سجال ثلاثي بين مكتبي الحريري والصفدي و«التيار الوطني الحر»

TT

سجال ثلاثي بين مكتبي الحريري والصفدي و«التيار الوطني الحر»

هاجم المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية سعد الحريري «التيار الوطني الحر» على خلفية تصريحات لمسؤوليه، وتسريبات إعلامية تحمّل الحريري مسؤولية طلب الوزير السابق محمد الصفدي سحب اسمه كمرشح لتشكيل الحكومة الجديدة، بحجة تراجعه عن وعود مقطوعة للوزير الصفدي، وبتهمة أن هذا الترشيح لم يكن إلا «مناورة» لحصر إمكانية تشكيل الحكومة بشخص الحريري.
وقال المكتب في بيان: «إزاء هذا التمادي في طرح وقائع كاذبة وتوجيه اتهامات باطلة، فإن مراجعة بيان الانسحاب للوزير الصفدي كافية لتظهر أنه كان متيقناً من دعم الرئيس الحريري له، وعلى أفضل علاقة معه، وتمنى أن يتم تكليف الرئيس الحريري من جديد، وهو ما يتناقض مع رواية التيار الوطني الحر جملة وتفصيلاً».
وأضاف: «يتضح من مراجعة البيان نفسه أن الوزير الصفدي كان صادقاً وشفافاً بإعلان أنه رأى صعوبة في تشكيل حكومة متجانسة ومدعومة من جميع الأفرقاء السياسيين، تمكنها من اتخاذ إجراءات إنقاذية فورية، تضع حداً للتدهور الاقتصادي والمالي وتستجيب لتطلعات الناس في الشارع، وهو ما يكذّب كلياً مزاعم التيار الوطني الحر ومسؤوليه».
وأكد المكتب الإعلامي للحريري أن الوزير جبران باسيل «هو من اقترح وبإصرار مرتين اسم الوزير الصفدي، وهو ما سارع الرئيس الحريري إلى إبداء موافقته عليه، بعد أن كانت اقتراحات الرئيس الحريري بأسماء من المجتمع المدني، وعلى رأسها القاضي نواف سلام، قد قوبلت بالرفض المتكرر أيضاً». وقال: «لا غرابة في موافقة الرئيس الحريري على ترشيح الوزير الصفدي، الذي يعرف القاصي والداني الصداقة التي تجمعه به، والتي جرت ترجمتها في غير مناسبة سياسية».
وشدد على أن الحريري «لا يناور، ولا يبحث عن حصر إمكانية تشكيل الحكومة بشخصه، بل إنه كان أول من بادر إلى ترشيح أسماء بديلة لتشكيل الحكومة»، معتبراً أنه «كان واضحاً منذ اليوم الأول لاستقالة الحكومة (في اللقاء) مع كل ممثلي الكتل النيابية، أنه لا يتهرب من أي مسؤولية وطنية، إنما المسؤولية الوطنية نفسها تفرض عليه إبلاغ اللبنانيين والكتل النيابية سلفاً أنه إذا تمت تسميته في الاستشارات النيابية الملزمة التي يفرضها الدستور، فإنه لن يشكل إلا حكومة إخصائيين، انطلاقاً من قناعته أنها وحدها القادرة على مواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة والعميقة التي يمر بها لبنان». واعتبر المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال أن «سياسة المناورة والتسريبات ومحاولة تسجيل النقاط التي ينتهجها التيار الوطني الحر هي سياسة غير مسؤولة، مقارنة بالأزمة الوطنية الكبرى التي يجتازها بلدنا، وهو لو قام بمراجعة حقيقية لكان كف عن انتهاج مثل هذه السياسة عديمة المسؤولية، ومحاولاته المتكررة للتسلل إلى التشكيلات الحكومية، ولكانت الحكومة قد تشكلت وبدأت بمعالجة الأزمة الوطنية والاقتصادية الخطيرة، وربما لما كان بلدنا قد وصل إلى ما هو فيه أساساً».
