العجز التجاري التونسي يواصل الاتساع

TT

العجز التجاري التونسي يواصل الاتساع

أكد المعهد التونسي للإحصاء (معهد حكومي) اتساع هوة العجز التجاري في تونس خلال الأشهر العشرة الأولى من السنة الحالية، وقال: إن الفرق بين الصادرات والواردات ما زال شاسعاً؛ فقد بلغ الحجم الإجمالي للصادرات نحو 36.7 مليار دينار تونسي (نحو 13 مليار دولار) خلال الأشهر العشرة الماضية من السنة الحالية، في حين قدرت الواردات بنحو 53.3 مليار دينار (نحو 19 مليار دولار)، ونتج من ذلك عجز على مستوى الميزان التجاري بنحو 16.5 مليار دينار (نحو 6 مليارات دولار).
وكان البنك المركزي التونسي قد سجل ارتفاع الأسعار عند التصدير، وقال: إن هذه الزيادة تعود إلى تطور سعر صرف الدينار، الذي سجل بين الأول من يناير (كانون الثاني) و24 أكتوبر (تشرين الأول) من السنة الحالية تحسناً بنسبة 9.1 في المائة مقابل الدولار، و5.1 في المائة مقابل اليورو. ولم تبرز الانعكاسات الإيجابية لهذا التحسن على الأسعار المتداولة في الأسواق التونسية، كما لم تؤثر إيجابياً على العجز التجاري الإجمالي الذي حافظ على مستويات قياسية مقارنة مع السنوات الماضية.
وخلال الأشهر الماضية، تأثر الميزان التجاري سلباً نتيجة ارتفاع العجز التجاري في قطاع الطاقة الذي بلغ 6.3 مليار دينار (نحو 2.1 مليار دولار)، وهو ما يمثل نسبة 38.5 في المائة من العجز التجاري الإجمالي. كما ارتفعت واردات المواد الفلاحية الأساسية والمواد الأولية المرتبطة بمادة الفوسفات ومواد التجهيز والمواد الأولية والمواد نصف المصنعة، وهو ما كان له أثر سلبي على الميزان التجاري التونسي.
وتنتظر تونس إنتاجاً قياسياً من زيت الزيتون، حيث تشير التوقعات إلى بلوغ 350 ألف طن، وإلى عائدات مالية قد تصل حدود ملياري دينار (نحو 660 مليون دولار)، وهو ما سيكون له أثر فعلي مباشر على حجم التبادل التجاري مع الخارج. كما أن إنتاج الحبوب الذي كان في حدود 2.4 مليون طن قد وفر للبلاد موارد مالية من النقد الأجنبي لا تقل عن 100 مليون دولار.
وكانت الصادرات التونسية قد تحسنت مع نهاية الشهر الماضي وسجلت نسبة تجاوزت 10 في المائة، ويعود ذلك إلى ارتفاع صادرات قطاع الفوسفات ومشتقاته وقطاع الصناعات الميكانيكية والنسيج والملابس والجلود والأحذية وقطاع الصناعات المعملية.
على صعيد متصل، دعا مروان العباسي، محافظ البنك المركزي التونسي، خلال الاجتماع الدوري بمسؤولي البنوك التونسية، الحكومة إلى ضرورة تحسين مناخ الأعمال وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية، بما يمكّن من تركيز الظروف الملائمة لدفع الاستثمار المحلي والأجنبي، وضمان استعادة النمو الاقتصادي إثر توقع نسبة نمو لا تزيد على 1.5 في المائة مع نهاية السنة الحالية.
وجدد العباسي الدعوة الموجهة للبنوك التونسية لمواصلة الجهود في تمويل الاقتصاد التونسي في ظل الظرف الاقتصادي الصعب، وذلك من خلال توجيه التمويل نحو القطاعات المنتجة، ووفق حاجيات الاستغلال للشركات والمؤسسات الصغرى والمتوسطة بهدف تجنب الانعكاسات السلبية المؤثرة على استقرار البنوك المحلية.



«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.