الصينيون يعودون إلى فندق «والدورف أستوريا» بعد 40 عاما بملياري دولار

«انبانغ للتأمين» الطموحة توصلت إلى العقار التاريخي المملوك لـ«هيلتون» للاستحواذ عليه

واجهة فندق «والدورف أستوريا»
واجهة فندق «والدورف أستوريا»
TT

الصينيون يعودون إلى فندق «والدورف أستوريا» بعد 40 عاما بملياري دولار

واجهة فندق «والدورف أستوريا»
واجهة فندق «والدورف أستوريا»

عقب الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون إلى الصين، قام دينغ زياوبينغ نائب رئيس الوزراء حينها، ثم القائد الأعلى للدولة الصينية، بزيارته الأولى إلى الولايات المتحدة، لحضور اجتماع في الأمم المتحدة عُقد في عام 1974.
وقد أقام حينها في فندق «والدورف أستوريا» الفخم بوسط حي مانهاتن في نيويورك، حيث استضافه وزير الخارجية هنري كيسنجر على مأدبة خاصة للسيد دينغ وغيره من كبار الشخصيات.
وبعد 40 سنة، تقوم شركة تأمين صينية غير معروفة حاليا بشراء الفندق التاريخي، مع خطط لاستعادة الديكورات الفنية القديمة للمبنى، التي تعود إلى 83 عاما، إلى روعتها الأصلية.
بدأت مجموعة «انبانغ للتأمين» منذ 10 سنوات، ونجحت في تأمين رأس المال والاتصالات للتوسط في أكبر صفقة تحققها في حياتها، من خلال مستثمر صيني لأحد المباني الأميركية، ووافقت على سداد مبلغ مليار و950 مليون دولار أميركي مقابل البرج البالغ عدد طوابقه 47 طابقا، والمملوك لشركة «هيلتون العالمية القابضة». ويعكس سعر الشراء القياسي النفوذ العالمي المتصاعد لنخبة المال والأعمال الصينية. وعندما تقدم دينغ بإصلاحاته الجذرية في عقد السبعينات، كان قد مهَّد الطريق لجيل كامل من الشركات الخاصة للمساعدة في تحفيز الاقتصاد الصيني نحو آفاق جديدة. واليوم، مثل تلك الأعمال، جنبا إلى جنب مع الشركات العملاقة المملوكة للدولة هناك، تقف وراء دفعة قوية في الاستثمارات الخارجية.
وتقود تلك الطفرة الواسعة كبريات الشركات الغنية والقوية الصينية، على غرار شركة «علي بابا»، و«بايدو»، و«هواوي»، و«واندا»، وهي من رواد التطوير العقاري وتمتلك سلسلة مسارح إيه إم سي (AMC). غير أن الشركات الغامضة، مثل شركة «انبانغ للتأمين»، ذات التمويلات الضخمة والملاك المستترين وأصحاب النفوذ السياسي الكبير، تقفز على نحو متزايد في المعترك الاقتصادي. تخضع شركة «انبانغ»، في جزء منها، لسيطرة الطبقة الحاكمة في الصين، وهم أقارب بعض كبار القادة الثوريين الشيوعيين الذين أحكموا سيطرتهم على البلاد في عام 1949. ومن بينهم زوج حفيدة السيد دينغ.
وقد شجعت السلطات في بكين الشركات على التحرك إلى خارج الحدود الوطنية، من أجل تحسين قدراتها والاستحواذ على التقنيات الجديدة. ومع تنامي النمو في الداخل، تتيح الاستثمارات الخارجية كذلك الفرص للشركات الصينية للحصول على مكاسب ضخمة.
يقول السيد جوناثان جيه ميلر المدير التنفيذي لدى مؤسسة «ميلر سامويل»، وهي شركة تعمل في مجال التقييمات العقارية والاستشارات: «ظل المستثمرون الصينيون غارقين في حمى الشراء. ويرمز ذلك إلى التحولات العالمية في الثروات نحو آسيا».
وفي حين رحبت الشركات العالمية بالتدفقات النقدية، فإن عقد الصفقة يلقي مزيدا من الشكوك، بسبب النفوذ الشامل الذي تمارسه الحكومة الصينية على الأعمال الخاصة، فقد أثارت مثل تلك الصفقات الكثير من المخاوف في بعض الأحيان، فقد تطور الاندفاع الصيني في الأسواق العالمية بصورة سريعة، خلال العقد الماضي، من الاستثمار الكبير في مجال المناجم وصناعة مواد البناء، إلى شراء الفيلات الفاخرة، وحقول الكروم الفرنسية، والفنادق العالمية.
