كشْف معدن «غير متوقع» في عظام المصريين القدماء

شظايا عظمية من مواقع دفن المصريين القدماء  (مختبر جامعة بيركلي)
شظايا عظمية من مواقع دفن المصريين القدماء (مختبر جامعة بيركلي)
TT

كشْف معدن «غير متوقع» في عظام المصريين القدماء

شظايا عظمية من مواقع دفن المصريين القدماء  (مختبر جامعة بيركلي)
شظايا عظمية من مواقع دفن المصريين القدماء (مختبر جامعة بيركلي)

كشفت دراسة مصرية - أميركية مشتركة، عن العثور على معدن غير متوقع في عظام المصريين القدماء، وذلك باستخدام تقنيات الأشعة السينية والأشعة تحت الحمراء التي يتيحها مختبر مختص في مصادر الضوء المتقدمة «ALS»، يتبع جامعة بيركلي في كاليفورنيا.
وشملت العينات التي استندت إليها الدراسة، 32 من شظايا عظمية تخص البقايا البشرية المحنطة التي يعود تاريخها من 2000 إلى 4000 سنة، بالإضافة إلى تربة جُمعت من موقعين للدفن، وخلال جهد بحثي دام لشهرين، أراد الباحثان أحمد النويشي ومحمد قاسم من جامعة القاهرة بمساعدة باحثين أميركيين، التمييز بين التركيزات الكيماوية التي توجد في عينات العظام، وعلاقتها بصحة الأفراد، والنظام الغذائي، والحياة اليومية، وتلك الموجودة في التربة، التي يحتمل أن تكون قد غيرت كيمياء العظام مع مرور الوقت.
وعثر الباحثون على معادن الرصاص والألمنيوم في العظام، غير أنّ المفاجأة كانت في الألمنيوم، فالمصريون القدماء لم يستخدموا هذا المعدن، ولكن الباحث أحمد النويشي عزا وجوده -في تقرير نشره، أول من أمس، الموقع الإلكتروني لمختبر مصادر الضوء المتقدمة في جامعة بريكلي- إلى استخدام المصريين القدماء لشبة البوتاسيوم للحد من العكارة في مياه الشرب، وهو مركب كيماوي يحتوي على الألمنيوم.
ولم يجد الباحثون صعوبة في تفسير وجود الرصاص. يقول قاسم: «من المحتمل أن تكون تركيزاته ناجمة عن الرصاص الذي استخدمه المصريون لتلميع الفخار».
ويعد تفسير انتقال تلك العناصر إلى العظم هو الأصعب في الدراسة، فدائماً ما يتشكك العلماء في مثل هذه الدراسات من حيث إمكانية انتقال تلك العناصر من التربة في موقع الدفن إلى داخل العظام، أو من القماش والصّمغ المستخدم في التحنيط، ولكن التقنيات التي أتاحها مختبر جامعة بريكلي، مكّنت الباحثين من تأكيد وجودها بشكل أساسي في العظام، وعدم انتقالها من التربة، كما يؤكد قاسم.
وتُظهر دراسات الأشعة السينية والأشعة تحت الحمراء في المختبر، التوزيع الكيماوي للمعادن والمواد العضوية الموجودة في العظام وتركيزها، ووجد الباحثون اختلافاً بينها وبين تلك الموجودة في التربة، وانتهى قاسم إلى أنّه «يمكن أن ننظر إذن إلى العظام كأنّها أرشيف يوثّق لبعض جوانب الحياة قبل آلاف السنين، ومن المثير للغاية أن نكون قادرين على مطالعته».


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

يوميات الشرق المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

أعلنت مصر، الاثنين، اكتشافاً أثرياً جديداً في منطقة سقارة (غرب القاهرة)، يتمثّل في مصطبة لطبيب ملكي بالدولة المصرية القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق مدخل مقبرة بسقارة

مصر: اكتشاف مصاطب ومقابر أثرية تبوح بأسرار جديدة عن سقارة

ما زالت منطقة سقارة الأثرية تبوح بأسرارها، حيث اكتشفت البعثة الأثرية المصرية اليابانية مصاطب ومقابر ودفنات تكشف مزيداً عن تاريخ هذه المنطقة الأثرية المهمة. …

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية بالقاهرة، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق في هذه الصورة التي قدمتها جامعة برمنغهام اليوم 2 يناير 2025 يجري العمل على اكتشاف 5 مسارات كانت تشكل جزءاً من «طريق الديناصورات» بمحجر مزرعة ديوارز بأوكسفوردشير بإنجلترا (أ.ب)

علماء يعثرون على آثار أقدام ديناصورات في إنجلترا

اكتشف باحثون مئات من آثار أقدام الديناصورات التي يعود تاريخها إلى منتصف العصر الجوراسي في محجر بأوكسفوردشير بجنوب إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأثر ثلاثي الأصبع (جامعة برمنغهام)

من هنا مرَّت الديناصورات...

