رئيس الحركة الإسلامية في إسرائيل يكشف أن نتنياهو اقترح عليه حكومة يدعمها النواب العرب

الطيبي: ملف الفساد الآتي ضد نتنياهو سيكون حول تحريضه على اغتيالنا

فلسطينيون في بيت لحم يغطون أعينهم تضامناً مع المصور الذي أصابه الرصاص الإسرائيلي في مظاهرات الجمعة بالضفة (أ.ف.ب)
فلسطينيون في بيت لحم يغطون أعينهم تضامناً مع المصور الذي أصابه الرصاص الإسرائيلي في مظاهرات الجمعة بالضفة (أ.ف.ب)
TT

رئيس الحركة الإسلامية في إسرائيل يكشف أن نتنياهو اقترح عليه حكومة يدعمها النواب العرب

فلسطينيون في بيت لحم يغطون أعينهم تضامناً مع المصور الذي أصابه الرصاص الإسرائيلي في مظاهرات الجمعة بالضفة (أ.ف.ب)
فلسطينيون في بيت لحم يغطون أعينهم تضامناً مع المصور الذي أصابه الرصاص الإسرائيلي في مظاهرات الجمعة بالضفة (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يدير فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حملة تحريض مذهلة ضد النواب العرب، لمنع تشكيل زعيم حزب «كحول لفان» حكومة أقلية تستند إلى أصوات القائمة المشتركة، كشف رئيس الحركة الإسلامية النائب عباس منصور أن نتنياهو نفسه كان قد اتصل به، واقترح عليه أن يساند النواب العرب حكومة أقلية برئاسته.
وقال عباس، في حديث إلى إذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس (الأحد)، إنه «في أعقاب الانتخابات قبل الأخيرة، في أبريل (نيسان) الماضي، دخل نتنياهو في أزمة، ولم يستطع تشكيل حكومة، فتوجه إلى القائمة العربية الموحدة عبر عدة مسؤولين، بينهم وزير من الليكود، ليفحص مدى استعدادها لمساندة حكومة برئاسته، من دون أن تكون جزءاً من الائتلاف، تماماً كما هو مطروح اليوم مع حكومة أقلية برئاسة بيني غانتس، زعيم حزب (كحول لفان)، أي مساندة من الخارج، مقابل تلبية عدد من مطالب النواب العرب لتحقيق المساواة. وقد كان حائراً بين خيارين: أن يقيم حكومة من 60 نائباً مسنودة من العرب، أو التوجه لانتخابات جديدة. وقد قر قراره في النهاية على أن يتجه إلى انتخابات جديدة».
وجاءت هذه التصريحات لترد على الحملة التي يديرها نتنياهو ضد غانتس، بسبب طرحه خيار تشكيل حكومة مسنودة من نواب القائمة المشتركة، التي تضم 12 نائباً عربياً ونائباً يهودياً واحداً متفقاً معهم على كل بنود برنامجهم السياسي. وبلغ حد اتهامه بتهديد أمن إسرائيل للخطر جراء هذه الخطوة.
وأجرى نتنياهو اتصالاً هاتفياً مع نواب الليكود ووزرائه، ليلة السبت - الأحد، ودعاهم إلى إشعال الأرض تحت أقدام غانتس، لتخريب فكرته تشكيل حكومة ضيقة تعتمد على أصوات نواب عن القائمة المشتركة، «الذين - حسب رأيه - يتآمرون على أمن إسرائيل».
وفي الوقت ذاته، نشر نتنياهو شريطاً مصوراً توجه به إلى رفيقي غانتس في «كحول لفان»، موشيه يعلون وجابي أشكنازي، قال فيه: «انتبها لما يفعله غانتس. في غرفتي هذه، يوجد تليفون أحمر. في كل يوم، أتلقى اتصالات من القيادات العسكرية والأمنية يطلبون مني أن أصادق على عملية هنا وعملية هناك؛ كلها أمور حيوية لأمن إسرائيل. فماذا سيفعل غانتس إذا أقام حكومة كهذه؟ سيقول لمن يتصل به انتظر حتى أتصل مع أيمن عودة أو أحمد الطيبي؟ ما الذي يحدث لنا هنا؟ هل جننتم؟ أوقفوا غانتس عند حده».