ولاحقاً، أصدر المكتب الإعلامي للوزير السابق محمد الصفدي بياناً قال فيه: «أردت أن يكون بيان انسحابي أمس بياناً يجمع ولا يفرق، شكرت فيه الرئيس الحريري على تسميتي لتشكيل الحكومة العتيدة، ولم أود أن أذكر تفاصيل المفاوضات بيني وبينه، فإذا بي أفاجأ ببيان صادر عن المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري يتضمن تفنيداً لما صدر عني، وذلك في إطار الاستخدام السياسي».
وأكد الصفدي أن «المرحلة التي يمر بها لبنان مرحلة صعبة ومفصلية وخطيرة وتتطلب منّا جميعاً التكاتف والتضامن ووضع الخلافات السياسية جانباً، وانطلاقاً من هذا الأمر تخطيت الوعود التي على أساسها قبلت أن أسمّى لرئاسة الحكومة المقبلة، التي كان الرئيس قطعها لي، لكنه لم يلتزم بها لأسباب ما زلت أجهلها، فما كان منّي إلا أن أعلنت انسحابي. أما اليوم فأدعو الجميع إلى الحكمة والتبصر والوعي أن لبنان أكبر منّا جميعاً وهو في خطر داهم».
ولاحقاً، ردّت اللجنة المركزية للإعلام في «التيار الوطني الحر» على بيان المكتب الإعلامي للحريري، قائلة إنه «يتضمن جملة افتراءات ومغالطات مع تحريف للحقائق». ورأت أن «أسباب وصول لبنان إلى الوضع الصعب الذي هو فيه تعود إلى السياسات المالية والاقتصادية والممارسات التي كرست نهج الفساد منذ 30 عاماً، ولا يزال أصحابها يصرون على ممارستها، وما المعاناة التي مررنا بها وعبرنا عنها جزئياً في السنوات الأخيرة سوى بسبب رفضنا لهذه الممارسات وإصرار تيار المستقبل على التمسك بها وحماية رجالاتها».
وقالت اللجنة إن «التيار الوطني الحر بادر وتحرك من أجل الإسراع بسد الفجوة الكبيرة التي سببتها استقالة دولة الرئيس الحريري على حين غفلة لأسباب مهما كانت مجهولة إلا أنها وضعت البلد في مجهول أكبر، لكن التيار، ولأجل التسريع في بدء عملية الإنقاذ، قدم كل التسهيلات الممكنة، وذلك بعدم رفضه لأي اسم طرحه الرئيس الحريري، وعدم تمسكه بأي اسم من جهته، إلا أنه أصبح واضحاً أن سياسة الرئيس الحريري لا تقوم فقط على مبدأ؛ أنا أو لا أحد على رأس الحكومة، بل زاد عليها مبدأ آخر، وهو؛ أنا ولا أحد غيري في الحكومة، وذلك بدليل إصراره على أن يترأس هو حكومة الاختصاصيين، وتبقى شهادة الوزير الصفدي المقتضبة واللائقة كافية لتبيان من يقول الحقيقة». وقال «التيار» إن ما يهمه «هو قيام حكومة قادرة على وقف الانهيار المالي ومنع الفوضى والفتنة في البلد، والتي يعلم دولة الرئيس الحريري تماماً من وكيف يحضر لها، وعليه تفاديها، وحيث إن دولته يؤكد أن أولويته هي تشكيل الحكومة من دون أي غاية سياسية خاصة، فإننا ندعوه للتعالي عن أي خصام سياسي؛ خصوصاً أنه يفتعله معنا على قاعدة (ضربني وبكى، سبقني واشتكى)، فقد فعل فعلته وسارع إلى الإعلام، ولذا ندعوه إلى أن يلاقينا في الجهود للاتفاق على رئيس حكومة جامع لكل اللبنانيين، ونقول إن الفرصة لا تزال متاحة أمامنا جميعاً كي ننقذ البلد، عوضاً عن الاستمرار بنحره إفلاساً وفساداً».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.