اكتشف عامل محاجر بريطاني أكبر موقع لآثار الديناصورات في البلاد، وذلك في محجر بمقاطعة أكسفوردشاير، جنوب شرقي إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الذكاء الصناعي يقرأ الأفكار وينصّها

فك تشفير إعادة بناء الكلام باستخدام بيانات مسح الرنين المغناطيسي (جامعة تكساس)
فك تشفير إعادة بناء الكلام باستخدام بيانات مسح الرنين المغناطيسي (جامعة تكساس)
TT

الذكاء الصناعي يقرأ الأفكار وينصّها

فك تشفير إعادة بناء الكلام باستخدام بيانات مسح الرنين المغناطيسي (جامعة تكساس)
فك تشفير إعادة بناء الكلام باستخدام بيانات مسح الرنين المغناطيسي (جامعة تكساس)

طُوّر جهاز فك ترميز يعتمد على الذكاء الصناعي، قادر على ترجمة نشاط الدماغ إلى نص متدفق باستمرار، في اختراق يتيح قراءة أفكار المرء بطريقة غير جراحية، وذلك للمرة الأولى على الإطلاق، حسب صحيفة «الغارديان» البريطانية.
وبمقدور جهاز فك الترميز إعادة بناء الكلام بمستوى هائل من الدقة، أثناء استماع الأشخاص لقصة ما - أو حتى تخيلها في صمت - وذلك بالاعتماد فقط على مسح البيانات بالتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي فقط.
وجدير بالذكر أن أنظمة فك ترميز اللغة السابقة استلزمت عمليات زراعة جراحية. ويثير هذا التطور الأخير إمكانية ابتكار سبل جديدة لاستعادة القدرة على الكلام لدى المرضى الذين يجابهون صعوبة بالغة في التواصل، جراء تعرضهم لسكتة دماغية أو مرض العصبون الحركي.
في هذا الصدد، قال الدكتور ألكسندر هوث، عالم الأعصاب الذي تولى قيادة العمل داخل جامعة تكساس في أوستن: «شعرنا بالصدمة نوعاً ما؛ لأنه أبلى بلاءً حسناً. عكفت على العمل على هذا الأمر طيلة 15 عاماً... لذلك كان الأمر صادماً ومثيراً عندما نجح أخيراً».
ويذكر أنه من المثير في هذا الإنجاز أنه يتغلب على قيود أساسية مرتبطة بالتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، وترتبط بحقيقة أنه بينما يمكن لهذه التكنولوجيا تعيين نشاط الدماغ إلى موقع معين بدقة عالية على نحو مذهل، يبقى هناك تأخير زمني كجزء أصيل من العملية، ما يجعل تتبع النشاط في الوقت الفعلي في حكم المستحيل.
ويقع هذا التأخير لأن فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي تقيس استجابة تدفق الدم لنشاط الدماغ، والتي تبلغ ذروتها وتعود إلى خط الأساس خلال قرابة 10 ثوانٍ، الأمر الذي يعني أنه حتى أقوى جهاز فحص لا يمكنه تقديم أداء أفضل من ذلك.
وتسبب هذا القيد الصعب في إعاقة القدرة على تفسير نشاط الدماغ استجابة للكلام الطبيعي؛ لأنه يقدم «مزيجاً من المعلومات» منتشراً عبر بضع ثوانٍ.
ورغم ذلك، نجحت نماذج اللغة الكبيرة - المقصود هنا نمط الذكاء الصناعي الذي يوجه «تشات جي بي تي» - في طرح سبل جديدة. وتتمتع هذه النماذج بالقدرة على تمثيل المعنى الدلالي للكلمات بالأرقام، الأمر الذي يسمح للعلماء بالنظر في أي من أنماط النشاط العصبي تتوافق مع سلاسل كلمات تحمل معنى معيناً، بدلاً من محاولة قراءة النشاط كلمة بكلمة.
وجاءت عملية التعلم مكثفة؛ إذ طُلب من ثلاثة متطوعين الاستلقاء داخل جهاز ماسح ضوئي لمدة 16 ساعة لكل منهم، والاستماع إلى مدونات صوتية. وجرى تدريب وحدة فك الترميز على مطابقة نشاط الدماغ للمعنى باستخدام نموذج لغة كبير أطلق عليه «جي بي تي - 1»، الذي يعتبر سلف «تشات جي بي تي».