إردوغان في واشنطن بأجندة مشحونة بقضايا حساسة تعترض العلاقات مع أميركا

تركيا تتحدى توجه الاتحاد الأوروبي لمعاقبتها بسبب التنقيب في شرق المتوسط

الرئيس التركي يغادر أنقرة في طريقه إلى واشنطن (رويترز)
الرئيس التركي يغادر أنقرة في طريقه إلى واشنطن (رويترز)
TT

إردوغان في واشنطن بأجندة مشحونة بقضايا حساسة تعترض العلاقات مع أميركا

الرئيس التركي يغادر أنقرة في طريقه إلى واشنطن (رويترز)
الرئيس التركي يغادر أنقرة في طريقه إلى واشنطن (رويترز)

يبدأ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان زيارة لواشنطن، اليوم (الأربعاء)، تستغرق يومين، يحمل فيها كثيراً من الملفات التي تطرح نفسها على أجندة مباحثاته مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وفي مقدمة هذه الملفات الحساسة التطورات في سوريا، إلى جانب الموقف الأميركي من اقتناء تركيا منظومة الدفاع الصاروخي الروسية «إس-400»، وإبعادها بسبب ذلك من مشروع إنتاج وتطوير مقاتلات «إف-35» الأميركية الذي ينفذ تحت إشراف حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتصاعد المطالبات في أميركا بفرض مزيد من العقوبات على تركيا.
ومن أهم الملفات الشائكة التي ستطرح خلال لقاء ترمب-إردوغان أيضاً مشروع القرار الأخير الذي صادق عليه مجلس النواب الأميركي بأغلبية كاسحة، والذي يعترف بأحداث شرق الأناضول عام 1915، ويصفها بأنها «إبادة جماعية للأرمن». وبحسب مصادر تركية، سيعرب إردوغان عن انزعاج بلاده من الخطوة التي أقدم عليها مجلس النواب الأميركي، وسيوضح أن مثل هذه القرارات لا تساهم سوى في تعزيز معاداة الولايات المتحدة لدى المجتمع التركي، وإلحاق الضرر بعلاقات البلدين.
وسيتطرق إردوغان، مجدداً، إلى قضية تسليم الداعية التركي فتح الله غولن، المقيم في أميركا منذ عام 1999، الذي يتهمه الرئيس التركي بأنه العقل المدبر لمحاولة الانقلاب الفاشلة ضده في 15 يوليو (تموز) 2016. وأعلن إردوغان أيضاً أنه سيثير قضية اتهام بنك «خلق» الحكومي التركي بخرق العقوبات الأميركية على إيران. كما تتطرق المباحثات إلى مكافحة الإرهاب، وهدف كل من تركيا والولايات المتحدة في تحقيق تبادل تجاري بقيمة 100 مليار دولار. واعترف إردوغان، في مؤتمر صحافي في أنقرة، أمس (الثلاثاء)، قبل توجهه إلى واشنطن، باستمرار التوتر مع الولايات المتحدة، قائلاً إن الزيارة تأتي في مرحلة تمر بها العلاقات التركية-الأميركية بـ«عملية مؤلمة».
وقال إردوغان: «رغم المناخ السيئ في علاقاتنا، فقد اتفقت مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على نقطة حل المشكلات وتحسين علاقاتنا... مكافحة الإرهاب تشكل أولوية، نرغب في بدء مرحلة جديدة بخصوص المواضيع التي تهم أمن البلدين».
وأضاف: «مسألة (منظمة غولن الإرهابية) ستكون في مقدمة ما سنتناوله مع المسؤولين الأميركيين خلال زيارتنا إلى الولايات المتحدة... اتخذنا كثيراً من الخطوات حتى الآن لإعادة (الإرهابي في ولاية بنسلفانيا) إلى بلدنا، وسنواصل القيام بذلك، فنحن مصممون على ملاحقة جميع الانقلابيين حتى تتم محاسبتهم جميعاً أمام القضاء». وتابع: «سنبحث مع الأميركيين خلال الزيارة مكافحة الإرهاب، والتعاون في مجال الصناعات الدفاعية والعسكرية، والعلاقات التجارية والاقتصادية، وكنا قد وضعنا مع السيد ترمب هدف رفع التبادلات التجارية بين بلدينا إلى 100 مليار دولار، وسنبحث سبل تحقيق هذا الهدف».
