قلق أممي على الوضع الإنساني في شمال غربي سوريا

ملايين السوريين يتلقون المساعدات «عبر خطوط القتال والحدود»

TT

قلق أممي على الوضع الإنساني في شمال غربي سوريا

أبلغ وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية، منسق المعونة الطارئة، مارك لوكوك، الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن، أنه بعد مرور أكثر من 8 سنوات على النزاع الدامي في سوريا، ورغم تصاعد الضربات الجوية والبرية، يتلقى عدد متزايد من الناس، وبينهم الملايين في مناطق يصعب الوصول إليها، الأطعمة والأدوية وغيرها من المساعدات التي ترسل عبر الحدود.
وكان لوكوك يُطلع أعضاء المجلس في نيويورك على التطورات الأخيرة في شمال شرقي سوريا وشمال غربها، إذ أشار إلى أن هذه المناطق «شهدت عنفاً متزايداً خلال الأشهر الأخيرة»، ملاحظاً أنه على رغم أن الأعمال العدائية تراجعت في شمال شرقي البلاد بعد توقيع اتفاقين، الأول في 17 أكتوبر (تشرين الأول) بين تركيا والولايات المتحدة، والثاني في 22 أكتوبر بين تركيا وروسيا، فإن الغارات الجوية والبرية ازدادت في محافظة إدلب الشمالية الغربية.
وأكد أن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تبذل قصارى جهدها كل شهر للوصول إلى المحتاجين، داعياً مجلس الأمن إلى تجديد القرار 2165 الذي يأذن لوكالات الأمم المتحدة باستخدام الطرق عبر خطوط النزاع، لإيصال المساعدات الإنسانية إلى أكثر من 11 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية. وأضاف أنه في هذا العام، تمكنت الأمم المتحدة وشركاؤها من الوصول إلى 5.6 مليون شخص في كل أنحاء سوريا، مع إعطاء الأولوية لمن هم في أمس الحاجة إلى المساعدات. وأكد أنه «لا يزال قلقاً للغاية» حيال الوضع في شمال غربي البلاد، مضيفاً أنه «في الأسابيع الأخيرة، ارتفعت وتيرة الغارات الجوية والضربات الأرضية في جنوب وغرب إدلب»، ما تسبب في عدد كبير من الضحايا بين المدنيين. وأشار إلى تقارير عن وقوع أكثر من 100 غارة جوية داخل إدلب وحولها؛ حيث أصيبت 4 مرافق صحية، بما في ذلك مستشفى، في الغارات التي وقعت يومي 4 و6 نوفمبر (تشرين الثاني). ولفت إلى أن الأمم المتحدة وزعت الغذاء على 1.1 مليون شخص من خلال «عمليات عبور المساعدات عبر الحدود»، مشدداً على أن المساعدات الإنسانية عبر الحدود يجري التحقق منها طوال العملية، بما في ذلك على الحدود، وفي المستودعات السورية، وعند نقاط التوزيع، وبعد التوزيع. وأكد أن «العمليات الإنسانية عبر الحدود ضرورية»، داعياً مجلس الأمن إلى تجديد القرار 2165 لأنه لا توجد «خطة ب». وحذر من أنه «بلا العمليات عبر الحدود، سنشهد نهاية فورية للمساعدة المقدمة لملايين الناس».
وتحدث المندوب البلجيكي الدائم لدى الأمم المتحدة، مارك بيكستين دو بيتسويرف، باسمه ونيابة عن نظيريه الكويتي منصور العتيبي والألماني كريستوف هيوسيغن، فأكد أنه ينبغي السماح للأمم المتحدة وشركائها في المجال الإنساني بمواصلة تقديم المساعدات الإنسانية للسوريين المحتاجين في الوقت المناسب، وبطريقة آمنة ومستدامة، ومن دون عوائق باستخدام كل الوسائل، بما في ذلك عبر الحدود، بالإضافة إلى البرامج العادية. ولفت إلى أنه منذ بدء هذه العمليات في يوليو (تموز) 2014، وصلت المساعدات المنقذة للحياة إلى ملايين الأشخاص في سوريا.
وقالت نظيرته الأميركية، كيلي كرافت، إن مجلس الأمن يلتزم الرد على المعاناة التي سببها نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، مؤكدة على استمرار الحاجة إلى آلية إيصال المساعدات عبر الحدود. ودعت إلى تمديدها تقنياً لمدة 12 شهراً أخرى. ونددت بالغارات الجوية التي نفذتها روسيا، وأدت إلى إزهاق أرواح بين المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، مطالبة النظام السوري بالتوقف عن حجب المساعدات الإنسانية كسلاح.
ورأت رئيسة مجلس الأمن لشهر نوفمبر الحالي، المندوبة البريطانية، كارين بيرس، أن الفاعلين في المجال الإنساني يجب أن يكون لهم وصول غير مقيد إلى المحتاجين. وأشادت بمنظمة «الخوذ البيض» ومؤسسها جيمس لو ميزورييه، الذي عثر عليه ميتاً قبل أيام في إسطنبول.
في المقابل، أكد نائب المندوب الروسي ديمتري بوليانسكي أنه «ينبغي إنهاء أي وجود عسكري غير شرعي على الأراضي السورية»، مضيفاً أن «نفط سوريا ملك شعبها، وبالتالي ما تفعله واشنطن في الجزيرة السورية هو نهب للموارد، وينبغي إعادة جميع الحقول والآبار النفطية لسيطرة الدولة السورية». وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ومفوضية شؤون اللاجئين، بتيسير عودة المهجرين السوريين.
أما المندوب السوري بشار الجعفري فدعا إلى الكف عن الترويج للعمل غير المجدي عبر الحدود، ومن خلال مكاتب معادية لسوريا، كمكتب غازي عنتاب الذي يشكل استمرار عمله جائزة لإردوغان على مواصلة دعمه الإرهاب واحتلاله أراضي سوريا وابتزازه وتهديده المتواصلين لأوروبا والعالم.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.