عراقي يكشف لـ («الشرق الأوسط») عن قصة انتمائه وهروبه من «داعش»

قال: خدعونا بأنهم سيحققون مطالبنا الوطنية

عناصر «داعش» لدى دخولهم مدينة الفلوجة («الشرق الأوسط»)
عناصر «داعش» لدى دخولهم مدينة الفلوجة («الشرق الأوسط»)
TT

عراقي يكشف لـ («الشرق الأوسط») عن قصة انتمائه وهروبه من «داعش»

عناصر «داعش» لدى دخولهم مدينة الفلوجة («الشرق الأوسط»)
عناصر «داعش» لدى دخولهم مدينة الفلوجة («الشرق الأوسط»)

تتداخل حدود المناطق الغربية للعاصمة العراقية بغداد مع حافات البلدات التي توجد فيها عناصر تنظيم «داعش»، وربما تعد بلدة أبو غريب، غرب بغداد، هي المنطقة الأكثر أمنا قبيل الوصول إلى الكرمة أو الفلوجة، التابعتين لمحافظة الأنبار، اللتين يسيطر عليهما «داعش»، وهناك محاذير كبيرة للاقتراب من هذه المناطق أو من بلدة الضلوعية التابعة لمحافظة صلاح الدين حيث تسخن المعارك بين القوات العراقية والتنظيم المسلح. وللوصول إلى أي من هذه المناطق لا بد من التنسيق مع قيادات في الجيش العراقي والمرور بسلسلة من الاتصالات لتكون الرحلة آمنة.
لكن هذا لم يمنع «الشرق الأوسط» من الوصول إلى إحدى المناطق القريبة من وجود «داعش» على جهة بلدة الكرمة وبضمانات من أشخاص موثوقين للقاء أحد أبناء عشائر الأنبار الذي كان يقاتل إلى جانب من يسمونهم بـ«الدواعش» قبل أن ينسلخ عنهم ويعود إلى أهله «نادما» على حد تعبيره، ولتتقبله عشيرته بعد أن تأكدت أنه «لن يتورط بدم أي من أبناء العشائر الأخرى و(ما مطلوب) دم»، مثلما أوضح أحد أبناء عمه الذي سهل لنا اللقاء بـ«الداعشي» السابق والنادم طاهر غانم الدليمي (46 عاما)، مثلما قدم لـ«الشرق الأوسط» نفسه، منتظرا أن «تتم تبرئته تماما وألا تطالب عشيرته بالثأر من قبل أي عشائر أخرى»، مثلما أكد ابن عمه، مشيرا إلى أن «مجتمع محافظة الأنبار عشائري تماما، وقوانين وأعراف العشائر هي السائدة أكثر من سيادة قوانين الدولة».
الدليمي قال «كنت مقاتلا في المقاومة ضمن كتائب ثورة العشرين إبان احتلال القوات الأميركية للعراق وخاصة في الفلوجة، وقد أبلينا بلاء مشرفا من أجل تحرير العراق من الاحتلال»، منبها إلى أن «المقاومة حق شرعي ووطني وواجب يفرض علينا كمسلمين وعراقيين، وكذلك كأبناء عشائر من أجل الدفاع عن قيمنا وشرفنا».
وعن الطريق الذي قاده إلى الانتماء إلى «داعش» وسبب ذلك، قال «بعد خروج القوات الأميركية من العراق زادت الحكومة العراقية من ضغوطها وتهميشها ومحاربتها لأهل السنة ومدنهم حيث الاعتقالات العشوائية والمخبر السري وتهميش المحافظات الغربية وتسليط قوات ضباطها طائفيون على مناطقنا مما أدى إلى احتقان كبير وصل إلى حد التظاهر والاعتصام في الرمادي والفلوجة والموصل وسامراء والحويجة، وقد التحقت مثل غيري باعتصامات الرمادي التي واجهتها الحكومة بالإهمال أولا ثم هاجمتها عسكريا بعد أن كان الجيش قد هاجم اعتصامات الحويجة وقتل العشرات من المعتصمين»، يستطرد قائلا «هنا كانت نقطة التحول في