وقد أثارت حملة نتنياهو هذه ردود فعل واسعة. فوزراؤه رددوا أقواله، ونواب «كحول لفان» ردوا عليها قائلين إنها آخر احتمال. وامتلأت الشبكات الاجتماعية بردود صاخبة في الاتجاهين. واستمر نتنياهو في حملته من خلال اللقاءات السياسية، فاجتمع أمس مع رئيس حزب اليهود الروس أفيغدور ليبرمان، فيما عده «آخر محاولة لإعادته إلى موقعه الطبيعي في حكومة يمين»، علماً بأن انضمام ليبرمان إلى نتنياهو يؤدي لإقامة حكومة ذات أكثرية 63 مقابل 57 للمعارضة. ودعا نتنياهو جميع نواب التكتل اليميني الذي يقوده من أحزاب الليكود والمتدينين إلى «اجتماع طارئ» للبحث في الأزمة الحكومية.
وفي المقابل، قال مسؤولون في «كحول - لفان» إنهم لم يهملوا فكرة حكومة الوحدة الوطنية مع الليكود، و«لكن في الوقت نفسه، نشجع على إنشاء حكومة انتقالية بمشاركة التحالف، والعمل - غيشر، ويسرائيل بيتنو. إذا تم تشكيل مثل هذه الحكومة، فهي ليست سوى مرحلة مؤقتة من المفاوضات بهدف تشكيل حكومة أوسع بكثير».
ووجه غانتس انتقادات شديدة اللهجة إلى نتنياهو، وكتب على «فيسبوك»: «لاحظت أنك استعملت حالة طوارئ بسبب أن هناك احتمالات لانتهاء حكمك قريباً، لكن، كلا، حالة الطوارئ هي مئات القذائف الصاروخية التي تطلق على مواطني دولة إسرائيل».
وتابع غانتس: «نتنياهو، عليك أن تستوعب، سأفعل كل شيء لمنعك من جر المواطنين إلى انتخابات للمرة الثالثة. لقد قلت ذلك كل الوقت، وأدعوك مرة أخرى اليوم، تعالَ لتوجيه المفاوضات دون شرط الحصانة، ودون كتلة اليمين، ودون أي حيل، فما نجح معك لمدة 10 سنوات لن يعمل هذه المرة.».
وإزاء هذه الأجواء التي تجعل إمكانية تشكيل حكومة شبه مستحيلة، خرج ليبرمان، الذي كان وما زال لسان الميزان القادر على ترجيح الكفة وتتويج رئيس الوزراء، وكتب على «فيسبوك»: «خلال الحملة الانتخابية، ومنذ إعلان النتائج، وعلى مدار 63 يوماً، عدت ودعوت نتنياهو وغانتس لتشكيل حكومة وحدة تعكس إرادة الناخب: نتنياهو تجاهل كل طلباتنا بالتفاوض، وأما غانتس فإن الأمور لديه ما زالت ضبابية».
وأعلن ليبرمان أنه سيعلن موقفه النهائي إزاء هذه الأزمة، ولمن سيرجح الكفة، فقط بعد منتصف الليلة المقبلة (الثلاثاء - الأربعاء)، مؤكداً أنه ما زال يعارض التوجه إلى انتخابات ثالثة. ويحاول غانتس إقناع ليبرمان بتأييده في تشكيل حكومة أقلية مؤقتة، قائلاً إنه يجري محادثات مع مجموعة مؤلفة من 5 إلى 7 أعضاء كنيست من حزب الليكود، بهدف إقناعهم بالانشقاق عن حزبهم، والانضمام إلى حكومة كهذه، من أجل منع انتخابات، ومن دون الاعتماد على أعضاء الكنيست العرب. وأنه يحاول إقناع مجموعة أعضاء الكنيست من الليكود بأنه بعد انضمامهم إلى حكومة برئاسته (أي برئاسة غانتس)، سينضم حزب الليكود كله، وتقام بهذه الطريقة حكومة وحدة»، لكن الليكود سارع إلى استبعاد حدوث انشقاق كهذا، وقالوا إن نتنياهو أقدر على شق «كحول لفان».
يذكر أن موعد انتهاء تكليف غانتس سيحل في منتصف ليلة الأربعاء - الخميس، فإن لم يتمكن حتى ذلك الوقت من تشكيل حكومة، سيكون عليه إعادة كتاب التكليف. وعندها، سينتقل الكتاب إلى الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) نفسه. وستبدأ جهود لتجنيد 61 نائباً يؤيدون أحد أعضاء الكنيست رئيساً للحكومة. فإذا فشلت الجهود، يقرر الكنيست حل نفسه، والتوجه إلى انتخابات جديدة تقام في مارس (آذار) المقبل. وفي حالة كهذه، يبقى نتنياهو رئيس حكومة مؤقتة إلى حين يتم تشكيل حكومة جديدة، أي على الأقل حتى أبريل (نيسان) المقبل، وهذا ما يريده نتنياهو من كل خطواته، لأنه يريد أن يصل إلى المحاكمة بتهم الفساد وهو في مركز قوة، كرئيس حكومة، وليس كمواطن عادي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».