافر استوديوهات التصوير ومعامل الصوت، حتى داخل الكليات التي يدرس بها الطلاب المواد الإعلامية، مما جعلنا نتعلّم تدريجياً بشكل عفوي وذاتي كل ما يتعلّق بضبط الكاميرا وزوايا التصوير والإيقاع، هذا فضلاً عن قلة الدعم الحكومي، وعدم إقدام شركات الإنتاج على خوض تجارب جديدة بممثلين جدد».
إسكانجي الفائز أخيراً بجائزة أحسن ممثل في مهرجان «صنع في ليبيا» عن فيلمه «الحب المقدس»، الذي أخرجه وأنتجه بدعم أسرته، قال إنّ «رسالة فيلمه وأعماله المقبلة ستستهدف الأجيال الجديدة لحثهم على التمسك بالإيمان بالله عز وجل مهما كان حجم الابتلاء وغرس الثّقة في نفوسهم، وتعليمهم الفرق بين حب الوطن والدفاع عنه وعن أهله بتدينهم الوسطي المتسامح، وبين تخريب الوطن بدافع حمايته.
ويرى أحمد عبد العزيز الزروق، كاتب سيناريو ومخرج ليبي: «أن أغلب الأفلام التجارية التي عرضت في ليبيا قبل ثورة 2011. كانت تدور حول عالم العصابات وتعلي من قيمة السلاح وحامليه، وبالتالي لم نفاجأ كثيراً بعدم رغبة كثير من الشباب بعدم التخلي عن هذا السلاح حتى بعد نجاحهم في إسقاط النظام السابق»، مشدداً في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» على أنّ «الأماني قد تكون فعلاً ممكنة وإن كانت تحتاج وقتا لإنتاج أفلام للجيل الجديد تقول إنّ الحرب لا تؤدي إلّا للدمار وتحويل أعينهم بشكل منهجي عن نموذج المحارب المنتقم إلى شخصية أهل ليبيا الحقيقية الطّيبة التي تحتضن الجميع من العمالة الوافدة وغيرهم من دول الجوار خصوصا الدول الأفريقية».
وعن أبرز المعوقات التي تواجهه، قال إنّ «أشباح التطرف» يرون أنّ السينما والتصوير حرام، مستعرضا في هذا الصدد تجربة اعتقاله لعدة أسابيع على يد إحدى الميليشيات لرعايته لمهرجان المسرح والسينما في مدينته سرت (شرق ليبيا)، ما جعله حريصاً على تصوير فيلمه الأخير «لحظة عبث» في أماكن خالية في تلك المدينة وفي جنح الليل.
أمّا المخرجة إيلاف شبش (27 عاماً)، فتؤكد أنّها عانت خلال تصويرها لعملها الأول «جاري البحث عن»، من طبيعة المجتمع الليبي المحافظ ورفضه لمناقشة قضايا شائكة على غرار «التحرش بالفتيات»، في أماكن الدراسة والعمل ووسائل المواصلات.
وترى شبش أنّ «أخطر ما يواجه السينمائيون الليبيون ليس فقط عدم وجود معاهد لتخريج الممثلين والمخرجين أو قلّة دور العرض وفقر الاستوديوهات أو حتى ضعف الدّعم الحكومي، وإنّما الأخطر هو اهتمام وتركيز الجمهور الليبي بعد الثورة على الشؤون السياسية أكثر من أي شيء آخر»، معربة عن أملها في أن تتمكن في المستقبل القريب، من التركيز على قضايا المرأة والطفل الليبي وتسليط الضوء على طبيعة العلاقات داخل المجتمع الليبي بكل إيجابياته وسلبياته أيضا.
سينمائيون ليبيون يقاومون الصراعات وضعف الإمكانيات بأفلام طموحة
مخرجون شباب لـ«الشرق الأوسط» اهتمام المواطنين بالقضايا السياسية أبرز التحديات
سينمائيون ليبيون يقاومون الصراعات وضعف الإمكانيات بأفلام طموحة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة