جدل في الجزائر حول «تسييس» قضية «حاملي الراية الأمازيغية»

تبون يقلل من تأثير رافضي الانتخابات ويتمسك بحملة قوية

TT

جدل في الجزائر حول «تسييس» قضية «حاملي الراية الأمازيغية»

رفض محامون في محكمة بالعاصمة الجزائرية، أمس، الترافع عن 20 متظاهراً من الحراك متهمين في قضية «معتقلي الراية الأمازيغية»، بذريعة أن «المحاكمة سياسية» وأن «تهمة تهديد الوحدة الوطنية لا أساس لها»، فيما قلل رئيس الوزراء السابق المرشح للرئاسة عبد المجيد تبون من تأثير رفض الحراك إجراء الانتخابات، متعهداً بخوض الحملة «بقوة».
وساد التوتر محكمة سيدي امحمد بعد أن قرر نحو 30 محامياً مدافعاً عن المعتقلين، الانسحاب من قاعة الجلسات إيذاناً برفض المرافعات. وعدَّ مراقبون ذلك موقفاً سياسياً منهم ومن عائلات المعتقلين التي تتحدر في معظمها من منطقة القبائل التي تجمعها خصومة سياسية شديدة بالسلطة، منذ الأيام الأولى للاستقلال في ستينات القرن الماضي.
وأكد أحد المحامين أن القضاء «يتعامل بناءً على تعليمات فوقية في هذا الملف الخالي من أي أدلة تثبت التهمة، فالقضاة يعلمون جيداً أن قانون العقوبات لا يجرّم حمل راية أخرى غير العلم الوطني الرسمي في المظاهرات، ومع ذلك أودعوهم الحبس الاحتياطي، وسيدينونهم بالسجن النافذ كما جرى لرفاقهم الأسبوع الماضي»، في إشارة إلى إدانة 22 متظاهراً من «حاملي الراية الأمازيغية» الأحد الماضي، من المحكمة نفسها، بالسجن 12 شهراً، ستة منها نافذة وغرامة مالية بـ20 ألف دينار (نحو 120 دولاراً). ووجهت إليهم النيابة تهمة «المساس بسلامة وحدة الوطن». ومن المفارقات أن محكمة أخرى في العاصمة برأت في اليوم التالي 5 معتقلين متابَعين بالتهم نفسها.
واستمرت المحاكمة حتى آخر نهار أمس، واقتصرت على حضور النيابة وقضاة الحكم. ووضع القاضي رئيس الجلسة الملف في المداولة وأعلن عن النطق بالأحكام يوم 25 من الشهر الجاري، فيما كان نشطاء من الحراك خارج المحكمة للاحتجاج على سجن الموقوفين، ورددوا شعارات حراك الجمعة الأسبوعي، المنددة بـ«تنظيم الانتخابات مع العصابات».
وعلى صعيد حملة الانتخابات الرئاسية التي دخلت أمس يومها الثاني، اعتبر تبون في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية أن «الحديث عن رفض شعبي واسع للانتخابات، هو تعبير غير دقيق، بل ومخالف للحقيقة، فالشعب الجزائري هو 45 مليون نسمة، والكتلة الناخبة تقدر بما يناهز 24 مليون ناخب، وحتى قياساً بالدول الديمقراطية العريقة، عند خروج الآلاف للتنديد ببعض المواقف المعينة فهو لا يعكس رأي الأغلبية، فمثلاً خروج مظاهرات الجمعة الأسبوعية لم يصبح بالزخم الذي كان عليه في أسابيع الحراك الأولى... لقد كان بالملايين حينذاك، أما الآن فهو بالآلاف».
وأشار إلى أن «الكل يرصد كيف تحولت شعارات الحراك أيضاً إلى استهداف الجيش والمطالبة بالمرحلة الانتقالية التي ترفضها الغالبية من الشعب لأنه يعرف مخاطرها، ولذا نتساءل: أين هي الأغلبية الرافضة التي يتحدثون عنها... الواقع أن هناك أغلبية صامتة وأقلية تستعمل الأبواق الخارجية للصراخ ضد الانتخابات».
ولفت إلى أن «هناك مسيرات شعبية مطالبة بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، لأن الجماهير ترى أن إفشال الانتخابات هدفه ضرب الاستقرار في الجزائر، وإدخال البلاد في دوامة من العنف خدمةً لأجندات دولية معروفة».
ورغم تعرض أغلب المرشحين ومؤيديهم لحوادث احتكاك وطرد من قبل الحراك الرافض للانتخابات، قلل تبون من مخاوف البعض من تحول مباشرة المرشحين لحملاتهم الانتخابية إلى رهان وتحدٍّ صعب. وقال: «سنشارك بقوة في الحملة الانتخابية، وسننزل إلى الولايات لعرض البرنامج الانتخابي على الناخبين، كما سنعقد مؤتمرات انتخابية وسنشارك في الحصص والبرامج التلفزيونية... ونرى أن استهداف المرشحين أو مندوبيهم أو أي مواطن آخر يرغب في التوجه إلى المشاركة في الانتخابات عمل غير ديمقراطي نندد به ويقع تحت طائلة القانون».
وأبدى تبون (74 سنة) انزعاجاً من عقد مقارنة بينه وبين الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي عمل معه لسنوات. وقال تبون في مقابلة مع الإذاعة الحكومية للصحافية التي حاورته: «لماذا تعودين بي إلى السابق؟ أنا هنا كمترشح حامل برنامج يتوجه بالجزائر إلى المستقبل».
وعدّ نفسه «ضحية أرباب المال الفاسد»، في إشارة إلى حرب خاضها ضد رجال أعمال موجودين في السجن حالياً، عندما حاول منعهم من التدخل في السياسة. وكلَّفه هذا الموقف منصبه كرئيس للوزراء، إذ لم يبقَ فيه أكثر من شهرين في 2017. وتمكن تبون، إلى حد ما، من تقديم نفسه كإحدى ضحايا بوتفليقة. أما خصومه فيعيبون عليه «التنكر لرئيس مكَّنه من الوصول إلى أعلى المناصب في الدولة».
وظهر المرشح الرئاسي رئيس الوزراء السابق علي بن فليس، في فيديو نُشر على المنصات الرقمية الاجتماعية التابعة لحزبه «طلائع الحريات»، يخوض في جدل حاد يتعلق بـ«المساجين السياسيين» و«معتقلي الرأي»، إذ قال إن «الموضوع يهمني كثيراً. فبالنسبة إليّ، الحقوق والحريات مشوار حياتي... عُيّنت وزيراً للعدل (نهاية ثمانينات القرن الماضي) وما جاء بي إلى وزارة العدل هو حقوق الإنسان». وأضاف: «لا تعليق لي على ملف معتقلي الحراك، لا أستطيع الحديث عن ملف لم أطّلع عليه... ولا علم لي بمضمونه».
يُشار إلى أن ناشطين سياسيين بارزين سُجنوا بناءً على تهمة «إضعاف معنويات الجيش»، أبرزهم كريم طابو وفضيل بومالة وسمير بلعربي. وتفادى المرشح عز الدين ميهوبي، في تصريحات لفضائية خاصة، الرد بوضوح حول ما إذا كان سيطلق سراحهم إن أصبح رئيساً. وقال: «هذا الأمر متروك للعدالة».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.