تحديث ميادين مصر... هوية بصرية جديدة وانتعاشة عقارية

عبر تطوير 45 منها في المحافظات أبرزها «التحرير» بالقاهرة

نموذج من تطوير ميدان المحطة بمدينة طنطا بالغربية
نموذج من تطوير ميدان المحطة بمدينة طنطا بالغربية
TT

تحديث ميادين مصر... هوية بصرية جديدة وانتعاشة عقارية

نموذج من تطوير ميدان المحطة بمدينة طنطا بالغربية
نموذج من تطوير ميدان المحطة بمدينة طنطا بالغربية

بدأت مصر تنفيذ مخطط لتحسين الصورة البصرية في الفراغات العامة، والحفاظ على هوية العمران بالمدن المختلفة، التي شابها بعض التشويه مؤخراً نتيجة المحاولات الفردية لتطوير الميادين أو ترميم التماثيل التي تزيّنها دون الرجوع للمتخصصين، إضافةً إلى انتشار الإشغالات والتعديات المختلفة التي تشوّه منظر الميادين والشوارع الرئيسية في مختلف المحافظات المصرية، في محاولة منها لإنعاش السوق العقارية في مصر بعد تحسين الصورة البصرية.
ويأتي تطوير ميدان التحرير الواقع بمحافظة القاهرة على رأس هذه المشروعات، حيث يجري حالياً العمل في وضع مخطط كامل لتطوير الميدان، وأزيلت سارية العلم التي وُضعت به عام 2015، تمهيداً لوضع مسلة فرعونية للملك رمسيس الثاني، وتتولى وزارة الإسكان مشروع تطوير ميدان التحرير وذلك ضمن مخطط متكامل لتطوير منطقة وسط البلد، وإعادة الاعتبار لها سياحياً، ويشمل مشروع التطوير إعادة تخطيط الميدان بشكل كامل، وتطوير واجهات المباني المطلة عليه، مع وضع نظم للإضاءة لأشهر الميادين المصرية.
وأوضح هاني يونس، المستشار الإعلامي لمجلس الوزراء المصري والمتحدث باسم وزارة الإسكان، لـ«الشرق الأوسط» أنه «يتم حالياً وضع المخطط العام والكامل لمشروع تطوير ميدان التحرير، الذي يأتي في إطار مشروع متكامل لتطوير القاهرة التاريخية يشمل تطوير المناطق الأثرية، ومنطقة عين الصيرة المحيطة بالمتحف القومي للحضارة، والمنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير، ومنطقة المدابغ بسور مجرى العيون، ومسار نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري بالتحرير إلى متحف الحضارة، وذلك بهدف تحويل القاهرة إلى مدينة سياحية».
ويواصل فريق من مرمّمي الآثار المصريين عمله في تجميع وترميم مسلة فرعونية للملك رمسيس الثاني، تم نقلها من منطقة صان الحجر بالشرقية، تمهيداً لوضعها في ميدان التحرير، يبلغ طولها 17 متراً، ووزنها 90 طناً، وهي منحوتة من حجر الجرانيت الوردي، وتزيّنها نقوش تصوّر الملك رمسيس الثاني واقفاً أمام أحد المعبودات، إضافةً إلى الألقاب المختلفة للملك رمسيس الثاني.
من جانبه، قال المهندس محمد أبو سعدة، رئيس جهاز التنسيق الحضاري، لـ«الشرق الأوسط» إن «دور جهاز التنسيق الحضاري في مشروع تطوير ميدان التحرير ينحصر في إعادة صياغة واجهة العمارات والمباني المطلة على الميدان والمحلات الموجودة في الطابق الأول»، مشيراً إلى أن «الجهاز انتهى من وضع التصورات الخاصة بهذا الشأن، وبدأت محافظة القاهرة العمل في بعض العمارات، وإبراز الكرانيش والحليات الموجودة بها».
فيما يؤكد الدكتور أشرف رضا، أستاذ الفنون الجميلة والرئيس الأسبق للأكاديمية المصرية للفنون بروما، لـ«الشرق الأوسط» أن «مترو الأنفاق أسفل الميدان يتسبب في اهتزازات وضعف للأرض في المنطقة، ولذلك لا بد من حساب وزن المسلة بدقة» مشيراً إلى أنه «عمل في فترة سابقة في مشروع إعداد نصب تذكاري في ميدان التحرير، واصطدم بضعف الأرض نتيجة اهتزازات مترو الأنفاق».
تزيين الميادين بالمسلات لم يقتصر على ميدان التحرير، بل شمل العاصمة الإدارية الجديدة التي تُنقل إليها مسلتان لتزيين مدينة الثقافة والفنون، ومدينة العلمين الجديدة أو العاصمة الصيفية للبلاد، التي نُقلت إليها مؤخراً مسلة وُضعت أمام القصر الرئاسي لتكون في استقبال ضيوف مصر. ويتوقع خبراء العقارات انتعاش أسعار الوحدات المحيطة بتلك الميادين بعد انتهاء عمليات التطوير بسبب المظهر الجمالي الذي تفتقر إليه المدن القديمة والمكتظة بالسكان.
