تعدد المرشحين المتنافسين على رئاسة البرلمان التونسي... و{النهضة} في الصدارة {عددياً}

TT

تعدد المرشحين المتنافسين على رئاسة البرلمان التونسي... و{النهضة} في الصدارة {عددياً}

يعقد البرلمان التونسي الجديد، اليوم (الأربعاء)، جلسته الافتتاحية التي سيُنتخب خلالها رئيس البرلمان ونائباه بين عدد من المرشحين على رأسهم راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» (الحزب الإسلامي) وغازي الشواشي رئيس حزب «التيار الديمقراطي» (حزب يساري وسطي) ورضا شرف الدين مرشح حزب «قلب تونس» الليبرالي الذي يتزعمه نبيل القروي المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، وبدرجة أقل عبير موسى رئيسة الحزب «الدستوري الحر» (حزب ليبرالي).
ويقول مراقبون إن حظوظ المرشحين لرئاسة البرلمان تبدو متقاربة مع أفضلية عددية لرئيس «النهضة» راشد الغنوشي. غير أن التحالفات التي ستفرزها الجلسة الافتتاحية للبرلمان ستكون مؤثرة للغاية على موقف الحركة في شأن تقديم مرشح من قياداتها لرئاسة الحكومة المقبلة، إذ إنها تسعى إلى ضمان تصويت الأحزاب المرشحة للمشاركة في الائتلاف الحاكم لصالح الغنوشي مقابل وعود مبدئية بإبداء المرونة في الموافقة على مرشح مستقل لرئاسة الحكومة لتجاوز أزمة الثقة بين معظم الشركاء السياسيين.
ويحدد النظام الداخلي للبرلمان التونسي ضرورة حصول المرشح لرئاسته على 109 أصوات من إجمالي 217 الذين يمثلون أعضاء البرلمان. وفي ظل التشتت الحاصل على مستوى أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فإن حظوظ الحصول على هذا العدد صعبة للغاية، ولذلك سيقع الاختيار على صاحبي المرتبتين الأولى والثانية وإجراء منافسة ثانية بينهما يفوز من خلالها الحاصل على أكبر عدد من الأصوات مهما كان عددها. ويخدم هذا الوضع مرشح حركة «النهضة» التي جاءت في صدارة الفائزين في الاقتراع النيابي. وحسابياً، ينطلق الغنوشي بأفضلية عددية تترجمها المقاعد التي فازت بها «النهضة» وهي في حدود 52 مقعداً، إضافة إلى 21 مقعداً لـ«ائتلاف الكرامة» الذي يتزعمه سيف الدين مخلوف، وهو حليف «النهضة» الأساسي، و14 صوتاً من حركة «تحيا تونس» التي يتزعمها يوسف الشاهد، علاوة على عدد من أصوات النواب المستقلين. وبذلك قد يحصل الغنوشي على أكثر من 90 صوتاً في دور الاقتراع الأولى.
أما منافسه الأول غازي الشواشي، المرشح عن حزب «التيار الديمقراطي»، فهو ينطلق بـ22 صوتاً يمثلون المقاعد التي فاز بها حزبه في البرلمان الجديد، و15 صوتاً من «حركة الشعب»، الحليف السياسي الأساسي لـ«التيار»، علاوة على 15 صوتاً من كتلة «الإصلاح الوطني» التي تشكلت قبل أيام استعداداً للدورة البرلمانية الجديدة، وبعض الأصوات المستقلة. ويمكن أن ينال الشواشي، وفق هذه التحالفات، على نحو 60 صوتاً باحتساب بعض الأصوات المستقلة التي يُتوقع أن تسانده.
ومن المنتظر أن يحصل رضا شرف الدين، مرشح حزب «قلب تونس»، على أصوات 38 من نواب الحزب، و17 صوتاً من ممثلي «الحزب الدستوري الحر»، في حال عدم ترشح عبير موسى. وهذا ما يجعل شرف الدين يحصل على 60 صوتاً في أقصى الحالات. أما عبير موسى فقد تحصل بدورها على 17 صوتاً وأقلية من أصوات بعض الأحزاب الحاصلة على أقل من 3 مقاعد برلمانية، وهي بالتالي لا تحظى، وفق متابعين، بحظوظ كبيرة للفوز بأحد المناصب المتنافس عليها في البرلمان وهي منصبا الرئيس ونائباه.
وكانت حركة «النهضة» قد طلبت، قبل ساعات من انعقاد الجلسة الافتتاحية للبرلمان، من مختلف الأحزاب السياسية دعم مرشحها لرئاسة مجلس نواب الشعب وترك مسألة التداول في تشكيل الحكومة إلى وقت لاحق. وهي تحاول بذلك فصل المسارات عن بعضها، وهو ما لا ترغب فيه أحزاب سياسية أخرى من بينها «حركة الشعب» (حزب قومي) التي تتمسك بعدم المشاركة في الحكومة التي ستشكلها «النهضة» وتترأسها، مقابل إصرارها على مقترحها المتعلّق بـ«حكومة الرئيس»، أي إعلان «النهضة» فشلها في تشكيل الحكومة ومن ثمة اللجوء إلى رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، لتعيين الشخصية الأقدر على تشكيل الحكومة، وهو مقترح ترفضه «النهضة» وترفض مناقشته أو التشاور في شأنه.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.