ورغم عشق الصينيين للمساومة، فإنهم في غالب الأمر على استعداد لدفع أعلى الأسعار لقاء الأصول القيمة، وخصوصا حينما يذهبون إلى الخارج.
خلال العامين الماضيين، أقبل رجال الأعمال الصينيون على شراء العقارات الراقية في أكبر مدن العالم، بما في ذلك مبنى لويد في لندن، وكذلك مبنى «جنرال موتورز»، وبرج «وان تشيس مانهاتن بلازا» في نيويورك.
وتمتلك مجموعة «غرين لاند للتطوير العقاري»، ومقرها في شنغهاي، 70 في المائة من مشروع ساحات الأطلسي، في مدينة بروكلين بقيمة 5 مليارات دولار.
أثارت الصفقات العقارية كثيرا من المقارنات حيال موجة المشتريات التي أجراها المستثمرون اليابانيون، في عقد الثمانينات. في ذلك الوقت، أُحرقت آمال الكثير من المستثمرين حينما تدهور الاقتصاد الأميركي.
وعلى غرار المستثمرين اليابانيين في الثمانينات، ساعد المشترون الصينيون اليوم في رفع أسعار المباني الراقية في الأسواق، حسبما صرح السيد وودي هيلر، رئيس مجموعة «سافيلس ستودلي» للمعاملات الرئيسة. ولكنه أضاف: «هناك قيمة كبيرة لذلك بالأساس، حيث يستعد الناس لدفع المزيد من المال، مقابل الاستمتاع بمقولة إنني أمتلك ذلك».
حتى في الصين، برغم ذلك، لا يكاد اسم شركة «انبانغ» يكون معروفا.
تأسست تلك الشركة في عام 2004، كشركة من شركات القطاع الخاص العاملة، في مجال التأمين ضد الحوادث في مدينة نينغبو الشرقية الصينية، بالقرب من شنغهاي. وجاء رأس المال الأساسي لشركة التأمين تلك من شركتين من أكبر الشركات الصينية المملوكة للدولة، وهما شركة «سينوبيك»، وهي عملاق النفط الوطني، وشركة «شنغهاي أوتوموتيف»، وهي واحدة من أكبر صناع السيارات في الصين.
غير أن شركة «انبانغ» تتمتع باتصالات على أعلى مستوى.
رئيس شركة «انبانغ» هو السيد وو شياهوي، الذي تزوج من حفيدة السيد دينغ، الذي توفي في عام 1997. وقد شكلت إحدى شركات السيد وو الأخرى شراكة مع شركة «نيو هورايزون كابيتال»، وهي شركة خاصة كبيرة تعمل في مجال الأسهم، وقد شارك في تأسيسها السيد وين يونسونغ، نجل رئيس الوزراء الأسبق وين جياباو، وفقا للملفات العامة وتقرير عن مجلة «كايزين» الصينية للأعمال.
يشمل مجلس إدارة شركة التأمين المذكورة كلا من تشن جياولو، وهو ضابط سابق في جيش التحرير الشعبي ونجل المارشال تشن يي، وهو القائد العسكري الثوري مع ماو تسي تونغ، الذي شغل في وقت لاحق منصب عمدة مدينة شنغهاي، في الفترة بين 1958 وحتى وفاته في عام 1972، وزيرا للخارجية الصينية.
تُعدّ شركة انبانغ من شركات التأمين الخاصة القليلة التي سُمح لها بالنمو، حتى صارت مجموعة للخدمات المالية، وحصلت على الترخيص للتحرك إلى مجال تأمينات الحياة، وإدارة الأصول والأعمال المصرفية.
وقد بدأت الشركة أعمالها بمبلغ 75 مليون دولار في عام 2004، وهي الآن تمتلك 30 ألف موظف، وأكثر من مائة مليار دولار في صورة أصول، بما في ذلك برج إداري فخم تتخذه مقرا لها في وسط العاصمة بكين.
يقول المحللون إن شركة «انبانغ» قد شهدت نموا بوتيرة سريعة، من خلال تقديم المنتجات التأمينية الاستثمارية ذات أسعار الفائدة المرتفعة أكثر من الودائع المصرفية العادية، وعن طريق دفع بكثير من رأسمالها في توسيع أعمالها.