ولا يقتصر التطوير على ميدان التحرير، حيث تبنت وزارة الثقافة ممثلةً في الجهاز القومي للتنسيق الحضاري وضع مخطط لتطوير الفراغات العامة والميادين الرئيسية في المحافظات، إضافة إلى عمل دليل إرشادي لكيفية ترميم وتطوير التماثيل، والمجسمات التي تزين هذه الميادين، بينما بدأ عدد من المحافظات تنفيذ هذه المخططات.
وأوضح رئيس جهاز التنسيق الحضاري أن «مشروعات تطوير الميادين الرئيسية التي تشهدها المحافظات المختلفة حالياً، تأتي في إطار مخطط متكامل لتحسين الصورة البصرية في الفراغات العامة، والحفاظ على هوية العمران في المدن»، مشيراً إلى أن «مصر تعرضت في الفترة الأخيرة لمحاولات متعددة لتشويه العمران باستخدام خامات وألوان لا تناسب طبيعة الإقليم أو المنطقة الموجودة بها». وأوضح أن «لكل منطقة وإقليم شخصيته العمرانية، وألوانه، وحتى أماكن الفتحات في التصميمات العمرانية، ولذلك وضعنا مخططاً متكاملاً لتنسيق الفراغات العامة يشمل تطوير الميادين، وكيفية وضع الإعلانات في الشوارع، والواجهات النيلية، والأسواق الشعبية، وأسواق اليوم الواحد، والمناطق التاريخية».
ويشمل المخطط الذي وضعه جهاز التنسيق الحضاري تطوير ميادين مختلفة من بينها: التحرير وروكسي والإسماعيلية والقلعة والمقطم بمحافظة القاهرة، والمنيب والكيت كات والقومية العربية بمحافظة الجيزة، وأحمد عرابي وكورنيش بنها بمحافظة القليوبية، وميدان المحطة وشارع الجلاء بمحافظة الشرقية، ومصطفى كامل وشامبليون بمحافظة الإسماعيلية، وسيدي إبراهيم الدسوقي بمحافظة كفر الشيخ، والشهداء والنافورة والجمالية بمحافظة الدقهلية، والقناطر بمحافظة أسيوط، والمطار والشيراتون بمحافظة الأقصر، والمحطة والبنوك بمحافظة أسوان، والمطار والمحافظة والساعة والبساتين والإسعاف والمستشفى والتحرير والسياحة بمحافظة الوادي الجديد، ومدخل نبق بمحافظة جنوب سيناء، وغيرها، وكان آخر مخطط وضعه الجهاز لميدان المحطة بمدينة طنطا بمحافظة الغربية.
ويعد ميدان المحطة من «أجمل» ميادين محافظة الغربية، حسب أبو سعدة، فمحطة القطارات الرئيسية في أي مدينة هي الواجهة التي تستقبل الزوار، موضحاً أن «مشروع التطوير راعى مسارات الحركة والمحاور المرورية المؤدية لمسجد السيد البدوي».
وتنفيذاً لهذه المخططات بدأت محافظة شمال سيناء تنفيذ مشروع لتطوير 6 ميادين رئيسية في مدينتي العريش والحسنة، تشمل ميادين: الساعة، والقاهرة، والنصر، والرفاعي، وقرية بغداد، والصمود والتحدي، وفي محافظة المنيا يجري العمل على تطوير ميادين مركزي مطاي وبني مزار، بينما تنفذ محافظة الغربية مشروعاً لتطوير شارع البحر الرئيسي الواصل بين ميادين «الشون، البندر، المشحمة».
لكن وجود هذه المخططات لم يمنع من استمرار التخبط في تطوير الميادين، وتصميم مجسمات أو أعمال فنية ووضعها في الميادين، ثم إزالتها بعد إثارتها للجدل، وكانت محافظة الأقصر محور الجدل مؤخراً بعد وضعها نموذجاً مجسماً لرمز مفتاح الحياة (أحد الرموز الفرعونية الشهيرة) في الميدان المواجه لمعبد الأقصر، ضمن خطة تطوير كورنيش الأقصر التي تم الانتهاء منها، وهو ما تسبب في موجة من الهجوم لأسباب بعضها أثري، بحجة أنه لا يجب وضع نموذج حديث أمام معبد أثري.
وأكد أبو سعدة أن «التعامل مع الفراغ العام يجب ألا يخضع لوجهة نظر فردية، ولذلك فدور اللجنة مهم لأنه يقدم مزجاً لأذواق ووجهات نظر متعددة»، مشيراً إلى أنه «نظراً لعدم عرض كل التصميمات والمشروعات على اللجنة والجهاز، فقد وضعت اللجنة دليلاً استرشادياً يتضمن أسس ومعايير ترميم وصيانة التماثيل والمجسمات وفقاً لنوع كل تمثال، والخامات التي صُنع منها، وأرسلته وزيرة الثقافة إلى وزير التنمية المحلية لتعميمه على المحافظات».


