ترمب يستقبل إردوغان وعلى طاولة البحث عدد من الملفات الشائكة

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والتركي رجب طيب إردوغان خلال لقائهما في بروكسل على هامش قمة لحلف شمال الأطلسي في يوليو (تموز) 2018 (أرشيف - أ.ب)
الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والتركي رجب طيب إردوغان خلال لقائهما في بروكسل على هامش قمة لحلف شمال الأطلسي في يوليو (تموز) 2018 (أرشيف - أ.ب)
TT

ترمب يستقبل إردوغان وعلى طاولة البحث عدد من الملفات الشائكة

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والتركي رجب طيب إردوغان خلال لقائهما في بروكسل على هامش قمة لحلف شمال الأطلسي في يوليو (تموز) 2018 (أرشيف - أ.ب)
الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والتركي رجب طيب إردوغان خلال لقائهما في بروكسل على هامش قمة لحلف شمال الأطلسي في يوليو (تموز) 2018 (أرشيف - أ.ب)

بعد أسابيع من التصريحات المتبادلة المتوترة والمواقف المتضاربة أحياناً، يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم (الأربعاء)، نظيره التركي رجب طيب إردوغان في البيت الأبيض ليبحث معه في مسائل عدة في طليعتها موضوع سوريا ومصير المتطرفين المعتقلين وحلف شمال الأطلسي.
ويحيط ترقب كبير بالمؤتمر الصحافي المشترك الذي سيعقده الرئيسان بعد الظهر، لا سيما أنه يتزامن مع حدث بالغ الأهمية في واشنطن هو بدء الكونغرس الجلسات العامة من التحقيق ضمن آلية عزل الرئيس.
وبعد إعلان ترمب سحب القوات الأميركية المنتشرة على نقاط حدودية في شمال شرقي سوريا، شنت أنقرة في التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) هجوماً على القوات الكردية المدعومة من التحالف الدولي لتصدّرها القتال ضد تنظيم «داعش». ووجه ترمب حينها إلى إردوغان رسالة غير مألوفة النبرة بين الرؤساء، ختمها بالقول: «لا تكن متصلبا، لا تكن أحمق».
وإزاء موجة الانتقادات الشديدة الموجهة إليه بما في ذلك من حلفائه، شدد ترمب اللهجة لاحقا وهدد بـ«تدمير» الاقتصاد التركي وأمر بفرض عقوبات على تركيا، رفعت بعد التوصل إلى اتفاق حول سوريا في منتصف أكتوبر.
لكن التخلي عن الحلفاء الأكراد وإيجاد فراغ على الساحة السورية ملأته روسيا أثارا غضب العديد من أعضاء الكونغرس من ديمقراطيين وجمهوريين على حد سواء. وكتب أعضاء من الكونغرس من الطرفين في رسالة الإثنين جاء فيها: «نعتقد أن الوقت غير مناسب لاستقبال الرئيس إردوغان في الولايات المتحدة، ونحضك على سحب دعوتك».
ويرى معارضو الزيارة أن استقبال إردوغان بمراسم حافلة في البيت الأبيض سيكون بمثابة هدية له تعزز موقعه.
ورد مسؤول في وزارة الخارجية على ذلك بالقول: «لا بد لنا من البحث مع تركيا بشأن سوريا. يجب ألا نرى في هذا النوع من الزيارات مكافأة، بل أداة دبلوماسية».
كذلك أثارت مواقف ترمب والهجوم التركي توترا حادا داخل الحلف الأطلسي الذي يخشى عودة تنظيم «داعش» إلى الظهور. وندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعدم وجود أي تنسيق مع الولايات المتحدة حول هذا الملف، معتبراً أن الحلف الأطلسي صار في حالة «موت دماغي».
ويعقد اللقاء بين ترمب وإردوغان عشية اجتماع للتحالف الدولي ضد «داعش» على مستوى وزاري في واشنطن، استجابة لطلب عاجل من وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان إثر إعلان سحب القوات الأميركية من شمال سوريا.
وإلى الملف السوري، فإن المواضيع الخلافية كثيرة بين أنقرة وواشنطن.
فبالرغم من احتجاجات واشنطن، اشترت تركيا أنظمة صاروخية روسية مضادة للطائرات من طراز «إس 400». وردا على ذلك، استبعدت الولايات المتحدة تركيا من برنامج تطوير الطائرات المقاتلة «إف-35» بالرغم من استثمارات أنقرة الطائلة في هذا المشروع.
كما أن تركيا أعربت عن استيائها بعد تصويت مجلس النواب الأميركي في نهاية اكتوبر على نص يعترف بإبادة الأرمن في ظل الإمبراطورية العثمانية، وهو توصيف ترفضه تركيا.



تبديل على رأس «الناتو»... لكن لا تغيير متوقعاً في عمل الحلف

جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

تبديل على رأس «الناتو»... لكن لا تغيير متوقعاً في عمل الحلف

جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

يتولى رئيس الوزراء الهولندي السابق، مارك روته، الثلاثاء، قيادة «حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، لكن التناوب على رأس أكبر حلف عسكري في العالم لا يعني أنه سيكون بالإمكان إحداث تغيير جذري في عمله.

