تصنيف منشآت الوساطة العقارية في السعودية يضبط نبض القطاع

عقاريون: بعضها يغذي التضخم عبر تشجيع المضاربات

يأتي تصنيف منشآت الوساطة العقارية ضمن جهود الهيئة العامة للعقار الرامية لتنظيم الأنشطة العقارية في السعودية (تصوير: خالد الخميس)
يأتي تصنيف منشآت الوساطة العقارية ضمن جهود الهيئة العامة للعقار الرامية لتنظيم الأنشطة العقارية في السعودية (تصوير: خالد الخميس)
TT

تصنيف منشآت الوساطة العقارية في السعودية يضبط نبض القطاع

يأتي تصنيف منشآت الوساطة العقارية ضمن جهود الهيئة العامة للعقار الرامية لتنظيم الأنشطة العقارية في السعودية (تصوير: خالد الخميس)
يأتي تصنيف منشآت الوساطة العقارية ضمن جهود الهيئة العامة للعقار الرامية لتنظيم الأنشطة العقارية في السعودية (تصوير: خالد الخميس)

وصف متداولون عقاريون قرار هيئة العقار تصنيف منشآت الوساطة العقارية في السعودية بالخطوة المهمة ضمن جهود ضبط هذا القطاع الأكثر فوضوية، في ظل غياب اشتراطات محددة للأعمال التي ينفذونها، وتعتبر هذه المنشآت أحد أهم أسباب تضخم العقار وانفلات قيمته، حيث يعتبرون المصدر الأول لعمليات المضاربة واحتكار المعروضات في وقت سابق، وهو ما تم احتواؤه بفرض ضريبة القيمة المضافة، كما أن نسبة مؤثرة من هذه الشركات تحت سيطرة الأجانب عن طريق التستر؛ مما ينعكس على تضاؤل فرص توطينها.
وجاء قرار هيئة العقار مكملاً للقرارات السابقة التي ساهمت في تنظيم منشآت الوساطة، وأهمها برنامج «إيجار» الذي ساعد بشكل كبير في حفظ حقوق الأطراف والحد من التلاعب، كم أنه سيلقي بظلاله إيجاباً على توطين فرص العمل عبر تأهيل البيئة الملائمة لذلك عبر إعدادهم ورفع قدراتهم المهنية؛ مما سيصب في نهاية المطاف نحو تحسين كفاءة الخدمات المقدمة ورفع جودتها، وإعادة صياغة القطاع من جديد عبر احتوائه بجميع أفرعه لإيجاد قطاع عقاري متكامل الأدوار.
ويعتبر عبد الله الزير، الذي يمتلك شركة للتطوير العقاري، قرار تنظيم شركات الوساطة من أهم القرارات التي يمكن وصفها بالتاريخية في ظل عشوائيته واحتكاره، وطرق التعامل التي لم تتغير منذ نشأته قبل عشرات السنين، ورغم تضاعف الأعمال وتصاعد الاقتصاد السعودي وتفاعل القطاعات المساندة له بالعمل حسب هذا الازدهار، فإن ذلك لم يشمل هذه الشركات التي ظلت تقاتل للحفاظ على بيروقراطيتها واحتكارها وعدم الاندماج ضمن تنمية الاقتصاد المحلي الذي يتطور بشكل مستمر، مضيفاً بأن نسبة من العاملين في هذا القطاع أصبحوا يورّثون هذه المهنة لأبنائهم لاستمرار الأعمال بالشكل القديم.
وأضاف: «يتضح ذلك من خلال تباطؤ أو انعدام ظهور منشآت وساطة جديدة تعمل في الأحياء القديمة أو القائمة منذ سنوات، وذلك لاحتكار الموجودين هناك وتضييقهم على من يحاول الدخول ضمن دائرتهم الضيقة».
وكانت الهيئة العامة للعقار قد أعلنت نيتها إطلاق مشروع تصنيف منشآت الوساطة العقارية في مطلع ديسمبر (كانون الأول) المقبل؛ يهدف إلى تطوير مستوى المنشآت العقارية في المملكة وإيجاد فرص عمل نوعية للشباب والشابات السعوديين، وزيادة تأهيلهم ورفع قدراتهم المهنية، وتحسين كفاءة الخدمات التي يقدمونها.
من جانبه، أكد فيصل الصانع، الذي يدير شركة مقاولات متخصصة، بأن تأهيل العاملين في منشآت الوساطة أمر لا مفر منه في حال رغبتهم في البقاء على الساحة؛ لذا يجب عليهم التعاطي مع الواقع الجديد والتقنيات الحديثة، ويتضح ذلك عند تطبيق برنامج «إيجار» الذي كشف عن العشوائية فيها وعدم قدرتها على مواجهة التطورات؛ مما حدا بهيئة العقار للمسارعة في تصنيفهم وتدريبهم عبر اشتراطات محددة، للاطمئنان بأن المنشأة المصرحة تطبق المعايير؛ مما يعني وصولها مرحلة التنظيم والكفاءة والقدرة على التعامل مع مستجدات القطاع العقاري.
