«الحرس الثوري» و«الإخوان» اجتمعا سراً للتحالف ضد السعودية

اعتبراها «العدو المشترك» خلال اجتماع في تركيا... ودرسا العمل في اليمن والعراق

الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي خلال لقاء مع نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد في طهران عام 2012 (أ.ف.ب)
الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي خلال لقاء مع نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد في طهران عام 2012 (أ.ف.ب)
TT

«الحرس الثوري» و«الإخوان» اجتمعا سراً للتحالف ضد السعودية

الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي خلال لقاء مع نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد في طهران عام 2012 (أ.ف.ب)
الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي خلال لقاء مع نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد في طهران عام 2012 (أ.ف.ب)

كشف موقع «إنترسبت» الأميركي المعني بشؤون الاستخبارات عن «قمة سرية» عقدها قياديون من «الحرس الثوري» الإيراني مع 3 من أبرز قادة التنظيم الدولي لجماعة «الإخوان المسلمين» في أبريل (نيسان) 2014 في تركيا، بشأن «تكوين تحالف ضد السعودية باعتبارها العدو المشترك» للطرفين، بحسب برقية سرية مسربة من وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية.
وأوضح الموقع الأميركي أن اللقاء عقد في فندق بتركيا، التي كانت تعد مكاناً آمناً لتلك القمة، لأنها كانت من الدول القليلة التي تربطها علاقات طيبة مع إيران و«الإخوان»، ورغم ذلك فإن السلطات التركية رفضت منح قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري»، قاسم سليماني، تأشيرة دخول ومن ثم أناب سليماني أحد نوابه، قالت البرقية إن اسمه أبو حسين، لترؤس وفد «الحرس الثوري» الذي ضم مسؤولين كباراً بـ«فيلق القدس».
وأضاف الموقع أن اللقاء حضره من جانب جماعة «الإخوان»، 3 من أبرز قادة تنظيمها الدولي؛ وهم إبراهيم منير مصطفى، ومحمود الإبياري، ويوسف ندا.
وكشف «إنترسبت» أن «القمة السرية» حضرها طرف ثالث لم يكن كل من «الإخوان» أو «الحرس الثوري» يعلمان به؛ ألا وهو عميل لوزارة الاستخبارات الإيرانية، التي تعد منافساً لـ«الحرس الثوري» بين أجهزة الأمن القومي الإيراني. ويوضح الموقع أن العميل لم يحضر فقط الاجتماع وإنما أيضاً كان منسقاً له.
ولفتت البرقية المسربة إلى أن «وزارة الاستخبارات تحسد الحرس الثوري على قوته ونفوذه وتحاول بشكل سري تتبع أنشطته في العالم».
وأشار الموقع الأميركي إلى وجود اجتماعات واتصالات عامة بين مسؤولين إيرانيين ومصريين عندما كان الرئيس المعزول محمد مرسي رئيساً لمصر، ولكن البرقية المسربة تلقي الضوء على محاولة سرية من «الإخوان» والمسؤولين الإيرانيين للحفاظ على التواصل بينهما وتحديد ما إذا كان لا يزال بإمكانهما العمل بعد عزل مرسي، أم لا.
وذكر «إنترسبت» أن القمة جاءت في لحظة حرجة لـ«الحرس الثوري» و«الإخوان»، وهو ما قد يفسر سبب اتفاق الطرفين على الحديث، فـ«الإخوان» التي أضعفتها الخسائر التي تكبدتها في مصر، ربما نظرت إلى التحالف مع الإيرانيين على أنه فرصة لاستعادة بعض مكانتها الإقليمية. وتابع أن تنظيم داعش الإرهابي كان يهدد الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي الذي كان ينظر إليه على أنه «دمية» إيرانية، ما دفع «الحرس الثوري» إلى التدخل وقيادة ميليشيات شيعية في المعركة ضد «داعش». وتحول حلم «الربيع العربي» إلى كابوس، وكانت الحرب مستعرة في سوريا، في حين عزل مرسي بمصر.
وقالت البرقية إن وفد «الإخوان»، قال في افتتاح الاجتماع، إن لديه منظمات في 85 دولة، وإنه «يجب التركيز على أسس مشتركة للتعاون بين إيران كرمز وممثل للعالم الشيعي والإخوان ممثلاً للعالم السني رغم أن الخلافات بينهما لا جدال فيها».
وتابع الوفد «الإخواني» أن أحد أهم الأشياء المشتركة هي «كراهية السعودية» التي تعد «العدو المشترك» للجماعة وإيران، وأنه يمكن للجانبين توحيد صفوفهما ضد الرياض، وأن أفضل مكان للقيام بذلك هو اليمن. وأوضح أنه مع نفوذ إيران على الميليشيات الحوثية وكذلك نفوذ «الإخوان» على الفصائل السنية المسلحة، ينبغي بذل جهد مشترك لتخفيف حدة الصراع بين «الحوثيين» والقبائل السنية «لتكون قادرة على استخدام قوتها ضد السعودية».
وبشأن العراق، قال الوفد «الإخواني» إن الجماعة «تريد السلام في العراق»، وإنه «من الجيد تخفيف التوتر بين الشيعة والسنة وإعطاء السنة فرصة للمشاركة في الحكومة العراقية أيضاً»، وإن «الإخوان» و«فيلق القدس» ربما يتعاونان لوقف الحرب بالعراق.
وعن مصر، قال الوفد «الإخواني» إنه لا يريد مساعدة من إيران للعمل ضد الحكومة المصرية. وقال الموقع إن قادة «الإخوان» ربما أدركوا أنه سيتم تشويههم في مصر إذا طلبوا مساعدة إيران لاستعادة السلطة.
وقال موقع «إنترسبت» إن القيادي «الإخواني» يوسف ندا، قال في مقابلة حديثة، إنه لم يحضر هذا الاجتماع، ولم يسمع به أبداً، لكنه قال إن جماعة «الإخوان» تهتم «بنزع فتيل أي نزاع بين السنة والشيعة، وليس فقط الحد منه». وتابع الموقع الأميركي أنه لم يتسنَّ الوصول إلى القياديين الآخرين مصطفى والإبياري للتعليق.
وأشارت البرقية إلى أن «أعضاء وفد الإخوان ربما قرروا أن يكونوا صريحين ربما لعدم شعورهم بأن الإيرانيين مهتمون حقاً بتشكيل تحالف، لأن أعضاء وفد الحرس الثوري أصروا على عدم وجود أي خلاف مسبق مع جماعة الإخوان، وهو ما عدّه ممثلو الإخوان أمراً غير واقعي».
وأشار عميل وزارة الاستخبارات إلى أنه على استعداد «للسفر مرة أخرى إلى تركيا أو بيروت لحضور أي اجتماعات مقبلة»، بحسب «إنترسبت». ووفقاً للموقع الأميركي، لا يتضح من التسريبات ما إذا كانت هناك اجتماعات أخرى قد عقدت، أم لا.


