موسكو تتهم واشنطن بالسعي لإقامة «دويلة»

TT

موسكو تتهم واشنطن بالسعي لإقامة «دويلة»

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الولايات المتحدة بالسعي لفصل مناطق في شرق الفرات عن سوريا، وإقامة «شبه دولة» عليها.
وحمل الوزير الروسي بقوة، أمس، خلال مشاركته في منتدى السلام في باريس، واتهم واشنطن بعرقلة تحقيق تقدم لدفع التسوية السياسية في سوريا. وأعاد التشديد على اتهامات سابقة كانت موسكو وجهتها أكثر من مرة لواشنطن حول السعي لتقسيم سوريا. وأوضح أن «الولايات المتحدة تطلب من دول الخليج توظيف استثمارات كبيرة في منطقة شرق الفرات، لإقامة إدارة محلية عمادها (قوات سوريا الديمقراطية)، وقوات حماية الشعب الكردية، وأطراف أخرى». وزاد، أن واشنطن «لا تخفي نيتها السيطرة على حقول النفط في تلك المناطق».
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تمنع، في الوقت ذاته، حلفاءها من الاستثمار في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا. وزاد، أنها تتعمد عرقلة الجهود المبذولة لعادة الاستقرار إلى هذا البلد. وقال: «نحن والحكومة السورية نعمل على دعوة جميع الأطراف إلى تهيئة الظروف لإعادة إعمار البنى التحتية وتسهيل عودة اللاجئين؛ ما يسهل عودة الحياة الطبيعية إلى سوريا».
وفي إشارة إلى أن «تخلي الولايات المتحدة عن التزاماتها» ليس جديداً، كشف الوزير الروسي عن جانب من تفاصيل الاتفاق التي كانت موسكو وواشنطن توصلتا إليه في عام 2013، وعُرف في حينها باتفاق «لافروف - كيري» (وزير الخارجية الأميركي آنذاك جون كيري).
وقال لافروف، إن الطرفين اقتربا في ذلك الوقت من التوصل لتفاهم شامل بشأن سوريا كان يمكن أن يفضي إلى تسوية النزاع نهائياً، مضيفاً أن واشنطن فشلت في تنفيذ الشق المتعلق بها في الاتفاق الذي قام على ضرورة الفصل بين «إرهابيي (جبهة النصرة) والمعارضة السياسية الحقيقية». وأوضح أنه «قبل إطلاق صيغة آستانة في نهاية عام 2015، لم يكن هناك أي حوار بين الحكومة والمعارضة الحقيقية في سوريا؛ لأن المعارضة الوحيدة التي كان الغرب يعترف بها في ذلك الوقت تألفت من مهاجرين يعيشون في إسطنبول والرياض وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية».
وزاد: «قبل حدوث ذلك (إطلاق آستانة)، وفي عام 2013 بالتحديد، كنا قريبين جداً من التوصل إلى تفاهم كامل مع الولايات المتحدة حول كيفية حل النزاع السوري. كان الاتفاق الذي أعددناه مع جون كيري وقبلت به الحكومة السورية يقضي بألا يتم استخدام القوات الجوية السورية في الحرب أبداً، وألا تطير مقاتلاتها على الإطلاق، وأنه ينبغي تنسيق أي عمليات من قبل القوات الجوية الأميركية والقوات الجوية الروسية، وبعبارة أخرى، كان التفاهم يقضي بأن يكون لروسيا والولايات المتحدة حق الفيتو على تحركات وعمليات بعضنا بعضاً في سوريا. وكان الشرط الوحيد لدخول الاتفاق حيز التنفيذ هو قيام الولايات المتحدة بالفصل بين المعارضة السياسية وإرهابيي (النصرة)، لكنهم لم يفعلوا ذلك ولن يفعلوا ذلك أبداً».
على صعيد آخر، أعلن سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، أن واشنطن قامت بتجربة لاستخدام سياسات الحرب الهجينة في الشرق الأوسط، وتحديداً في سوريا. وزاد، أن عمليات إطاحة الأنظمة وإطلاق حال الفوضى في أكثر من منطقة أسفر عن تداعيات خطرة وعزز انتشار الإرهاب.
وزاد في مقالة نشرتها صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الحكومية، أن موسكو سوف تواصل نهج مواجهة تداعيات ومخاطر التهديدات الإرهابية، وفي إشارة لافتة قال: إن «مواجهة الخطر الإرهابي في المناطق البعيدة عن الحدود الروسية ستكون واحدة من أهم الأولويات في المجال الأمني لروسيا»، لافتاً إلى أن «روسيا ستعمل على تعزيز المعركة التي لا هوادة فيها ضد التهديد الإرهابي العالمي، ليس فقط داخل روسيا وعلى طول حدودها، لكن في المناطق البعيدة أيضاً». وزاد، أنه «بالإضافة إلى ذلك، سيتم ضمان وحماية المصالح الوطنية وأمن الدولة في فضاء المعلومات والاتصالات».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.