اتجاهاتي واتجاهات الكثير من أهالي الأنبار والفلوجة والموصل وصلاح الدين حيث عددنا هذه التصرفات التي انتهجتها الحكومة (السابقة) محاولة للقضاء على أهل السنة في العراق وكانت تنظيمات (داعش) تنشط بقوة في خيام الاعتصامات بالمحافظات السنية ورفعت شعارات مناصرة لمطالبنا، بل طرحت نفسها كبديل ثوري عن كل الشعارات والاعتصامات التي لم تنفع مع الحكومة، وكانت أعلام (داعش) ترفع في ساحات الاعتصامات باعتباره جهة مقاتلة ضد الحكومة لنصرة السنة».
مضيفا «عند ذاك انتميت مع الكثير من أبناء العشائر إلى داعش وقررنا رفع السلاح بوجه الحكومة والجيش العراقي والعمل على إسقاط العملية السياسية في بغداد»، موضحا أن «هدفنا كان التوجه إلى بغداد من الرمادي والفلوجة وديالى وتكريت وسامراء والحويجة والموصل، والخطط كانت موضوعة ووعدنا بأن هناك الآلاف من أنصارنا في العاصمة سيقفون معنا ومن بينهم ضباط سابقون وحاليون في الجيش العراقي».
يقول الدليمي (الداعشي السابق)، «اعتمدنا في البداية على ما عندنا من أسلحة وعملنا بنوع من الاستقلالية كوننا من ثوار العشائر ومتحالفين مع (داعش) الذي كانت قيادته حازمة معنا في ضرورة تنفيذ الأوامر الصادرة إلينا وعدم التصرف بمعزل عن التنظيم كونهم هم من يسيطر على المناطق التي نقاتل ضمنها ويجب أن تخضع كافة الفصائل الأخرى لأوامرهم، ومن كان يخالف هذه الأوامر فإن مصيره هو القتل باعتباره خائنا ومرتدا عليهم، ثم تلقيت مع عدد من أبناء عشائر الأنبار تدريبات في الصحراء الغربية الفاصلة بين العراق وسوريا، على أسلحة أخرى مثل ( بي كي سي) وقاذفات صواريخ (آر بي جي) ومدافع الهاون»، كاشفا عن أن «هناك ضباطا في الشرطة المحلية بل وفي الجيش كانوا يعرفون تحركاتنا ويرصدونها من دون أن تتخذ أي إجراءات ضدنا أو ضد مواطنين عرب كانوا متنفذين في التنظيم». وقال «كان بيننا يمنيون وسوريون وفلسطينيون وسعوديون وتونسيون وسودانيون، لكنهم لم يدخلوا إلى الأنبار أو الفلوجة في البداية بل اعتمدوا علينا نحن العراقيين في السيطرة على الأوضاع في المدن وتهيئة الأجواء لدخول بقية المقاتلين العرب».
وحول إذا ما كانت هناك اتصالات بين «داعش» وبعض الأجهزة الأمنية أو الحكومية في الأنبار، قال طاهر «لا أعرف بالضبط إذا كان هناك تنسيق على مستوى القيادة وبعض الضباط من السنة، لكنني كنت أتحرك بحرية سواء في الرمادي أو الفلوجة مع إخوة لي ومعروف عني أني كنت مع داعش، وبعض المسؤولين الأمنيين كانوا يطلقون علينا تسمية ثوار العشائر ويباركون جهودنا»، مشيرا إلى أن «مقاتلي تنظيم (داعش) كانوا يحصلون بسهولة على ملابس رسمية للشرطة العراقية أو للجيش العراقي وسيارات تحمل أرقاما حكومية لتنفيذ عمليات هجومية على مراكز أمنية أو حكومية، وكانوا يقولون لنا إن هذه الملابس وحتى الأسلحة والسيارات هي من الغنائم التي يحصلون عليها في هجماتهم على الدوائر الحكومية». منوها إلى أن «داعش تنظيم عسكري شديد في صرامته من حيث تنفيذ الأوامر وإطاعتها، ولم يكن مسموحا لنا الاعتراض على أن يكون المسؤول من جنسية أخرى وغير عراقي باعتبار أن الجميع مجاهدون».