وقال إيان ليسر، من معهد «جيرمان مارشال فاند» للدراسات في بروكسل: «في (حلف الأطلسي) يتقرر كل شيء؛ كل شيء على الإطلاق، من أتفه الأمور إلى أكثرها استراتيجية، بالإجماع... وبالطبع؛ فإن مدى الاحتمالات المتاحة للأمناء العامين لإحداث تغيير في العمق في عمل (حلف الأطلسي)، يبقى محدوداً جداً».

ويعمل الأمين العام «في الكواليس» من أجل بلورة القرارات التي يتعين لاحقاً أن توافق عليها الدول الأعضاء الـ32.

وأوضح جامي شيا، المتحدث السابق باسم «الحلف» والباحث لدى معهد «تشاتام هاوس» البريطاني للدراسات، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن الأمين العام «لديه سلطة تحديد الأجندة، وهو الذي يترأس (مجلس شمال الأطلسي)؛ الهيئة السياسية للقرار في (الحلف)». لكنه لا يمسك وحده بقرار الدخول في حرب، وليس بالتأكيد من يضغط على الزر النووي، فهاتان من صلاحيات الدول الأعضاء؛ على رأسها الولايات المتحدة.

وهذا لا يعني أن قائد «الحلف» لا يملك نفوذاً.

وأشار إيان ليسر في هذا الصدد إلى أن الأمين العام الأسبق، جورج روبرتسون، كان له دور مهم في تفعيل «المادة5» بعد اعتداءات «11 سبتمبر (أيلول) 2001» على الولايات المتحدة.

ستولتنبرغ مع روته بالمقر الرئيسي لـ«الناتو» في بروكسل يوم 17 أبريل 2024 (رويترز)

وتنص «المادة5» من ميثاق «الناتو» على أن أي هجوم على دولة عضو «سيعدّ هجوماً على كل الأعضاء»، تحت عنوان: «الدفاع الجماعي». وجرى تفعيلها مرة واحدة في كل تاريخ «الحلف» لمصلحة الولايات المتحدة ولو رمزياً.

كما أن شخصية الأمين العام الجديد سيكون لها دور، وهذا ما يثير ترقباً حيال مارك روته بعد 10 سنوات من قيادة رئيس الوزراء النرويجي السابق ينس ستولتنبرغ.

فهل يعمل على ترك بصماته منذ وصوله، أم ينتظر ولاية ثانية محتملة؟

وقال شيا إن الأمناء العامين «يميلون عند وصولهم إلى أن يكونوا مرشحي الاستمرارية، لكن إذا بقوا بعض الوقت، فهم بالطبع يزدادون ثقة».

قيادة المساعدات

ودفع ستولتنبرغ «الحلف» باتجاه تقديم دعم متصاعد لأوكرانيا، لا سيما بعد غزو روسيا أراضيها في فبراير (شباط) 2022. وطرح تقديم مساعدة سنوية لا تقل عن 40 مليار دولار لأوكرانيا، وحصل على التزام من الدول الحليفة في هذا الصدد. كما حصل على صلاحية أن يتولى «الحلف» القيادة الكاملة لعمليات تسليم المساعدات العسكرية الغربية.

زعماء «الناتو» خلال انعقاد قمتهم في واشنطن يوم 9 يوليو 2024 (د.ب.أ)

يبقى أنه في زمن الحرب، تكون لوحدة الصف والاستمرارية الأفضلية على كل الحسابات الأخرى؛ مما لا يشجع على أي تغيير.

وقال دبلوماسي في «حلف الأطلسي»، طالباً عدم الكشف عن اسمه: «في ظل وضع جيوسياسي بمثل هذه الصعوبة، من المهم للغاية الحفاظ على الاستمرارية وعلى التوجه ذاته في السياسة الخارجية والأمنية».

يبقى أن الجميع في أروقة مقر «الحلف» في بروكسل ينتظرون من روته أسلوباً جديداً في الإدارة يكون «جامعاً أكثر بقليل»، بعد عقد من قيادة «نرويجية» مارسها سلفه «عمودياً»، وفق ما لفت دبلوماسي آخر في «الحلف».

ومارك روته من معتادي أروقة «حلف الأطلسي» و«الاتحاد الأوروبي» بعدما قضى 14 عاماً على رأس الحكومة الهولندية.

وهذا ما يجعل الجميع يراهن عليه بصورة خاصة لتعزيز التنسيق بين «حلف الأطلسي» والتكتل الأوروبي، في وقت يؤدي فيه «الاتحاد» دوراً متصاعداً في المسائل الأمنية.

وهذا الملف معلق بسبب الخلافات بين تركيا؛ العضو في «الحلف» من غير أن تكون عضواً في «الاتحاد الأوروبي»، واليونان حول مسألة قبرص.

وفي حال عاد دونالد ترمب إلى البيت الأبيض بعد الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فإن الدول الحليفة تعول على مهارات روته مفاوضاً من أجل الحفاظ على وحدة «الحلف».

ورفض ستولتنبرغ إسداء أي نصيحة إلى روته في العلن، مكتفياً بالقول إنه سيكون «ممتازاً». لكنه لخص بجملة ما يتوقعه الجميع من الأمين العام لـ«الحلف» بالقول: «ستكون مهمته الكبرى بالطبع إبقاء جميع الحلفاء الـ32 معاً».