مدينة المساجد في بنغلاديش... روعة العمارة الإسلامية

مسجد الستين قبة والذي يعتبر الأقدم في بنغلاديش
مسجد الستين قبة والذي يعتبر الأقدم في بنغلاديش
TT

مدينة المساجد في بنغلاديش... روعة العمارة الإسلامية

مسجد الستين قبة والذي يعتبر الأقدم في بنغلاديش
مسجد الستين قبة والذي يعتبر الأقدم في بنغلاديش

تزخر صفحات التاريخ الإسلامي بالعديد من الإمبراطوريات والممالك التي ازدهرت في العصور الوسطى وتركت وراءها تحفاً معمارية تشهد بتقدمها. ومن أبرز الأماكن لمعاينة هذه الحضارة «مدينة المساجد» في باجيرهات بجنوب غربي بنغلاديش، والتي اشتهرت فيما مضى باسم خليفة آباد.
ظلت هذه المدينة التاريخية مخفية عن الأنظار على مدار فترات طويلة بسبب زحف الزراعات والأشجار عليها، حتى كشف النقاب عنها أخيراً، مما دفع البعض لوصفها بأنها واحدة من مدن العالم المفقودة.
يعود تاريخ المدينة إلى القرن الخامس عشر على يد الجنرال التركي أولوغ خان جيهان. وكما يوحي اسمها، تضم المدينة الكثير من المساجد التي يعود تاريخ بنائها إلى عصر سلطنة البنغال في القرن الخامس عشر ميلادياً. وحسب موقع منظمة «اليونيسكو» الذي ضم المدينة إلى قائمته لمواقع التراث الإنساني عام 1983. فإن البنية التحتية للمدينة تكشف عن «قدر كبير من المهارة الفنية».
وتضم المدينة العريقة عدداً استثنائياً من الأبنية التي تعكس المرحلة الأولى من تطور فن العمارة الإسلامية داخل البنغال، بينها 360 مسجداً ومباني عامة وجسور. كما تشير تقديرات أخرى، إلى أن المدينة تضم بجانب مساجدها التاريخية المميزة 238 معبداً و17 كنيسة.
من أبرز مزارات المدينة، مسجد الستين قبة، والذي يعتبر الأقدم في بنغلاديش. ويتميز بالعدد الضخم لقبابه، بينما يضم 60 عموداً رفيعاً. وهناك أيضاً ضريح خان جيهان الذي يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1459 ميلادية وجرى ترميمه في وقت قريب. ويعتبر الضريح جزءاً من مجمع أكبر يضم مسجداً وبناء آخر لم تعد معالمه واضحة.
- السبيل الأمثل للوصول إليها، فهو الانطلاق من العاصمة دكا.
- تنحصر أفضل فترة للاستمتاع بزيارة المدينة ما بين أكتوبر (تشرين الأول) ومار.
- ونظراً لما تحويه المدينة من عدد كبير من المساجد جعلها أقرب إلى مدينة مقدسة في نظر الكثير من أبناء البلاد وانتماء الغالبية الكاسحة من السكان للمسلمين، يحرص الزائرون على ارتداء ملابس محتشمة.
- عادة ما تستغرق الجولات المنظمة لزيارة المدينة ما بين يومين وثلاثة أيام، ويجري تنظيمها براً عبر سيارات أو قطارات مكيفة.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».