وبعد تسهيل منظمي التأمين من قواعد الاستثمار بالنسبة للشركات، بدأت شركة «انبانغ» في ابتلاع مساحات ضخمة من الأراضي في العصمة بكين وغيرها من المدن الكبرى وامتلاك أسهم في كبريات البنوك في الدولة، بما في ذلك بنك التجار الصيني وبنك «مينشينغ».
وقد سمح المنظمون الصينيون كذلك لشركات التأمين الصينية باستثمار أموالهم خارج البلاد، مما أدى إلى موجة من الصفقات لدى كبريات شركات التأمين الصينية، مثل «تشاينا لايف» و«بينغ آن». ولكن كثيرا من المحللين يقولون إنهم فوجئوا، عندما وجدوا أن شركة «انبانغ»، التي صُنفت ذات مرة تحت رقم 28 بين شركات تأمينات الحياة، وقد ارتفع تصنيفها أخيرا إلى الدرجة الثامنة على مستوى البلاد. يمكنها أن تشتري فندق «والدورف أستوريا» بمبلغ مليار و950 مليون دولار أميركي.
يقول ثيلو هانيمان، مدير الأبحاث في الاستثمارات العابرة للحدود لدى مجموعة «روديوم»، وهي مؤسسة استشارية مقرها في نيويورك: «ترفع شركات التأمين الصينية من استثماراتها العالمية، ومن العقارات التجارية في الأسواق بالدول المتقدمة، مثل الولايات المتحدة، ليتناسب مع برنامج تجنب المخاطر لديهم».
وقال الشخص الذي يرد على الهواتف في مقر شركة «انبانغ» إنه لم يتسن الوصول إلى المديرين التنفيذيين للشركة، من أجل الحصول على التعليقات، يوم الأربعاء.
يمثل فندق «والدورف أستوريا» أول المهام الكبرى لشركة «انبانغ» في الولايات المتحدة. وقد افتتح فندق «والدورف» في عام 1931 من قبل عائلة استور، ثم استحوذ عليه فندق «كونراد إن هيلتون»، وقد كان الفندق المفضل لزعماء العالم الذين يزورون منظمة الأمم المتحدة في دوراتها المتكررة، وحتى بالنسبة لرؤساء الولايات المتحدة، مثل الرئيس باراك أوباما الذي أقام فيه هذا العام.
وتشير شركة «هيلتون»، التي سوف تستمر في إدارة الفندق، إلى أن شركة «انبانغ» سوف تستثمر المزيد من الأموال في إعادة تجديد الفندق الذي يضم 1413 غرفة، وهو الأكبر على مستوى العالم.
ويحتفظ فندق «والدورف أستوريا» بأهمية خاصة، كذلك في تاريخ العلاقات الأميركية - الصينية. فقد أقام فيه كل زعيم صيني يزور الولايات المتحدة بعد السيد دينغ، بما في ذلك الرؤساء الصينيون السابقون جيانغ زيمين، وهو جينتاو.
وفي الآونة الأخيرة، تجمع المستثمرون خارج فندق «والدورف أستوريا» للاستماع إلى جاك ما، رئيس مجموعة «علي بابا» الصينية، قبل أن تخرج شركته للاكتتاب العام في أكبر طرح للأسهم يشهده التاريخ.
وبالعودة إلى تاريخ 14 أبريل (نسيان) عام 1974، يبدو أن السيد دينغ استمتع بأولى زياراته إلى مدينة نيويورك. وفي تلك الأمسية، في فندق «والدورف أستوريا» بعد الساعة الثامنة مساء، استضاف كيسنجر الزعيم الصيني وغيره من المسؤولين الصينيين المرافقين في جناحه بالفندق؛ «الجناح رقم 35 - أ». وتبادل هناك الأنخاب مع السيد دينغ، كما يحلو للصينيين أن يفعلوا، مع نبيذ فاخر مصنوع من الذرة، ويُسمى «ماوتاي».
وقال الدكتور كيسنجر للسيد دينغ: «أعتقد أننا إذا احتسينا ما يكفي من (الماوتاي)، يمكننا حل أي قضية مهما كانت»، وفقا لنص الحوار الذي جرى نشره لاحقا. وقد أجابه السيد دينغ قائلا: «ثم عندما أعود إلى الصين، ينبغي على زيادة إنتاجه».
(* خدمة {نيويورك تايمز})



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.