السيستاني يدعو إلى توحيد الخطاب السياسي لمواجهة «داعش».. والعبادي يعدها حرب وجود

عبر عن أسفه لتكرار محاصرة الجنود من قبل عناصر التنظيم الإرهابي

السيستاني يدعو إلى توحيد الخطاب السياسي لمواجهة «داعش».. والعبادي يعدها حرب وجود
TT

السيستاني يدعو إلى توحيد الخطاب السياسي لمواجهة «داعش».. والعبادي يعدها حرب وجود

السيستاني يدعو إلى توحيد الخطاب السياسي لمواجهة «داعش».. والعبادي يعدها حرب وجود

عبر المرجع الشيعي في العراق آية الله علي السيستاني عن أسفه لتكرار نداءات الاستغاثة من قبل الجنود الذين تجري محاصرتهم من قبل تنظيم داعش في خطوط المواجهة، داعيا الفرقاء السياسيين في العراق إلى توحيد خطابهم السياسي وعدم السماح بالمساس بالسيادة الوطنية.
وقال معتمد السيستاني في كربلاء خلال خطبة صلاة الجمعة أمس إن «الخطر الحقيقي الذي يهدد بلدنا هو الإرهاب والإرهابيون، وإن التصدي له هو مسؤولية الكل؛ لأن المستهدف هو الجميع، ونؤكد هنا أن القوات الأمنية بكل تشكيلاتها مع أبنائنا المتطوعين هم الذراع الضاربة للشعب ضد الإرهابيين، والمدافع عن العراق في مقابل هجماتهم الشرسة».
وأضاف أنه «ليس من المعقول أن نسمع نداءات الاستغاثة يوميا من بعض القطاعات بسبب قطع خطوط الإمداد أو قلة التجهيزات أو التمويل، ولا بد من الاهتمام أيضا بالدور الوطني الذي تقوم به بعض العشائر في التصدي للإرهاب والسعي إلى طرده، وهو دور مشرف يحتاج إلى دعم متواصل من قبل الحكومة».
وحذر مما سماه الإخفاق في المعركة أمام تنظيم داعش، مبينا أن «المسألة لا تتحمل ذلك، وعليه فلا بد من زيادة الوجود العسكري بأماكن الصراع مع الإرهابيين وتهيئة جميع الإمكانات، والحضور الميداني من قبل القادة المهنيين الأكفاء، وبث الروح القتالية والبطولية في نفوس المقاتلين الشجعان، حتى تنجلي هذه الغمة التي ابتلينا بها»، مؤكدا أن «المعركة مع الإرهاب من مسؤولية الحكومة في الدرجة الأساسية، وعليها بذل أقصى الجهود في ذلك».
ودعا السيستاني القادة السياسيين إلى توحيد «كلمتهم ومواقفهم في الأمور الخطيرة التي يمر بها البلد، وأن يكونوا على حذر تام من أي محاولة للتدخل في الشؤون السيادية لدوافع معينة، ففي الوقت الذي يهدد فيه الإرهاب المجتمع الدولي بأسره، ويحاول أن يتمدد ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ويحصل على موطئ قدم هنا أو هناك، فإن هذا لا يعني التدخل السلبي في شؤون البلد، ولا يصح أن يستجاب لبعض الذرائع في المساس بسيادته».
ودون أن يتطرق إلى إمكانية القبول بتدخل بري لمواجهة «داعش»، فإن السيستاني دعا الحكومة إلى «الاستفادة من جميع الإمكانات المتاحة عبر علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة في سد ما يوجد من نقص في المفاصل الأمنية المختلفة، ولكن مع المحافظة على كون القرار عراقيا في جميع ذلك، وهذا يتطلب مد جسور الثقة بين الفرقاء السياسيين والسعي الجاد من قبلهم إلى توحيد المواقف من أجل الحفاظ على وحدة البلد وسيادته».
وفي هذا السياق، أكد رجل الدين الشيعي والأكاديمي عبد الحسين الساعدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الكتل السياسية العراقية حتى بعد التغيير لم ترتقِ في خطابها ولا في ممارساتها وأساليب عملها إلى ما يجعل الشعب والمرجعية الدينية تطمئن إلى أن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح». وأضاف أن «التغيير الذي نادت به المرجعية جرت مصادرة الكثير مما كان يجب تحقيقه، فلا المناصب جرى ترشيقها، ولا الحقائب الأمنية جرى شغلها، والأهم أن التغيير الذي جرى بعد الانتخابات وجرى على أساسه تشكيل الحكومة تزامن معه التحدي الذي بتنا نواجهه من قبل الإرهاب الذي تسبب في إسقاط مدن واحتلال محافظات، ومع ذلك نجد أن هناك خللا على صعيد المؤسسة العسكرية وعدم الاهتمام بمتطوعي الحشد الشعبي الذين لبوا نداء المرجعية، فضلا عما أشار إليه معتمد المرجع بتكرار نداءات الاستغاثة من قبل الجنود الذين تجري محاصرتهم في ميادين القتال».
من جهته، قال الناطق الرسمي باسم كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري جواد الجبوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدعم الإقليمي والدولي الذي حظيت به هذه الحكومة ينبغي استثماره بالطريقة التي نتمكن من خلالها من القضاء على (داعش)، وفي الوقت نفسه أن يكون في إطار القرار السيادي العراقي الذي يجب أن يبقى هو الأصل، ولن يتحقق ذلك من دون أن توحد القوى السياسية خطابها، وأن تكون على قدر المسؤولية الوطنية»، مبينا أن «الوحدة الوطنية هي الأساس الذي يجب أن يستند إليه الخطاب السياسي في الداخل والخارج، وهو ما يجعلنا نقدم الدعم لهذه الحكومة طالما التزمت بهذا النهج».
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي أعلن أن العراق يعيش حالة حرب حقيقية ومعركة وجود مع تنظيم داعش. وقال العبادي في حديث لعدد من وسائل الإعلام مساء أول من أمس الخميس إن «العراق يعيش حالة حرب حقيقية ومعركة وجود مع تنظيم داعش، ولهذا فإن على الجميع عدم الاستهانة بهذه الحرب»، مؤكدا أن «70 في المائة من هذه الحرب هي حرب نفسية».
وبشأن تشكيل قوات الحرس الوطني، أوضح العبادي أن «هناك إجماعا من جميع الكتل السياسية على تشكيل الحرس الوطني من قبل جميع الكتل السياسية»، نافيا صدور قانون للحرس الوطني.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.