وأشار الصانع، إلى أن حجم البلاغات المسجلة على منشآت شركات الوساطة، التي أعلنتها وزارة الإسكان عبر برنامج «إيجار» خلال النصف الأول من العام الحالي، تجاوز الـ800 بلاغ مباشر، وهذا يكشف عن ضرورة تأهيلهم وتدريبهم على أن المسؤوليات الملقاة على عاتقهم أكبر بكثير مما يقومون به، وأن التطور يمنحهم أيضاً التوسع في العمل بشكل أكبر، وأن القوانين وضعت للتطوير وتحفيز القطاع وليس لعرقلتهم أو الحد من إمكاناتهم.
وتشترط هيئة العقار للحصول على تصنيفها تطبيق المنشأة العقارية أو المرخص له أربعة معايير، أولها الالتزام بتطبيق الحد الأدنى من نماذج العقود الموحدة المعتمدة، مثل عقد التسويق، وعقد الرغبة في الشراء، ومحضر التسلم والتسليم للوحدات العقارية، بجانب اجتياز موظف المنشأة أو المرخص له دورات تدريبية لثلاث خدمات عقارية على الأقل، حيث تهدف الهيئة من هذا التصنيف إلى تنمية الكفاءات الوطنية التي تخدم هذا القطاع بجودة وفاعلية، وبدأت فعلياً في إطلاق الحملة التوعوية للمشروع، فقد أكملت في الوقت نفسه ومن خلال ذراعها الأكاديمية، المعهد العقاري السعودي، إعداد حقائب تدريبية لجميع مسارات الخدمات المقدمة من منشآت الوساطة العقارية.
من جانبه، أوضح عبد العزيز الشمري، الذي يدير عدداً من المشاريع العقارية، بأن الحد من تجاوزات مكاتب الوساطة أمر مهم للغاية، ولا يمكن تنبؤ مدى استمرار التغافل عنها وانعكاس ذلك، ضارباً المثل بأن أحد أكبر أسباب التضخم التي حدثت في السوق هو توجه نسبة من شركات الوساطة في تغذية المضاربات العقارية وتهيئة الجو الملائم لها للخروج بما يسمى «السعي»، وهي 2.5 في المائة من قيمة أي منشأة عقارية في حالة البيع والشراء؛ مما دفع القطاع إلى تزايد قيمته، وأعتقد بأن شركات الوساطة تتربع على أكثر الأفرع العقارية التي يتم التسجيل بحقها مخالفات مستمرة نتيجة تحايلهم أو التفافهم.
وزاد الشمري، بأنه يجب وضع معهد مخصص لتهيئة الجيل القادم في كيفية القيام بأمور الوساطة بالشكل الصحيح المتعارف عليه دولياً، والتأكيد على احتواء أنشطتهم؛ كونها عنصراً اقتصادياً مهماً يعتمد علية شريحة كبيرة من المتعاملين كمصدر دخل رئيسي، وحاجة المستفيدين إلى خدماتهم أيضاً بالطريقة التي تكفل للجميع حفظ الحقوق والالتزام بالمعايير التي تضمن تأهيل جيل جديد واعٍ من الوسطاء العقاريين يقدم خدماته بمهارة ومسؤولية.
وكانت الهيئة العامة للعقار قد أعلنت بأن الانضمام إلى مشروع تصنيف منشآت الوساطة العقارية متاح بشكل اختياري للمنشآت العقارية والأشخاص الراغبين في الحصول على تصنيف واعتماد الهيئة وإدراجه ضمن هويتهم، مبينة أن مشروع نظام الوساطة العقارية الجديد سوف يلزم عند صدوره العاملين كافة في القطاع العقاري بتطبيق أحكامه، بما فيها معايير التصنيف.
وتعتزم الهيئة إطلاق المشروع في بداية الشهر المقبل؛ وذلك بهدف تطوير مستوى المنشآت العقارية بالمملكة وإيجاد فرص عمل نوعية للشباب والشابات السعوديين وزيادة تأهيلهم ورفع قدراتهم المهنية، وتحسين كفاءة الخدمات التي يقدمونها.
وتشترط الهيئة للحصول على تصنيفها أن يتم تطبيق المنشأة العقارية أو المرخص له لأربعة معايير، أولها الالتزام بتطبيق الحد الأدنى من نماذج العقود الموحدة المعتمدة، مثل عقد التسويق، وعقد الرغبة بالشراء، ومحضر التسلم والتسليم للوحدات العقارية، بجانب اجتياز موظف المنشأة أو المرخص له لدورات تدريبية لثلاث خدمات عقارية على الأقل، حيث تهدف الهيئة من هذا التصنيف إلى تنمية الكفاءات الوطنية التي تخدم هذا القطاع بجودة وفعالية.
وكان عصام المبارك، محافظ الهيئة العامة للعقار، قال في وقت سابق، إن مشروع تصنيف منشآت الوساطة العقارية يأتي ضمن جهود الهيئة الرامية لتنظيم الأنشطة العقارية في السعودية، والسعي لرفع مستوى أداء القائمين على الوساطة العقارية وخدماتها ورفع كفاءتها وجودتها وفق أفضل الممارسات العالمية، وبما يتوافق مع مستهدفات «رؤية 2030» الطموحة للارتقاء بالقطاع العقاري وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».