مقالات ذات صلة

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

أوروبا العلم الألماني في العاصمة برلين (أ.ب)

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

صادرت الشرطة الألمانية أجهزة كومبيوتر محمولة وأموالاً، خلال عمليات مداهمة استهدفت جمعية إسلامية تم حظرها حديثاً، ويقع مقرّها خارج برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي في مطار أنقرة في إسطنبول (من البث المباشر لوصول الرئيس المصري) play-circle 00:39

السيسي وصل إلى أنقرة في أول زيارة لتركيا

وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة يقوم بها لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)

مصر: توقيف المتهم بـ«فيديو فيصل» وحملة مضادة تستعرض «جرائم الإخوان»

أعلنت «الداخلية المصرية»، الثلاثاء، القبض على المتهم ببث «فيديو فيصل» الذي شغل الرأي العام، مؤكدة «اعترافه» بارتكاب الواقعة، بـ«تحريض» من عناصر «الإخوان».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الإعلامي بقناة «الشرق» الإخوانية عماد البحيري تم توقيفه بسبب التهرب الضريبي (من حسابه على  «فيسبوك»)

تركيا توقف إعلامياً في قناة إخوانية لتهربه من الضرائب

أحالت السلطات التركية، (الخميس)، المذيع بقناة «الشرق» المحسوبة على «الإخوان المسلمين»، عماد البحيري، إلى أحد مراكز التوقيف بدائرة الهجرة في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

الجزائر: فصيل «الإخوان» يرشح الرئيس تبون لعهدة ثانية

أعلنت حركة البناء الوطني (فصيل الإخوان في الجزائر)، الجمعة، عن ترشيحها الرئيس عبد المجيد تبون للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 7 سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.