«هيئة تحرير الشام» تقيل «حكومة الانقاذ» بعد احتجاجات في إدلب

مروحيات تلقي «براميل متفجرة» على شمال غربي سوريا

TT

«هيئة تحرير الشام» تقيل «حكومة الانقاذ» بعد احتجاجات في إدلب

وافقت قيادة «هيئة تحرير الشام» على استقالة «حكومة الإنقاذ» التي تعدّ الذراع المدنية لـ«الهيئة» في منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا، بموجب اتفاق روسي - تركي.
وكان «حكومة الإنقاذ» قدمت بعد نحو عامين من تشكيلها استقالتها بعد احتجاجات في مناطق متفرقة من إدلب ومحيطها بسبب تردي الوضع المعيشي والاقتصادي، سببه قرارات وتصرفات تلك الحكومة من فرض الضرائب التي يعدّها المدنيون في إدلب بمثابة إتاوات.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بقبول مجلس الشورى العام طلب استقالة مجلس وزراء حكومة الإنقاذ الذي تقدمت به في الـ16 من الشهر الحالي. وأكدت مصادر أن القبول جاء بعد تصويت أعضاء الشورى، في حين تم تكليف رئيس جديد للدورة الثالثة، وإعطاؤه مهلة 30 يوماً لتشكيل حكومته، ليصار إلى عرضها على مجلس الشورى لمنح الثقة.
وبحسب مخرجات اجتماع مجلس الشورى، تعدّ الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال ريثما يتم تشكيل حكومة جديدة.
يذكر أن حكومة «الإنقاذ» تدير المؤسسات المدنية في منطقة الاتفاق التركي - الروسي، في إدلب وأجزاء من أرياف اللاذقية وحماة وحلب شمال غربي سوريا، كما تعدّ الواجهة المدنية لـ«تحرير الشام».
وكان «المرصد السوري» نشر في الـ16 من نوفمبر (تشرين الثاني) أن أعضاء مجلس الشورى عقدوا اجتماعاً طارئاً على خلفية تقديم حكومة «الإنقاذ» استقالتها، وذلك تزامناً مع انتهاء مدة ولايتها.
وقالت مصادر إن اجتماع مجلس الشورى جاء لتثبيت الوزراء الحاليين لولاية جديدة بسبب الظروف التي تمر بها المناطق التي تديرها. ونقلت المصادر أن من المرجح أن تمدد فترة ولاية حكومة «الإنقاذ» لعدة أشهر مقبلة.
وتعاني مناطق نفوذ تحرير الشام وحكومة الإنقاذ صعوبات بالغة تتمثل بالوضع المعيشي لسكان هذه المناطق، «وما زاد الطين بلة فرار المنظمات الإنسانية بسبب وجود حاشية (هيئة تحرير الشام) التي لم توفر فرض الضرائب حتى على الفقراء»، بحسب «المرصد». وأشار إلى أن حكومة «الإنقاذ» فرضت 5 في المائة على ما يخرج من الزيت في المعاصر ما سبب استياء واسعاً لدى المزارعين، وزاد من هذا الاستياء حصار مدينة «كفرتخاريم» في مطلع نوفمبر الحالي.
كما تعاني المناطق من احتجاجات واسعة «بسبب فقدان المحروقات من الأسواق، بينما تحتكر شركة (وتد) المحروقات لصالحها، حيث ارتفع سعر لتر المازوت إلى الضعف تزامناً مع عملية نبع السلام». وشهدت بلدات عدة في إدلب وحلب احتجاجات واسعة بسبب سياسة حكومة «الإنقاذ» التي يراها السكان أداة وواجهة مدنية لرئيس «الهيئة» أبو محمد الجولاني والتنظيمات التي خنقت، «وما زالت تخنق المواطنين وتسلب منهم قوت يومهم أمام أعينهم»، بحسب «المرصد».
كانت «وكالة أبناء الشام» المقربة من «الهيئة»، نقلت عن نائب رئيس مجلس الوزراء في «الإنقاذ»، مؤيد الحسن، أنه «بعد انتهاء ولاية المجلس الحالية، قدمنا طلب استقالة لمجلس الشورى العام»، مضيفاً أن «سبب الاستقالة يأتي بغية إفساح المجال لأصحاب الخبرة، لتقديم ما لديهم والارتقاء بواقع المنطقة».
على صعيد آخر، قال: «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، إن الطيران المروحي ألقى عدداً من البراميل على أماكن في محيط كفرنبل وقرية بسقلا بريف إدلب الجنوبي، في حين جددت طائرات حربية روسية غاراتها على الريف الإدلبي، مستهدفة قرية المشيرفة جنوب شرقي المدينة، بينما نفذت طائرات النظام الحربية غارات عدة على مناطق في أطراف الناجية بريف جسر الشغور غرب إدلب، ومحور كبانة بجبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي.
ونشر «المرصد السوري»، أن طائرات «الضامن» الروسي عادت لتنفذ سلسلة غارات جديدة على منطقة خفض التصعيد، بعد غيابها عن الأجواء منذ عصر الأحد، لتعود وتنفذ غارات مكثفة صباح الاثنين، استهدفت خلالها مناطق في كفرنبل والدار الكبيرة ومعرة حرمة وكفرسجنة بالقطاع الجنوبي من الريف الإدلبي، في حين قصفت قوات النظام بعد منتصف الليل، أماكن في معرة حرمة وكفرسجنة والشيخ مصطفى وأرينبة وتحتايا والتح وأم جلال والمشيرفة والزرزور بريف إدلب.
ودارت اشتباكات عنيفة على محور زمار بريف حلب الجنوبي، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، ومجموعات مقاتلة من جهة أخرى، ترافقت مع قصف واستهدافات متبادلة، ومعلومات عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين. كما دارت اشتباكات في محور تل دم بريف إدلب الشرقي، في محاولة فاشلة من قبل قوات النظام للتقدم في المنطقة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.