أشتية يغطي إحدى عينيه تضامناً مع صحافي أفقده الاحتلال عينه

فنانون ينضمون للمتضامنين السياسيين والصحافيين أبرزهم إليسا وعساف

متظاهر فلسطيني أمام حاجز إسرائيلي قرب الخليل متضامناً مع المصور عمارنة الذي أصيبت عينه بطلقة رصاص (أ.ف.ب)
متظاهر فلسطيني أمام حاجز إسرائيلي قرب الخليل متضامناً مع المصور عمارنة الذي أصيبت عينه بطلقة رصاص (أ.ف.ب)
TT

أشتية يغطي إحدى عينيه تضامناً مع صحافي أفقده الاحتلال عينه

متظاهر فلسطيني أمام حاجز إسرائيلي قرب الخليل متضامناً مع المصور عمارنة الذي أصيبت عينه بطلقة رصاص (أ.ف.ب)
متظاهر فلسطيني أمام حاجز إسرائيلي قرب الخليل متضامناً مع المصور عمارنة الذي أصيبت عينه بطلقة رصاص (أ.ف.ب)

تضامن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، بشكل رمزي، مع الصحافي معاذ عمارنة، الذي فقد عينه اليسرى، بعد إصابته بشظية رصاصة أطلقها جنود الاحتلال الإسرائيلي تجاهه يوم الجمعة الماضي، أثناء تغطيته احتجاجات على تجريف أراضٍ في بلدة صوريف شمال غربي الخليل.
وقال أشتية وهو يضع يده على إحدى عينيه، في تعبير انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي: «إذا كان الاحتلال يريد إطفاء عين معاذ اليسرى، فإن عيوننا جميعاً له عين».
وأضاف في مستهل جلسة الحكومة: «إسرائيل تستهدف الصحافيين لإسكات صوت فلسطين وصوت الحقيقة، ولم تكتف باغتيال عين معاذ؛ بل اعتدت بوحشية على الصحافيين المتضامنين معه في بيت لحم». وأشاد رئيس الوزراء بحالة التضامن الشعبي الواسعة مع الصحافي عمارنة، وأكد دعمه لها لتتسع وتوصِّل صوت فلسطين للعالم.
وقال أشتية: «يجب أن يسلط هذا الضوء أيضاً على كل ضحايا الاحتلال، وآخرهم عائلة السواركة التي أودى قصف الاحتلال لمنزلها بحياة 8 من أفرادها، بينهم 5 أطفال وسيدتان، في العدوان الأخير على قطاع غزة، والذي أسفر عن استشهاد 24 آخرين، وإصابة المئات».
وفقد عمارنة (32 عاماً) عينه بشكل كامل بعد إصابته برصاصة، قبل أن يتم تحويله من المستشفيات الفلسطينية إلى مستشفى «هداسا» الإسرائيلي. ويجد الأطباء صعوبة الآن في التعامل مع شظية استقرت داخل العين. ويعتقد الأطباء أن إزالة الشظية قد تشكل خطراً أكبر يتعلق بإصابة العين اليمنى بأضرار، أو حدوث نزف في الدماغ. وقال معاذ إن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار عليه رغم أنه كان يرتدي السترة الواقية الخاصة بالصحافيين، إضافة إلى خوذته.
وبدت معنويات عمارنة عالية، مع مشاهدته حجم التضامن الكبير معه. وقال إنه ممتن لكل المتضامنين، مؤكداً أن عين الحقيقة لن تنطفئ، وهو عنوان أحد الهاشتاغات التي أطلقها متضامنون معه. واتهم عمارنة الجنود باستهدافه عمداً، بعدما حاولوا ثنيه عن الوصول إلى المنطقة.
لكن المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية ميكي روزنفيلد، نفى في بيان ما وصفها بـ«الادعاءات»، وقال: «تحركت قوات الأمن في المنطقة أمام عشرات من مثيري الشغب، بعضهم ملثم». وأضاف روزنفيلد: «ردت القوات باستخدام وسائل غير فتاكة من أجل تفريق مثيري الشغب. لم يكن استخدام هذه الوسائل موجهاً على الإطلاق نحو المصور، وقد يكون أصيب بسبب مثيري الشغب».
وأطلق صحافيون وناشطون حملة واسعة من أجل التضامن مع عمارنة، سرعان ما انضم إليها مسؤولون فلسطينيون وفنانون وصحافيون من الخارج.
واتصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعمارنة مطمئناً على صحته. وتمنى عباس لعمارنة الشفاء العاجل، وأبلغه أنه وجه كل الجهات المختصة بما فيها وزيرة الصحة، لتقديم كل ما من شأنه توفير العلاج المناسب والمطلوب له.
