بدا البون شاسعاً بين تصريح وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري المتلفز حول «الطرف الثالث» الذي يتولى قتل المتظاهرين والقوات الأمنية على حد سواء، وبين البيان الذي صدر عن الوزارة في شأن تأويل ما صدر عن الوزير.
الوزير قال إن قنابل الغاز المسيل للدموع التي استخدمت في التعامل مع المظاهرات هي ليست تلك التي تملكها الدولة العراقية والتي قامت باستيرادها، بل هي نوع جديد زنته أكبر ويقتل على بعد 300م، والأهم أنه لم يستورد من قبل الحكومة، ويتولى استخدامه بالضد من المتظاهرين طرف ثالث، لم يفصح عنه.
هذه التصريحات التي صدرت عن الوزير الشمري خلال زيارته الأخيرة إلى باريس، أشعلت فتيل التأويلات والتوقعات معاً. فحكاية المندسين بقيت تلاحق المظاهرات العراقية منذ عام 2011 إلى عام 2018 لكنها تطورت إلى ما هو أكثر خطورة حين بات يجري الحديث اليوم عن «طرف ثالث» يتولى استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين الذين يسعون إلى إبقاء مظاهراتهم سلمية. والأهم أنه في الوقت الذي لا تسمح الحكومة العراقية باستخدام الرصاص الحي تحت أي ذريعة بل قامت بسحبه لكي تنقذ نفسها من ملاحقات منظمات حقوق الإنسان في داخل البلاد وخارجها، فإن الغاز المسيل للدموع وبواسطة «الطرف الثالث» تحول إلى خطر داهم يعرقل مهمات رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في إمكانية استيعاب مطالب المتظاهرين التي لا تتحقق إلا ببقاء المظاهرات سلمية.
بيان وزارة الدفاع يقول إن «ما يقصده الوزير ممن وصفه في تصريحه بالطرف الثالث الذي يستهدف المتظاهرين السلميين والقوات الأمنية وقتلهم، هم عصابات تستخدم الأسلحة وتستخدم رمانات الدخان القاتلة ضد أبناء شعبنا من المتظاهرين والقوات الأمنية». وأضاف البيان أنه في ضوء ذلك «نبرئ الأجهزة الأمنية من استخدامها».
الوزير لم يتهم أصلاً القوات الأمنية ولا قوات الحشد الشعبي، إنما قال: هناك «طرف ثالث» استخدم أسلحة لم تستورد من قبل جهة رسمية عراقية. وفي ظل الفوضى التي يشهدها العراق لم يكن أمام الوزارة سوى إصدار بيان للتوضيح يبرئ فيه الأجهزة الأمنية بينما يبقى الطرف الثالث مجهولاً أو مسكوتاً عنه.
البرلمان قرر محاصرة الوزير في جلسته المقررة غداً بشأن تصريحه خاصة أن البيان الصادر عن الوزارة لم يتضمن أصل المشكلة. وبالتالي فإن ما صدر عن الوزير قنبلة بحد ذاته، وبالتالي أصبح ضرورياً تحديد هوية الطرف الثالث. السؤال البرلماني الذي وجهه النائب محمد الكربولي عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي يأتي طبقاً لما أبلغ به الكربولي «الشرق الأوسط»: «بناء على الدور الرقابي المنوط بالبرلمان ونظراً لما تضمنه من معلومات مهمة تتطلب أن تتوضح للرأي العام ولا يمكن السكوت عنها أو تجاوزها». ويضيف الكربولي أن «الأسئلة التي وجهناها للوزير تأتي انسجاماً مع المادة 61 سابعاً من الدستور مع المطالبة بتحديد أقرب جلسة للإجابة عن الأسئلة التي بحوزتنا حول ما ورد في تصريحات موثقة للوزير». أما الأسئلة التي وجهت إلى الوزير فهي:
أولاً: من الذي أصدر لكم الأوامر لتسليم مهمة حماية المتظاهرين من الجيش إلى الشرطة الاتحادية خلافا لنص المادة التاسعة من الدستور.
ثانياً: ما هي المعلومات المتوفرة لديكم حول الطرف الثالث الذي اتهمتوه بإيقاع الإصابات المميتة بين المتظاهرين.
ثالثاً: ما هو تشخيصكم ومعلوماتكم الاستخبارية عن مصادر وجهات استيراد العتاد والمقذوفات وبنادق وقنابل الغاز المسيل للدموع.
رابعاً: ما هي إجراءاتكم في ضمان معاقبة المتسببين بعدم إطاعة الأوامر وإطلاق النار المميت.
الجهات المعنية بحقوق الإنسان في العراق، سواء كانت مفوضية حقوق الإنسان أو لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، حذرتا من «الطرف الثالث» الذي آن الأوان لكشفه حتى لا تستمر آلة القتل التي رفعت القتلى إلى أكثر من 300 والجرحى إلى أكثر من 12 ألف جريح.
من جهتها، نفت هيئة الحشد الشعبي أنباء أشارت إلى قيامها باستيراد قنابل الغاز المسيل للدموع واستخدامها ضد المتظاهرين. وقال إعلام «الحشد» في بيان له: «تناولت بعض وسائل التواصل المعادية، وثيقة مزورة عن أن الحشد الشعبي قام باستيراد قنابل مسيلة للدموع، رغم خلوها من أي ختم أو اسم مسؤول في الحشد، أو أي إثبات رسمي آخر حسب ما هو متداول في الكتب الرسمية». وأضاف: «إننا نجد أن هذه الوثيقة تأتي ضمن سلسلة الحملات التي تبنتها مؤسسات دولية تتدخل دائماً في الشأن العراقي».
البرلمان العراقي يحاصر وزير الدفاع بعد تفجيره قنبلة «الطرف الثالث»
الشمري يمثل أمامه غداً للإجابة عن 4 أسئلة
البرلمان العراقي يحاصر وزير الدفاع بعد تفجيره قنبلة «الطرف الثالث»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة