نائب رئيس مجلس الأنبار لـ {الشرق الأوسط}: المحافظة قد تسقط خلال 15 يوما بيد «داعش»

حذر نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي من أن المحافظة قد تسقط في غضون 15 يوما بيد «داعش» ما لم يتم تكثيف الطلعات الجوية لطيران التحالف الدولي، مشددا في الوقت نفسه على أهمية التدخل البري «الذي صار ضرورة ملحة».
وقال العيساوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المخجل أن تتحدث عنه بعض القيادات الأمنية في المحافظة عن تقدم للقوات الأمنية والعسكرية هنا أو هناك في المحافظة بينما العكس هو الصحيح». وكان قائد شرطة الأنبار أحمد صداك الدليمي أعلن أمس أن «تنظيم (داعش) منهار وأغلب قادته وأمراء التنظيم قتلوا في معارك التطهير التي يتواصل زخم المعارك والدعم فيها من قبل قوات الجيش وإسناد مقاتلي العشائر». وأضاف الدليمي، أن «معارك التطهير في محيط الرمادي والفلوجة والغربية متواصلة، وهناك تقدم للقوات العراقية إلى مناطق يسيطر عليها (داعش)»، مشيرا إلى أن «هذا الأمر يشير إلى ضعف وانهيار عناصر الإرهاب بعد فقدانهم كل الأسلحة وتدمير شاحناتهم وقطع خطوط إمداد العدو في الأنبار».
لكن العيساوي أكد أن «الجيش لا يتقدم بل يحاصر وهذه مأساة تتحملها القيادات العسكرية والأمنية التي يتوجب عليها إيضاح الحقائق للناس لا الاستمرار في كلام لا رصيد له على أرض الواقع»، مشيرا إلى أن «(داعش) تمكن في غضون الأسبوعين الماضيين من إسقاط واحد من أكبر أقضية المحافظة وهو قضاء هيت وناحية كبيسة ومن ثم تمدد نحو عامرية الفلوجة وهو ما أدى بنا إلى أن نتقدم رسميا كمجلس محافظة وشيوخ عشائر بضرورة أن يكون هناك تدخل بري لحسم الأمر». وحول ما إذا كان هذا الطلب قد تم تقديمه إلى الأميركيين مباشرة أم إلى الجهات الرسمية العراقية، قال العيساوي «لقد قدمنا الطلب كمجلس محافظة مشفوعا بتواقيع نحو 100 شخصية سياسية وعشائرية بهذا الخصوص إلى البرلمان العراقي لكي نوضح موقفنا وذلك من باب تحمل المسؤولية لأنه من دون قوات برية أجنبية بات من الصعب تماما السيطرة على تمدد (داعش) في الأنبار». وفي الوقت نفسه انتقد العيساوي «تراجع الطلعات الجوية لطيران التحالف التي كانت قد تكثفت خلال الفترات الماضية ومنعت (داعش) من التقدم بينما نرى الآن أن هناك تراجعا في الطيران».
في سياق ذلك، أكد الشيخ غسان العيثاوي أحد رجال الدين والزعامات العشائرية في الأنبار لـ«الشرق الأوسط» أن «الأوضاع في الأنبار تسير الآن من سيئ إلى أسوأ، إذ إن نسبة كبيرة من أراضي المحافظة باتت الآن تحت سيطرة (داعش) في حين لم تتمكن قطعاتنا العسكرية من مسك مساحات واسعة من الأنبار التي هي ثلث مساحة العراق». وأضاف العيثاوي «أصبحنا بحاجة إلى تدخل بري أجنبي وقد أبلغنا رئيس البرلمان سليم الجبوري والوكيل الأقدم لوزارة الداخلية وبحضور الجانب الأميركي قبل يومين بذلك في مؤتمر ببغداد وقد أوضحنا لهم أن سقوط الأنبار سيكون بمثابة كارثة حقيقية على العاصمة بغداد». وأشار العيثاوي إلى أن «الطيران لا يكفي حتى لو تم تكثيفه لأن استراتيجية (داعش) تقوم على أساس قضم الأراضي والتحصن فيها بين المدنيين وبالتالي فإن الطيران لن يجد أحيانا ما يقصفه بينما التدخل البري يعني مسك الأرض وهو ما نحتاجه لطرد (داعش) من دون أن نخوض في المزيد من المزايدات السياسية التي كانت هي السبب الأساس في ما وصلنا إليه اليوم».