وحول تسليح عناصر «داعش» أكد طاهر أن «تسليحنا كان يجري عن طريق الاستيلاء على أسلحة الجيش العراقي التي يتركونها ويفرون، كما كنا نهجم على مراكز للشرطة وعلى معسكرات أو مواقع للجيش العراقي ونغنم الأسلحة»، مشيرا إلى أنه «في بداية الأمر لم يكن تسليح داعش قويا أو متميزا بل كانوا يملكون أسلحة خفيفة ومتوسطة، لكن مع كل معركة أو هزيمة للقوات العراقية كانوا يغنمون أسلحة أكثر تطورا»، وقال «ليس لدي أي تفسير واضح عن سبب انتصارات داعش على القوات العراقية خاصة المدرعة منها، فنحن غنمنا عربات همفي وهمر الأميركية الصنع والمدرعة من القوات العراقية بسهولة وبعضها من دون أن نخوض أي معركة»، مضيفا «أعتقد أنه العامل النفسي للجندي العراقي بأنه لا يريد أن يموت، على العكس من (المجاهدين) الذين كان لا يهمهم الموت بل يسعون إليه، إضافة إلى قلة الانضباط العسكري لدى الجنود العراقيين وضباطهم والتعاطف الشعبي من قبل الناس باعتبار أن داعش يمثل إرادتهم هو ما ساعد (داعش) على تحقيق هذه الانتصارات، يضاف إلى هذا قسوة (داعش) في التعامل مع الأسرى أو أفراد القوات الأمنية أو مع من يشكون بعدم ولائه لهم وذلك بقتله مباشرة خلق الخوف في نفوس الجنود والشرطة العراقية التي كانت تفضل الاستسلام على القتال مع أنهم كانوا يُقتلون على أيدي مقاتلي (داعش) إذا وقعوا في الأسر، وهذا ما حدث في الرمادي والفلوجة والكرمة والبلدات الغربية مثل حديثة وراوة وهيت».
ونفى طاهر أن «تكون (داعش) قد ذبحت أمام عينيه أيا من الرهائن الغربيين، فهذا في الأقل لم يحدث في الأنبار، لكنني شاهدت حالات إعدام فورية لرجال شرطة وجنود عراقيين جرت مداهمتهم وأسرهم وتقييد أياديهم وقتلهم فورا»، كما نفى حدوث «حالات نكاح الجهاد في الأنبار»، وقال «عناصر داعش تعرف أن هذا الموضوع يعد خطا أحمر لعشائر الأنبار، أي الاعتداء على النساء أو إجبارهن علي الزواج أو انتهاك الأعراض، مع أن هناك من تزوجت من مقاتلين من داعش وكانوا من العراقيين».
وعن سبب تركه تنظيم «داعش»، قال طاهر «عندما انتميت إلى التنظيم كنت أعتقد أنهم بالفعل يريدون تحقيق مطالب شعبية، لكنني ومقاتلون آخرون كانوا في صفوف المقاومة اكتشفنا أنهم يريدون السيطرة على العراق وتحقيق أجندات بعيدة عن مطالبنا الوطنية، وأنهم بدأوا بممارسات أبعد ما تكون عن تعاليم الدين الإسلامي أو الأعراف العشائرية، وقد نفذوا الإعدام بعدد من ثوار العشائر الذين أرادوا الانفصال عنهم بسبب اعتراض الثوار على قتل العراقيين بلا أسباب والانتقام من بعض عشائر الأنبار لأنهم لم يؤيدوهم أو يصطفوا معهم».
ورفض طاهر فكرة «تبليغ الحكومة عن موقعه أو وضعه لأنني اشك في أن هناك علاقات سرية بين بعض الضباط العسكريين أو من الشرطة مع تنظيم داعش، وربما يجري الإبلاغ عني وأواجه مصير الموت أنا وأهلي على أيدي الداعشيين».



