موقوفو الحراك اللبناني يواجهون «محاولات تدجين» واتهامات تخوين

TT

موقوفو الحراك اللبناني يواجهون «محاولات تدجين» واتهامات تخوين

لم يخرج الحراك الشعبي اللبناني الذي دخل شهره الثاني عن سلميته، رغم محاولات بعض أحزاب السلطة حرفه عن مساره، إلا أن حملة التوقيفات التي طالت عشرات الناشطين، تقلق ناشطي الحراك من المضي بسياسة تطويعهم إما بالتدجين وحثّهم على مغادرة الساحات، وإما بالضغوط والاعتقالات و«تركيب التهم الجاهزة»، ومنها مزاعم تلقي الدعم المالي من سفارات وأجهزة غربية، وهو ما ركزت عليه التحقيقات مع عدد من الناشطين قبل إطلاق سراحهم.
وكان الجيش أوقف عدداً كبيراً من الشبان، خلال عملية فتح الطرق في بيروت وجبل لبنان والشمال، إلا أن مصدراً عسكرياً أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل الذين أوقفهم الجيش من عناصر الحراك جرى تركهم بعد وقت قصير». لكنه لفت إلى أن «بعض الأشخاص لا يزالون قيد التوقيف بعدما تبين أن مذكرات قضائية صادرة بحقهم بجرائم مختلفة، إضافة إلى أشخاص ضبطت بحوزتهم مواد مخدرة».
وألقي القبض على العدد الأكبر من الموقوفين في جنوب لبنان، على خلفية إحراق المنتجع المعروف باسم «استراحة صور». وقال أحد أعضاء فريق الدفاع المحامي باسل عباس لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك 18 موقوفاً متهمين بجرم التخريب والتكسير في ملف إحراق استراحة صور». وأضاف، أن هؤلاء سيمثلون اليوم أمام قاضي التحقيق الأول في جنوب لبنان مارسيل الحداد، موضحاً أن المحامين سيتقدمون بطلبات لإخلاء سبيل الموقوفين بعد جلسة التحقيق «وننتظر قرار القضاء بهذا الشأن».
وبموازاة الاهتمام بموقوفي الجنوب، يتابع محامون ملفات الموقوفين في بيروت أيضاً. وأكدت المحامية هبة فرحات لـ«الشرق الأوسط» أن «ثمة موقوفين اثنين في بيروت، هما جواد إبراهيم الموجود لدى الشرطة العسكرية، والذي تبين وجود وثيقة اتصال بحقه، تتهمه بإطلاق نار في مكان مأهول في وقت سابق لاندلاع الثورة». وأشارت إلى أنها تتابع موضوع توقيف الناشط في الحراك محمد عيسى الذي اعتقل على خلفية توزيع صورة لرئيس الجمهورية ميشال عون عبر تطبيق «واتساب» تتضمن تهكماً.
وشددت على أن «فريق المحامين يكثّف اتصالاته ولقاءته بالمراجع القضائية من أجل الإفراج عن جميع الموقوفين، ويتلقى الشكاوى من ذوي الأشخاص الذي يجري اعتقالهم أو استدعاؤهم للتحقيق أمام الأجهزة الأمنية».
ونفّذ أمس عدد كبير من المحامين والناشطين في الانتفاضة الشعبية ومن الأهالي، اعتصاماً أمام قصر العدل في بيروت، للضغط على القضاء من أجل إطلاق سراح الموقوفين من الحراك الشعبي، وطالبوا النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، بالإيعاز لمن يلزم في الأجهزة القضائية والأمنية لإطلاق سراح الموقوفين بإحراق استراحة صور.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».