عراقيون لا يرون جديداً في تسريبات وثائق إيرانية

أكدوا أن نفوذها معروف ومشخص محلياً منذ سنوات

TT

عراقيون لا يرون جديداً في تسريبات وثائق إيرانية

إذا كانت الوثائق الإيرانية المسربة حول صلات وعلاقات تعاون وثيق مع وزراء ومسؤولين كبار في الدولة العراقية قد شكلت صدمة أو كشفاً لمراقبين وجهات خارج العراق، فإنها لم تشكل ذلك بالنسبة لعموم العراقيين، سواء على مستوى النخب السياسية والثقافية والاجتماعية، أو على مستوى الأشخاص العاديين، نظرا للمعلومات الشائعة محلياً حول طبيعة الممارسات الإيرانية على الأرض وهيمنتها منذ سنوات على طيف واسع من القوى السياسية العراقية.
صحيح أن هيمنة ونفوذ إيران على غالبية القوى الشيعية أكثر وضوحا، لكن ذلك، بحسب كثير من المراقبين، لا يعني أن بعض الجهات والأحزاب الكردية والسنية لا يحظى بعلاقات وطيدة مع إيران ويدور في فلك مصالحها. وقد كشف تشكيل حكومة عادل عبد المهدي عام 2018 ذلك بوضوح عندما دفعت بالقوى الشيعية في تحالف «الفتح» الحشدي إلى التحالف مع قوى سنية، كانت حتى ذلك التاريخ محسوبة شيعياً على جناح التطرف والمتعاطف مع «داعش» وقبلها «تنظيم القاعدة». لذلك فإن طيفا واسعا من العراقيين، خاصة من المكون الشيعي، لا يترددون في التعبير عن امتعاضهم منذ سنوات من حجم التغلغل الإيراني في العراق الذي يعرفونه جيداً، نظراً لأن غالبية قوى الجماعات الشيعية تقع تحت طائلة ذلك النفوذ، وخاصة تلك التي تأسست بعد عام 2003 بدعم أو رعاية إيرانية. بل ثمة فصائل «ولائية» مسلحة كثيرة تعلن دون تحفظ ولاءها المطلق لولاية الفقيه الإيرانية. حتى أن تلك الفصائل نشطت خلال الأعوام الماضية وتحت مرأى ومسمع الناس والسلطات بتجنيد آلاف الشباب الشيعة للدفاع عن نظام بشار الأسد السوري الحليف لإيران. وكانت تقوم، وبعلم الحكومة، بنقل أولئك الشباب عبر الحدود البرية إلى إيران من دون وثائق سفر، تمهيداً لنقلهم إلى سوريا بعد خضوعهم إلى دورات تدريب عسكري سريعة في إيران، ثم تتم عودتهم بنفس الطريقة.
على أن مراقبين ومهتمين بما يجري اليوم من مظاهرات واحتجاجات تستهدف في جانب مهم منها النفوذ الإيراني في البلاد، ينظرون بعين الاهتمام لما ورد في الوثائق ولا يقللون من أهمية «الفتوحات» التي كشفتها بشأن طبيعة ونفوذ إيران والجماعات والشخصيات المرتبطة به، وما لذلك من تأثير على دفع حركة الحراك قدما وصولا إلى إطاحة الحكومة وربما التمكن من محاسبة المتورطين في التعاون مع إيران لاحقا.
وفي هذا السياق، يرى رئيس «مركز التفكير السياسي» الدكتور إحسان الشمري أن ما تكشفه التسريبات «ليس بجديد في الإطار العام، فالتغلغل الإيراني وتحكمه في مفاصل الأمور على مستوى الداخل العراقي معروف منذ عام 2003». ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «أهمية الوثائق التي كشفت الجزء اليسير من الحقيقة، تكمن في أن ذلك يؤشر بما لا يقبل الشك بأن الصيغة السياسية التي حكمت البلاد بعد 2003 دفعت بها لأن تكون منخفضا هشا أمام الوجود الإيراني، وعززت من فكرة المجال الحيوي التي عملت إيران على تكريسه في العراق». ويتابع: «من المؤكد أن الوثائق سيكون لها انعكاسات ومآلات تبدأ أولاً بساحات الاعتصام، لأنها ستكرس القناعات المعلنة لديهم بشأن التغلغل الإيراني، وتعمق لديهم الشعور بأن هذه الجماعة السياسية، أو الجزء الأكبر منها لم يكن يعمل لصالح البلاد وكانت متواطئة مع القوى الخارجية». ويعتقد الشمري أن «الوثائق ربما مثلت إشارة أميركية صغيرة إلى الطبقة السياسية من أنها تملك الكثير من الأدلة حول تورطها مع إيران».
أما على مستوى جماعات الحراك الاحتجاجي فتميل أغلب وجهات النظر إلى أن تأثير الوثائق سيكون «طفيفا»، حيث يتفق الناشط والصحافي علي السومري على أن «المعلومات التي يمتلكها أي عراقي عن الوضع في العراق، وما فيه من عملاء سنة وشيعة وأكراد يعملون ضد مصلحة العراق، أكثر وأهم مما نشرته (نيويورك تايمز)». ويقول السومري وهو من الناشطين في الحراك الاحتجاجي لـ«الشرق الأوسط»: «لا شيء جديدا في الوثائق لا نعرفه، إنها بمثابة من فسر الماء بعد الجهد بالماء، لكنها مفيدة على أي حال وتسمح بأن يعرف العالم ما كنا نردده خلال سنوات».
ويرى أن «تأثير الوثائق على حركة الاحتجاج في العراق لن يكون كبيراً جداً، لأن المتظاهرين يعرفون أهدافهم جيدا ومتمسكون بها ولن يتراجعوا عن تحقيقها مهما كلف الأمر، لكنه ربما يسهم في إقناع بعض الجماعات المترددة في الالتحاق بالثورة بعد أن انكشف وعلى مستوى دولي عورة النظام السياسي الحالي».
من جانبه يرى الناشط أحمد خزام أن «الولايات المتحدة هي من سمحت لإيران في التغلغل في العراق إلى هذا الحد، شخصيا لم أعد أثق بها وربما يشاركني هذه القناعة عدد كبير من زملائي المتظاهرين». ويضيف خزام: «تسريب الوثائق في هذا التوقيت يأتي في سياق صراع أميركا مع إيران ويهدف لأغراض الخاصة، أما نحن فنعرف كل شيء عما فعلته إيران ببلادنا، ولسنا بحاجة إلى محرضات جديدة لنستمر في نضالنا ضد سلطات العمالة المعلنة».
وردا على ما ورد من وثائق حول قبوله طلبا إيرانيا لعبور شحنات الأسلحة إلى سوريا عبر الأجواء العراقية، أصدر وزير النقل الأسبق باقر صولاغ جبر، أمس، بيانا ذكر فيه أن اتفاقية عبور الطائرات عبر الأجواء العراقية تمت قبل تسلم جبر الوزارة، وكانت تخضع للتفتيش الأميركي بشكل دوري و«كانت تنقل المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء للشعب السوري وهو ما نشرته الصحيفة في تقريرها».
إلى ذلك، قال زعيم الحزب الشيوعي وعضو تحالف «سائرون» النائب رائد فهمي إن «النفوذ الإيراني في العراق واضح ومؤكد، وهو غير مقبول مطلقا من أي جهة». وقال فهمي لـ«الشرق الأوسط»: «يجدر بالبرلمان التوقف مليا حيال ما ورد في الوثائق، لكن قبل ذلك يجدر التأكد من المعلومات التي وردت فيها». وأضاف أن «ما ورد في الوثائق شيء شائن ويمس سمعة العراق وقضية التدخل في شؤون العراق غير مقبولة مطلقا، سواء من إيران أو غيرها».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.