الليكود يستعد لـ«معركة رأي عام» ضد «لوائح اتهام» لنتنياهو

TT

الليكود يستعد لـ«معركة رأي عام» ضد «لوائح اتهام» لنتنياهو

قالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إن حزب «الليكود» يستعد لإمكانية تقديم لائحة اتهام ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع، بعد تسريب معلومات عن أن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبيت سيعلن عن تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو يوم الثلاثاء، أو في موعد أقصاه قبل انعقاد مؤتمر يعقده محامو الدولة في إيلات في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
وقالت الصحيفة إن الحزب يستعد حالياً لخوض معركة أمام الرأي العام، في محاولة لمنع ضغط جماهيري ضد نتنياهو من أجل التنحي فوراً من منصبه بعد تقديم لائحة الاتهام.
ومن بين الأمور الأخرى التي يستعد لها الليكود، تنظيم مظاهرة أمام منزل مندلبيت في بيتاح تكفا يوم الاثنين بالتعاون مع المنظمة اليمينية «إم ترتسو». ويعتقد الحزب أن الآلاف سيشاركون في المظاهرة. لكن في هذه المرحلة الشرطة لم توافق على تنظيم المظاهرة؛ حيث إنه بموجب سياسة الشرطة فإن المظاهرات التي يتم تنظيمها في الحي الذي يعيش فيه المستشار القضائي للحكومة تكون فقط في أيام الثلاثاء والسبت.
وسيتعين على المستشار القضائي للحكومة وطاقمه اتخاذ قرار بشأن تقديم لوائح اتهام ضد نتنياهو في ثلاثة ملفات قضائية.
ويواجه نتنياهو إمكانية توجيه لوائح اتهام له في عدة قضايا؛ القضية 1000، التي تتضمن اتهامات بحصول نتنياهو على هدايا ومزايا من رجال أعمال، من بينهم المنتج الهوليوودي إسرائيلي الأصل أرنون ميلتشان مقابل تقديم خدمات لهم. والقضية 2000 التي يشتبه فيها بوجود صفقة مقايضة غير قانونية بين نتنياهو وناشر صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أرنون موزيس، لإضعاف صحيفة منافسة مقابل الحصول على تغطية أكثر إيجابية من «يديعوت». ويوجد جدل حول هذا الأمر. والقضية 4000 التي تعتبر الأخطر من بين القضايا ضد نتنياهو، ويُشتبه في أنه قام بالدفع بقرارات تنظيمية تعود بالفائدة على المساهم المسيطر في شركة «بيزك» للاتصالات شاؤول إلوفيتش، مقابل الحصول على تغطية ودية من موقع «واللا» الإخباري الذي يملكه إلوفيتش. وفي هذه القضية يواجه نتنياهو تهمة الرشوة.
وسعى نتنياهو سابقاً إلى تمرير قانون يمنحه الحصانة من المحاكمة. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أنه وضع ذلك كشرط من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية مع تحالف «كحول لافان» (أزرق أبيض) الذي يتزعمه الجنرال بيني غانتس.
ومع قرب انتهاء الفترة الممنوحة إلى بيني غانتس بتكليفه تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة، حدد تحالف «أزرق أبيض» اجتماعات اليوم الأحد لإجراء مفاوضات مع طواقم حزبي «العمل» و«يسرائيل بيتنو»، وذلك في محاولة أخيرة لإقامة حكومة قبل أن يضطر التحالف لإعادة التفويض إلى الرئيس رؤوفين ريفلين. ويفترض أن يكون الرئيس الإسرائيلي اجتمع أمس مع غانتس في محاولة لحل هذا المأزق السياسي.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية بأن جهات في «أزرق أبيض» بدأت تفقد الثقة بإمكانية تشكيل حكومة وحدة ولم تعد تصدق بنيامين نتنياهو.
وبحسب المعلومات ذاتها، درس تحالف «أزرق أبيض» مبادرة الرئيس الإسرائيلي من الناحية القانونية، لكن الحزب متخوف من أن يستخدم نتنياهو الحصانة حتى يحمي نفسه من الملاحقة القانونية ويتمكن من الحصول على أغلبية عن طريق رئيس حزب «يسرائيل بيتنو» أفيغدور ليبرمان.
وتوجه غانتس أمس إلى رؤساء الأحزاب في كتلة اليمين التي أقامها نتنياهو، وطالبهم بـ«تحرير نتنياهو من التزامه للكتلة» ومساعدته «في إدارة مفاوضات مباشرة». ورد الليكود على الطلب قائلاً: «يتوجه الليكود إلى يائير لابيد (القيادي في تحالف أزرق أبيض) بتحرير بيني غانتس من التزامه للكتلة».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.