على صعيد آخر، هدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بسحب قواته (سرايا السلام) من أرض المعركة في حال دخلت قوات برية أجنبية. وقال الصدر في بيان له أمس إنه «بعد أن من الله - سبحانه وتعالى - على المجاهدين بالتقدم الميداني الكبير، وبعد أن من الله تعالى على العراق بحكومة جديدة صار لزاما علينا أن نذكر أننا على أتم الاستعداد لتسليم المناطق المحررة للجيش العراقي بمدة لا تقل عن 15 يوما، وزج أفراد مخلصين لا بعنوانهم المذهبي ولا بعنوانهم الانتمائي إلى صفوف الجيش العراقي لحماية المناطق المقدسة».وأضاف الصدر «أجد من واجبنا جميعا أن يكون دور الجيش العراقي هو الفاعل والميداني لكي تكون دولة الجيش وجيش الدولة»، مبينا أن «الأهم من ذلك يجب أن تحصن الدولة حدودها واستخباراتها ومخابراتها وأن تعمل على تحرير محافظة الموصل الجريحة التي ما زالت تنزف وتعاني من ويلات الإرهاب الآثم، وألا تجعل الحكومة من التدخل الأميركي وتحالفه ثغرة لتفكيك العراق فهم لا يريدون بنا إلا الشر». وبين زعيم التيار الصدري في بيانه «يجب أن يعلم الجميع أن وجود القوات الغازية وقيامها بالأعمال العسكرية داخل الأراضي العراقية وسمائه يستدعي منا عدم التدخل في تلك الحرب، لكن عدم تدخلنا سيكون بعد تسليم ما حرر من المناطق للجيش العراقي الذي يجب أن يأخذ زمام الأمور».
وفي واشنطن، صرح مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية بأن القوات الحكومية العراقية بحاجة ملحة إلى التدريب لتتمكن من مواجهة «داعش» في غرب البلاد؛ حيث تبدو «في وضع هش»، وقال هؤلاء المسؤولون إن «الجيش العراقي يتعرض لضغط متزايد في محافظة الأنبار غرب البلاد»، مشيرين إلى أن «الاهتمام الدولي منصب على شمال سوريا ومدينة كوباني الحدودية مع تركيا؛ حيث يحاول المقاتلون الأكراد الصمود أمام هجوم التنظيم»، وأوضح أحد هؤلاء المسؤولين الكبار، طالبا عدم الكشف عن هويته، أن «الوضع هش هناك. يجري إمداد القوات وهي صامدة، لكن الأمر صعب ومرهق»، وكرر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن الوضع هش جدا هناك، حاليا»، وأضاف هذا المسؤول أن «عشرات الغارات التي شنتها قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة في غرب العراق، ساعدت على تطويق مقاتلي (داعش) وبقاء بغداد آمنة».
وأخفق «داعش» في السيطرة على مدينة حديثة الاستراتيجية، بعدما شنت قوات التحالف غارات لمساعدة الحكومة العراقية على التصدي لهم، وقال المسؤولون إن «الوضع كشف إلى أي حد القوات العراقية بعيدة عن أن تكون قوة فعالة، وأنها بحاجة ملحة إلى التدريب».
وكشفت الظروف الصعبة في الأنبار تناقضا واضحا مع المعلومات الواردة من شمال البلاد؛ حيث نجحت قوات البيشمركة في صد هجمات، وقال أحدهم: «لا يمكن المقارنة» بين قدرات القوات الكردية وقدرات الجيش العراقي، وأضاف أن «الأكراد يتقدمون ويستعيدون السيطرة على مدن وأراض»، وتمكنوا من التنسيق مع قوات التحالف، وصرح مسؤول آخر، طالبا عدم كشف هويته، أن غرب العراق يشكل مصدر قلق، وقال إن «الوضع ليس جيدا»، وأشار إلى أن «الجيش العراقي شن عدة هجمات، لكنه فشل»، وتابع: «إنهم يبدأون عملية، لكنها تتوقف بعد كيلومتر واحد».