لبنانيون خائفون من الحرب: «لم نعد نتحمّل»

يعيش اللبنانيون حالة ترقّب في ظلّ إغلاق المدارس والجامعات وتحويل بعضها مراكز إيواء لعشرات آلاف الذين فروا من مناطق طالها القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
يعيش اللبنانيون حالة ترقّب في ظلّ إغلاق المدارس والجامعات وتحويل بعضها مراكز إيواء لعشرات آلاف الذين فروا من مناطق طالها القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

لبنانيون خائفون من الحرب: «لم نعد نتحمّل»

يعيش اللبنانيون حالة ترقّب في ظلّ إغلاق المدارس والجامعات وتحويل بعضها مراكز إيواء لعشرات آلاف الذين فروا من مناطق طالها القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
يعيش اللبنانيون حالة ترقّب في ظلّ إغلاق المدارس والجامعات وتحويل بعضها مراكز إيواء لعشرات آلاف الذين فروا من مناطق طالها القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

في لبنان المُثقل بالأزمات السياسية والاقتصادية، يُغرق شبح الحرب كثيرين مجدداً في الحزن واليأس. ويختصر أنيس ربيز هذا الشعور قائلاً: «كلّ شيء ينهار حولنا، لا نقوى على تحمّل هذه الحرب».

ويقول الرجل (55 عاماً)، وهو مالك شركة عقارية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما يركن سيارته في أحد شوارع الأشرفية في شرق بيروت: «نفسية الناس متعبة، تكفينا الحرب الاقتصادية والأموال (العالقة) في المصارف».

ويشهد لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ خريف العام 2019، في ظل تدهور غير مسبوق لقيمة العملة اللبنانية، وفقدان قيمة كل الودائع بالليرة اللبنانية أو تجميدها. في أغسطس (آب) 2020، دمّر انفجار ضخم مرفأ بيروت والمنطقة المحيطة به، وحصد قتلى وجرحى وأغرق اللبنانيين في غضب على فساد وسوء إدارة ساهما في حصول الانفجار. كل ذلك، وسط انقسام سياسي وشلل مؤسساتي، في حين تدير البلاد حكومة تصريف أعمال، ويعجز البرلمان منذ العام 2022 عن انتخاب رئيس.

تصاعدت المواجهة بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي منذ الاثنين وحصدت مئات القتلى والجرحى في لبنان (أ.ف.ب)

وبدأ التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل منذ قرابة عام، مع اندلاع الحرب في قطاع غزة، عندما فتح «حزب الله» «جبهة إسناد» للفلسطينيين ضد إسرائيل. وتصاعدت المواجهة منذ الاثنين، وحصدت مئات القتلى والجرحى في لبنان بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية، ونشرت الذعر.

في شوارع العاصمة، حركة السير والناس أبطأ من العادة، في مؤشر على حالة ترقّب يعيشها اللبنانيون، في ظلّ إغلاق المدارس والجامعات، وتحويل بعضها مراكز إيواء لعشرات الآلاف من الأشخاص الذين فرّوا من مناطق طالها القصف الإسرائيلي هذا الأسبوع.

ويقول ربيز: «الوضع لا يطمئن، لا أُفق للمستقبل أو حتى بصيص نور»، مشيراً إلى هجرة آلاف الشباب على وقع الأزمات المتلاحقة.

«فداء للمقاومة»

أمام مركز تسوّق في الأشرفية، تقول عبير خاطر (43 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أنا جاهزة أساساً في حال اندلاع حرب، أعددت حقيبة تحتوي على أوراق أولادي الثبوتية وجوازات سفر وثياب، وضعتها قرب الباب».

وتروي الأم لثلاثة أولاد، وهي مديرة متجر، أنها انتقلت وعائلتها من منطقة عين الرمانة المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله»، إلى بلدة بحمدون شرق بيروت. «أخشى سقوط صاروخ عن طريق الخطأ، لا يمكن لأحد أن يعرف ما قد يحصل لنا».

وتقول إن أولادها لم يتعافوا نفسياً بعد من انفجار مرفأ بيروت. وتضيف: «عام 2006 (الحرب الأخيرة بين «حزب الله» وإسرائيل)، لم أكن متزوجة. لكن الآن يتملكني خوف كبير على أطفالي».

