حقيبتا الدفاع والداخلية تدخلان نفق الخلافات المذهبية

مهدي الحافظ لـ («الشرق الأوسط»): محاصصة المناصب بدعة سياسية ندفع ثمنها كلنا

حقيبتا الدفاع والداخلية تدخلان نفق الخلافات المذهبية
TT

حقيبتا الدفاع والداخلية تدخلان نفق الخلافات المذهبية

حقيبتا الدفاع والداخلية تدخلان نفق الخلافات المذهبية

بعد مرور نحو 3 أشهر على بدء الدورة البرلمانية وأكثر من شهر على نيل رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي الثقة، لم تتمكن الكتل السياسية من حسم مرشحيها لوزارتي الدفاع والداخلية.
اللافت للنظر هذه المرة أن الخلاف لم يعد سنيا - شيعيا مثلما كان خلال سنوات حكم المالكي الأربع الأخيرة، بل تحول إلى خلاف داخل الطائفة الواحدة. فالعرب السنة الذين احتفظوا بحقيبة الدفاع مختلفون على مرشحيهم للمنصب، وكذلك الأمر بالنسبة للعرب الشيعة. والسبب الرئيس في ذلك مثلما يرى عضو البرلمان العراقي ووزير التخطيط الأسبق، الدكتور مهدي الحافظ، في حديث لـ«الشرق الأوسط» يعود إلى «وجود خلل في القاعدة التي بنيت عليها العملية السياسية وهي المحاصصة وتوزيع المناصب فيها على هذا الأساس»، عادا إياها «بدعة سياسية أسست لإشكاليات كبيرة في البلاد أصبحنا ندفع ثمنها».
وأضاف الحافظ أن «الوقت قد حان لتغيير هذه القواعد والأسس الخاطئة والانطلاق إلى الفضاء الوطني، وهو ما عملته عندما كنت رئيس السن للبرلمان عندما فتحت الباب أمام منافسين لمنصبي رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية»،.غير أن الفضاء الوطني الذي يتحدث عنه الجميع لا يزال محكوما بإشكاليات داخلية تتعلق بوضع كل كتلة. فـ«تحالف القوى العراقية» الذي يمثل العرب السنة في البرلمان محكوم بمحاصصة داخلية بين مكوناته («كتلة متحدون» ويتزعمها أسامة النجيفي، و«ديالى هويتنا» ويتزعمها سليم الجبوري، و«العربية» بزعامة صالح المطلك، و«الحل» بزعامة جمال الكربولي).
وفي هذا السياق، يرى عضو البرلمان عن «تحالف القوى»، و«ديالى هويتنا» رعد الدهلكي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «لدينا أكثر من مرشح لمنصب وزير الدفاع وأبرزهم جابر الجابري وخالد العبيدي، وربما يضاف لهم آخرون منهم رافع العيساوي، لكن يكاد يكون هناك إجماع على الجابري، رغم أنه لم يتمكن من نيل الثقة عند طرحه من قبل العبادي بسبب الخلافات التي كانت موجودة داخل (التحالف الوطني) لخلافاتهم على هادي العامري، ومن ثم لم يتمكن رياض غريب مرشح العبادي من نيل الثقة».
وأضاف الدهلكي أن «كتلتنا تمكنت من جمع تواقيع كافية لإعادة طرح الجابري ثانية مع تأكيد أن كل الأسماء المرشحة من قبلنا تحظى بالمقبولية، ومن ثم لن نواجه مشكلة في هذا المجال». لكن القيادي في «كتلة متحدون» محمد الخالدي له وجهة نظر مختلفة عن الدهلكي، رغم أنهما في ائتلاف واحد، الخالدي وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» قال إن «الخلافات ما زالت قائمة داخل (تحالف القوى) بين خالد العبيدي وجابر الجابري، حيث إن نواب محافظة نينوى - وعددهم 12 نائبا - وقعوا على وثيقة بعدم التصويت لغير العبيدي لأسباب وجيهة؛ وهي أن الموصل تستحق منصبا سياديا، كما أن العبيدي عسكري سابق وأكاديمي وذو خبرة، ومن ثم فإنه هو الأصلح لإدارة وزارة مثل الدفاع، بينما الجابري طبيب والعيساوي ليس مرشحا لا من قبل النجيفي ولا من غيره».
أما الخلاف داخل الكتلة الشيعية (التحالف الوطني)، فيكاد يتطابق مع نظيره داخل الكتلة السنية. وفي هذا السياق، يقول القيادي في «كتلة الأحرار» الصدرية أمير الكناني لـ«الشرق الأوسط» إن «الخلاف لا يزال موجودا داخل مكونات (التحالف الوطني) ويتعلق بالآليات، حيث نجد أن هناك محاولات التفاف على هذه الآليات وهو ما نقف ضده». وأضاف الكناني أن «هناك آليتين كان جرى الاتفاق عليهما بين مكونات التحالف لاختيار المرشح لوزارة الداخلية؛ وهما إما النقاط وإما التوجه لاختيار شخصية مستقلة»، مشيرا إلى أن «ما حصل هو اختيار شخصيات تبدو مستقلة، لكنها في حقيقة الأمر محسوبة على كتل معينة داخل التحالف، وهو ما جعلنا نرفض ذلك. ومن ثم، فإنه إذا ذهبنا إلى النقاط فإن الكتلتين اللتين بقي لهما استحقاق وزاري؛ هما (التيار الصدري) و(بدر)».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.