مقالات ذات صلة

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

عالم الاعمال «جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

مجموعة «جي إف إتش» المالية تعلن إطلاق «أوت لايف» (OUTLIVE)، وهي شركة عقارية مبتكرة تهدف إلى وضع معايير جديدة  للصحة والرفاهية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ورشة عمل تدعو لمزيد من المرونة في التشريعات والأنظمة لمواكبة الواقع العقاري

TT

ورشة عمل تدعو لمزيد من المرونة في التشريعات والأنظمة لمواكبة الواقع العقاري

نظمت غرفة الرياض؛ ممثلة باللجنة العقارية، وبالتعاون مع مجلس الغرف السعودية، الأربعاء، ورشة عمل مختصة بحصر التحديات التي تعترض تطور القطاع العقاري وتحدّ من إنتاجيته، مقدمة عدداً من الحلول للعراقيل التي تواجهه، بحضور مندوبين عن وزارة الإسكان والهيئة العامة للعقار وهيئة السوق المالية، وذلك بمقر الغرفة.
وبين عائض الوبري، عضو مجلس الإدارة رئيس اللجنة العقارية بالغرفة، أن الورشة تأتي لبحث سبل تعزيز برامج «رؤية المملكة 2030»، وذلك بعد توجيه مسار التحديات نحو تحديد المعوقات التي تواجه القطاع الخاص بشكل منفرد، ثم توجيهه نحو العوائق التي تواجه القطاع الخاص مع الجهات الحكومية وتحديد الحلول اللازمة لها بالتنسيق مع «المركز الوطني للتنافسية».
وتناولت الورشة، بحضور عدد من المستثمرين العقاريين والمهتمين، 4 محاور؛ شملت السياسات والأنظمة المتعلقة بالتشريعات، والتنافسية بين القطاعين العام والخاص، والرسوم الحكومية والضرائب، والكوادر البشرية وسياسات التوطين، حيث ناقشت الورشة من خلال حضورها كل محور منها على حدة، وقدمت فيه عدداً من الحلول المقترحة.
وأشار الحضور من المستثمرين العقاريين إلى أن التشريعات والأنظمة بحاجة لمزيد من المرونة ومواكبة الواقع العقاري وحاجته لتسريع أعماله والنظر في لائحة المكاتب العقارية، مشيرين لتأثره بالقرارات المفاجئة. وفي ذلك أشار مندوب وزارة الإسكان إلى أن الوزارة تراجع التشريعات العقارية وعلاقتها بالأنظمة الأخرى، مؤكداً حاجتها للتعديل، وقال إن الوزارة تعمل على ذلك وأنها ستصدر دليلاً كاملاً للمطورين.
وفي محور الرسوم الحكومية، طالب قطاع الأعمال بالنظر في ارتفاع الرسوم، فيما أكدوا عبر محور التنافسية بين القطاعين العام والخاص وجود تنافس من خلال القطاع العقاري التجاري؛ بينما من حيث الإسكان فهو علاقة تكاملية، مشيرين لأهمية تفعيل دور «المركز الوطني للتنافسية» لإيجاد حدود واضحة لماهية هذه التنافسية وتأثيرها على القطاع الخاص العقاري، فيما طالبوا بمنع الأجنبي من العمل في الشركات العقارية، وذلك فيما يختص بمحور الكوادر البشرية وسياسات التوطين.