قضاة جرائم الحرب يقرون فتح تحقيق في مآسي الروهينغا

TT

قضاة جرائم الحرب يقرون فتح تحقيق في مآسي الروهينغا

اعتبرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أن «هناك أسساً منطقية للاعتقاد بأن أعمال عنف واسعة النطاق وممنهجة ربما تكون ارتُكِبت ضد أقلية الروهينغا المسلمة، وقد تصل إلى حد (جرائم ضد الإنسانية)، بالتهجير بين حدود ميانمار وبنغلاديش».
وفي بيان، أمس (الخميس)، قالت المحكمة إن قضاتها وافقوا على طلب الادعاء بفتح التحقيق، مضيفاً: «هذه القاعة تأذن ببدء تحقيق في الوضع في بنغلاديش - ميانمار». وكان قد قدم نشطاء من أقلية الروهينغا في ميانمار التماساً للمحاكم في الأرجنتين، أول من أمس (الأربعاء)، لمقاضاة زعيمة ميانمار أونغ سان سوتشي بتهمة الإبادة الجماعية على خلفية جرائم القتل الجماعي بقيادة الجيش للأقلية المسلمة خلال عامي 2016 و2017.
ورفعت منظمة «روهينغا بورما» في المملكة المتحدة (بروك) شكوى جنائية في بوينس آيرس للمطالبة بإجراء تحقيق مع القادة العسكريين في ميانمار، ومن بينهم القائد العام للقوات المسلحة مين أونج هيلينج. كما دعت المنظمة، التي يمثلها مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى ميانمار توماس أوجيا كوينتانا، إلى اتخاذ إجراءات ضد زعيمة البلاد أونغ سان سو تشي، التي قالت المنظمة إنها أشرفت على سياسات «تهدف إلى إبادة الروهينغا». وقال تون خين رئيس منظمة (بروك) في بيان: «من أجل إنهاء دائرة العنف، من المهم أن يتم تقديم المسؤولين عن الإبادة الجماعية - سواء كانوا يرتدون الزي العسكري أو لا - إلى العدالة».
ولم يتسنّ على الفور الوصول إلى متحدث باسم حكومة ميانمار للتعليق على القرار والاتهامات. وتأتي الدعوة القانونية بعد دعوى أقامتها غامبيا ضد ميانمار، الاثنين، في محكمة العدل الدولية. وقالت غامبيا إنها رفعت دعوى أمام محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة تتهم فيها ميانمار بارتكاب إبادة جماعية بحق أقلية الروهينغا المسلمة على أراضيها، في خطوة أشادت بها منظمات لحقوق الإنسان ونشطاء من الروهينغا.
ورحّبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» بالدعوى أيضاً. وقال بارام بريت سينغ المدير المناوب لبرنامج العدالة الدولية في المنظمة لـ«رويترز»: «غامبيا عثرت على وسيلة تحول أسف‭ ‬وحسرة المجتمع الدولي على الروهينغا إلى تحرك».
وفرّ أكثر من 730 ألفاً من الروهينغا المسلمين إلى بنغلاديش المجاورة، بعد حملة نفذها جيش ميانمار قال محققون تابعون للأمم المتحدة إنها تمت «بنية الإبادة الجماعية وبمنهجية اعتبرت نموذجاً لأشكال الإبادة الجماعية».
وأقامت جامبيا، وهي دولة صغيرة تسكنها أغلبية مسلمة في غرب أفريقيا، الدعوى بعد أن حصلت على تأييد «منظمة التعاون الإسلامي»، التي تضم 57 دولة عضواً. وقال وزير العدل في غامبيا أبو بكر تامبادو، في مؤتمر صحافي، في لاهاي، حيث مقر المحكمة «الهدف هو محاسبة ميانمار على أفعالها بحق شعبها: الروهينغا». وأضاف: «عار على جيلنا ألا نفعل شيئاً، بينما تحدث الإبادة الجماعية أمام أعيننا».
وعلى عكس قضية غامبيا، تعتمد دعوى منظمة «بروك» في الأرجنتين على قدرة الدول على ممارسة الولاية القضائية العالمية بشأن الجرائم الدولية الخطيرة، بمعنى أن أي دولة يمكن أن تتخذ إجراءات قانونية، بغض النظر عن مكان ارتكاب الجرائم أو الشخص الذي تورط فيها. وأضافت منظمة «بروك»، في بيان، أن المحاكم الأرجنتينية «نظرت في قضايا تتعلق بالولاية القضائية العالمية في الماضي، ومن بينها حكم فرانسيسكو فرانكو في إسبانيا».
وفي حين تفتقر محكمة العدل الدولية إلى وسائل لتنفيذ أحكامها، فإن مخالفة تلك الأحكام يمكن أن تلحق المزيد من الضرر بسمعة ميانمار. وقالت الناشطة ياسمين الله وهي من الروهينغا في مؤتمر صحافي في لاهاي، بعد إعلان رفع الدعوى: «هذا حدث جلل بالنسبة للروهينغا الذين تحملوا الكثير». وأضافت: «توصيف محكمة معاناتنا بأنها إبادة جماعية تأخر كثيراً»، داعية الدول الأخرى للانضمام إلى غامبيا في دعواها أمام محكمة العدل الدولية.
وقال تامبادو مفسراً مبادرة غامبيا إن زيارته للاجئين الروهينغا في «كوكسز بازار» في بنغلاديش ذكرته بعمله مدعياً للمحكمة التي شُكلت لمحاكمة المسؤولين عن الإبادة الجماعية في رواندا، عام 1994، وقال: «ثار لدي اعتقاد بأن هذا ليس صواباً، وأن العالم لا يمكنه أن يقف مكتوف الأيدي، ويرى هذا يحدث مرة أخرى». وفي الدعوى، طلبت غامبيا من المحكمة اتخاذ ما يُسمّى بالتدابير المؤقتة لضمان أن توقف ميانمار على الفور «الفظائع والإبادة الجماعية بحق شعبها من الروهينغا». وقال مكتب «فولي هواج» للمحاماة الذي يعمل مع غامبيا، إنه يتوقع عقد أولى جلسات التدابير المؤقتة، الشهر المقبل.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.