وأدان عباس الاعتداء الذي تعرض له الصحافي عمارنة من قبل قوات الاحتلال، معلناً وقوفه إلى جانبه. وتظاهر صحافيون مع عمارنة، ونشروا هاشتاغات حول إصابة عينه، وكذلك وزراء ومسؤولون وفنانون ونشطاء وأطفال.
وكتب الفنان الفلسطيني محمد عساف وهو يضع يده على عينه متضامناً مع معاذ: «معاذ عمارنة‏ صحافي فلسطيني، وثق بكاميرته أحداثاً كثيرة، ولكن بعد يوم الجمعة 16-11- 2019 لن يكون قادراً على أداء عمله الصحافي، بسبب رصاصة أطلقها جنود الاحتلال خلال تغطية مواجهات بلدة صوريف بالخليل، مما نتج عنه فقدانه عينه اليسرى».
وهذا النص اعتُمد في كثير من التغريدات التي غطى أصحابها إحدى أعينهم تضامناً مع معاذ.
وانضمت الفنانة اللبنانية إليسا، عبر حسابها الشخصي في موقع «تويتر» للمتضامنين، ونشرت صورة لها وهي تضع يدها على عينها، تضامناً مع عمارنة، وكتبت: «كلنا #معاذ_عمارنة، الله ينتقم مننن».
ودانت الحكومة الفلسطينية وفصائل ومسؤولون جرائم إسرائيل بحق الصحافيين. وقالت نقابة الصحافيين إن الاحتلال يتعمد استهداف الصحافيين، وإن أكثر من 600 انتهاك مارسها الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحافيين منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وبين تقرير لجنة الحريات التابعة للنقابة، أن أخطر انتهاكات الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، كان استسهال إطلاق الرصاص الحي والمعدني تجاه الصحافيين، ما أدى لإصابة 60 منهم بإصابات بالغة الخطورة، وما زال البعض منهم يعاني حتى اللحظة ويتلقى العلاج.
وتظاهر صحافيون فلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة، الأحد، تضامناً مع زميل لهم فقد عينه برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مواجهات قبل يومين. وكان المصور الصحافي معاذ عمارنة قد أصيب بعيار مطاطي في عينه اليسرى خلال توثيقه مواجهات اندلعت بين الجيش الإسرائيلي وفلسطينيين في الخليل الجمعة الماضي. وظهر المصور عمارنة الذي يعمل لدى وكالة أنباء محلية في مقطع فيديو وصور متداولة والدماء تسيل من عينه، قبل أن ينقل إلى مستشفى في الخليل، ليعلن لاحقاً أن الإصابة أدت لاقتلاع عينه.
وأطلق صحافيون ونشطاء فلسطينيون حملة إلكترونية، عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان: (# كلنا_معاذ، # عين معاذ، #عين_الحقيقة_لن_تنطفئ).
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية إصابة سبعة أشخاص بجروح طفيفة والعشرات بالاختناق، أمس، خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي في بيت لحم بالضفة الغربية. وشهدت عدة مدن في الضفة الغربية مظاهرات مماثلة للتضامن مع عمارنة، بدعوة من نقابة الصحافيين الفلسطينيين وجهات أهلية ورسمية. كما جرت مظاهرة تضامنية مماثلة في مدينة غزة، رفع المشاركون فيها لافتات تندد بـ«استمرار انتهاكات» إسرائيل بحق الصحافيين الفلسطينيين واستهدافهم خلال عملهم.
وقالت وزارة الإعلام الفلسطينية، إن استهداف عمارنة خلال عمله الصحافي «استمرار لسجل أسود حافل لإسرائيل بملاحقة حراسة الحقيقة، ومحاولة أخرى لحجب الجرائم».
واتهمت الوزارة في بيان صحافي إسرائيل بأنها «تتنكر لكل القوانين الدولية، وتمعن في الاعتداء على كل من يحاول نقل عدوانها»، مطالبة بتحرك دولي لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بحماية الصحافيين، والصادر قبل أربع سنوات.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.