وأكد أهمية الاجتماع الذي ستنظمه غرفة التجارة الأميركية، بحضور رجال أعمال من تركيا والولايات المتحدة، في تعزيز العلاقات التجارية القائمة بين الطرفين، وقال: «استطعنا، مع إدارة الرئيس ترمب، حل كثير من القضايا المختلف عليها، رغم الضبابية التي تخيم على علاقات البلدين، ورغم العراقيل المفتعلة من قِبل بقايا الإدارة الأميركية السابقة».
وتأتي الزيارة وسط استمرار التحذيرات الأميركية لتركيا من قيامها بشراء منظومة الدفاع الصاروخي «إس-400» الروسية، رغم تجاهل المسؤولين الأتراك.
ووجه مستشار الأمن القومي الأميركي، روبرت أوبراين، الأحد، تحذيرات من أنه إذا لم تتخلص تركيا من المنظومة الروسية، فمن المحتمل أن تكون العقوبات هي الخطوة التالية.
وقال أوبراين: «سيتم تمرير العقوبات في الكونغرس بأغلبية ساحقة من الحزبين، وستشعر تركيا بتأثير هذه العقوبات؛ لقد أوضحنا ذلك للغاية للرئيس إردوغان».
والرئيس ترمب سيحذر نظيره التركي من أن بلاده تخاطر بفرض عقوبات ضدها بسبب شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية. وتقول واشنطن إنها لا تزال تجري محادثات مع أنقرة «للانصراف» عن الأنظمة الروسية.
وعلى صعيد آخر، تطرق إردوغان إلى موافقة مجلس العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي على وثيقة إطار حول التدابير التقييدية التي يعتزم الاتحاد اتخاذها بحق تركيا بسبب أنشطتها للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط.
وطالب الرئيس التركي الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في مواقفه تجاه بلاده، قائلاً: «عليكم إعادة النظر في مواقفكم تجاه تركيا التي تحبس هذا الكم من عناصر (داعش) في سجونها، وتضبطهم في الجانب السوري»، مضيفاً: «لا تحاولوا تخويف تركيا بشأن التطورات في قبرص، فنحن لا نهتم بذلك... ونواصل طريقنا».
وكانت وزارة الخارجية التركية قد أكدت أنه «لا جدوى من تمني خضوع أنقرة للتهديدات، وتراجعها عن حقوقها في شرق البحر المتوسط».
ولفت بيانها إلى أن تركيا و«جمهورية شمال قبرص التركية» (لا يعترف بها غير تركيا) قد بذلتا منذ عام 2004 جهوداً حسنة النية من أجل تحويل ثروات الهيدروكربون في شرق المتوسط إلى عنصر استقرار، لا توتر، وأنهما كانتا دائماً الطرف الذي قدم المبادرات البناءة والإيجابية.
وفي وقت سابق، أول من أمس، اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات اقتصادية بسبب أعمال حفر تقوم بها تركيا قبالة سواحل قبرص «بطرق غير قانونية»، فيما يوضع الإطار القانوني لحظر سفر وتجميد أرصدة، لكنهم لن يحددوا الأسماء حتى موعد لاحق. ويهدف القرار إلى معاقبة أنقرة على انتهاك المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة لقبرص، بالحفر قبالة الجزيرة المقسمة. وجاء ذلك بعد قرار منفصل بوقف مبيعات السلاح الجديدة من حكومات الاتحاد الأوروبي لأنقرة بسبب توغلها في شمال شرقي سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأوضح وزراء الاتحاد الأوروبي: «سيتيح القرار فرض عقوبات على الأفراد أو الكيانات المسؤولة عن أو المشاركة في أنشطة التنقيب غير المشروعة عن الهيدروكربونات في شرق البحر المتوسط».
وقال دبلوماسيان من الاتحاد الأوروبي إن هذا النهج التدريجي يعطي تركيا الفرصة لإنهاء ما يقول الاتحاد الأوروبي إنها أنشطة حفر «غير قانونية»، قبل بدء سريان أي إجراءات. وقال دبلوماسيون إنه في حال فرض العقوبات، فمن المرجح أن تستهدف عمليات تجميد الأصول والمنع من السفر الجيش التركي وقباطنة سفن الحفر.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».