وخاض «حزب الله» وإسرائيل حرباً مدمّرة صيف 2006، استمرت 33 يوماً، وأسفرت عن مقتل 1200 لبناني، معظمهم مدنيون، و160 قتيلاً في الجانب الإسرائيلي معظمهم من الجنود. كما ألحقت الحرب دماراً هائلاً في مناطق وبنى تحتية لبنانية.

ويختلف اللبنانيون حول «جبهة الإسناد»، بين من يعدّ أن «حزب الله» يجرّ لبنان إلى حرب لا يريدها كثير من اللبنانيين، ومن يدعم «حزب الله» من دون تردد ضد إسرائيل. لكن القلق حيال المستقبل يجمعهم.

يتمتع «حزب الله» بنفوذ سياسي كبير في لبنان ويتهمه خصومه بأنه يتحكّم بقرار السلم والحرب (أ.ف.ب)

وسط ساحة ساسين في الأشرفية؛ حيث يرفرف علم لبناني ضخم، يجلس محمد خليل على مقعد خشبي يُفكّر بكيفية تأمين لقمة عيش عائلته بعد أن نزح مع زوجته وأطفاله الثلاثة ووالدته من قريته دير انطار في محافظة النبطية (جنوب).

ويقول خليل (33 عاماً): «منذ نحو 3 ساعات، أفكر كيف سأؤمن عملاً ومسكناً، لدي أطفال يجب أن يذهبوا إلى المدارس، أفكر في مستقبلهم... لكنني أصطدم بحائط مسدود».

رغم ذلك، يبدو خليل واثقاً بأنه «في نهاية المطاف، سيكون النصر حليفنا».

ويتابع: «ما حصل لأهل الجنوب يجب ألا يُسكت عليه»، مؤكداً أن كل شيء «فداء للمقاومة».

«ينتهي لبنان»

ويتمتع «حزب الله» بنفوذ سياسي كبير في لبنان، ويتهمه خصومه بأنه يتحكّم بـ«قرار السلم والحرب»، ويُشكّل «دولة ضمن الدولة»، ويستخدم سلاحه «للترهيب» في الداخل. لكن منذ بدء التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، تبدو البلاد منقسمة أكثر من أي وقت مضى.

وتقول غادة حاطوم في شارع الحمرا في غرب بيروت «(حزب الله) ليس الدولة ليأخذ قرار السلم والحرب، هو كيان موازٍ للدولة، وأثبت لشعبه وبيئته التي تحتضنه أنه اتخذ قراراً خاطئاً. لا أحد يجهّز نفسه للحرب، ولا يبني ملجأ. هل أرواحنا رخيصة لهذه الغاية؟ إذا لم يكن لديّ ملجأ أختبئ فيه لم تجرني إلى الحرب؟».

على أحد أرصفة الأشرفية، يعزف فيكتور (65 عاماً) الذي رفض إعطاء اسم عائلته على آلة الأكورديون، غير مكترث لهدير دراجات نارية وأبواق سيارات من حوله.

ويقول الرجل الذي عاش الحرب الأهلية (1975 - 1990) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «تفصلني الموسيقى عن الواقع، وتهدئ أعصابي».

ويضيف بنبرة هادئة: «لستُ خائفاً من اندلاع حرب؛ لأننا اعتدنا الحروب، ومن له عمر لا تقتله الشُدّة».

على بُعد عشرات الأمتار، تبدي نينا روفايل التي كانت تسير بخطوات متسارعة تعاطفها مع أهالي الجنوب، الذين فروا من منازلهم، لكنها تخشى من تصعيد إضافي.

وتسأل: «لديّ خوف من الغد... من سيرمّم؟ من سيبني؟ من سيُطعم؟ ومن سيعلّم؟ لديَّ خوف من كل شيء».

وتضيف المدرّسة الخمسينية: «لا أشعر بالخوف من اندلاع حرب فحسب، إنما لدي خوف من أن ينتهي لبنان بالكامل».