العاهل المغربي: لمن لا يدرك معنى حب الوطن فليتابع ما يقع في كثير من دول المنطقة فإن في ذلك عبرة لمن يعتبر

قال إنه ليس ضد حرية التعبير والنقد البناء وإنما ضد العدمية والتنكر للبلد

العاهل المغربي خلال افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية التاسعة (ماب)
العاهل المغربي خلال افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية التاسعة (ماب)
TT

العاهل المغربي: لمن لا يدرك معنى حب الوطن فليتابع ما يقع في كثير من دول المنطقة فإن في ذلك عبرة لمن يعتبر

العاهل المغربي خلال افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية التاسعة (ماب)
العاهل المغربي خلال افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية التاسعة (ماب)

قال العاهل المغربي الملك محمد السادس إن «من حق كل المغاربة، أفرادا وجماعات، أينما كانوا، أن يعتزوا بالانتماء لهذا الوطن». وذكر في خطاب ألقاه أمس في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية التاسعة، أنه «كواحد من المغاربة فإن أغلى إحساس عندي في حياتي هو اعتزازي بمغربيتي. وأنتم أيضا يجب أن تعبروا عن هذا الاعتزاز بالوطن، وأن تجسدوه كل يوم، وفي كل لحظة، في عملكم وتعاملكم، وفي خطاباتكم، وفي بيوتكم، وفي القيام بمسؤولياتكم».
وزاد قائلا: «لمن لا يدرك معنى حب الوطن، وبحمد الله تعالى على ما أعطاه لهذا البلد، أقول: تابعوا ما يقع في الكثير من دول المنطقة، فإن في ذلك عبرة لمن يعتبر. أما المغرب فيواصل طريقه بثقة للحاق بالدول الصاعدة. إن هذا الاعتزاز بالانتماء للمغرب هو شعور وطني صادق ينبغي أن يحس به جميع المغاربة».
وأشار الملك محمد السادس إلى أن هذا شعور «لا يباع ولا يشترى، ولا يسقط من السماء. بل هو إحساس نبيل، نابع من القلب، عماده حسن التربية على حب الوطن وعلى مكارم الأخلاق. إنه إحساس يكبر مع المواطن، ويعمق إيمانه وارتباطه بوطنه». وقال، في السياق ذاته، إن الاعتزاز «لا يعني الانغلاق على الذات، أو التعالي على الآخر. فالمغاربة معروفون بالانفتاح والتفاعل الإيجابي مع مختلف الشعوب والحضارات».
وخاطب ملك المغرب السياسيين قائلا: «إنكم مسؤولون بالدرجة الأولى على الحفاظ على هذا الاعتزاز، بل وتقويته من خلال تعزيز ثقة المواطن في المؤسسات الإدارية والمنتخبة، ومن خلال الرفع من مصداقيتها ونجاعتها، ليشعر المواطن أنها فعلا في خدمته». وأثار الانتباه إلى أنه يجب أن نعرف جميعا أن هناك، في المقابل، جهات تحسد المغرب على مساره السياسي والتنموي، وعلى أمنه واستقراره، وعلى رصيده التاريخي والحضاري، وعلى اعتزاز المغاربة بوطنهم.
واستحضر العاهل المغربي، في هذا السياق، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم كثر حسادنا»، حيث أشار إلى أن كثرة الحساد، تعني كثرة المنجزات والخيرات. أما من لا يملك شيئا فليس له ما يحسد عليه.
ورغم مناورات الحساد، يقول ملك المغرب «فإننا حريصون على احترام ممارسة الحقوق والحريات. وبموازاة ذلك، فإن من واجبات المواطنة الالتزام باحترام مؤسسات الدولة، التي ترجع حمايتها للسلطات الحكومية والقضائية المختصة، وللمؤسسات الحقوقية، وهيئات الضبط والحكامة، كل من موقعه».
وأضاف العاهل المغربي «إننا لسنا ضد حرية التعبير والنقد البناء، وإنما ضد العدمية والتنكر للوطن. فالمغرب سيبقى دائما بلد الحريات التي يضمنها الدستور»، مؤكدا أن المملكة «في حاجة لكل أبنائها، ولجميع القوى الحية والمؤثرة، وخاصة هيئات المجتمع المدني، التي ما فتئنا نشجع مبادراتها الجادة، اعتبارا لدورها الإيجابي كسلطة مضادة وقوة اقتراحية، تساهم في النقد البناء وتوازن السلط».
من جهة أخرى، دعا الملك محمد السادس إلى اعتماد ميثاق حقيقي لأخلاقيات العمل السياسي، بشكل عام، من دون الاقتصار على بعض المواد، المدرجة ضمن النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان. وقال: إن السنة التشريعية الحالية سنة حاسمة في المسار السياسي للبلاد، بالنظر للاستحقاقات التي تتضمنها، مؤكدا أن الخيار الديمقراطي، الذي ارتضاه جميع المغاربة، ثابت لا رجعة فيه «بل إننا ملتزمون بمواصلة ترسيخه».
غير أن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، وبكل إلحاح، يقول العاهل المغربي، هو «هل تمت مواكبة هذا التقدم من طرف جميع الفاعلين السياسيين على مستوى الخطاب والممارسة؟».
وأوضح الملك محمد السادس في الصدد أن الخطاب السياسي يقتضي الصدق مع المواطن، والموضوعية في التحليل، والاحترام بين جميع الفاعلين، بما يجعل منهم شركاء في خدمة الوطن، وليس فرقاء سياسيين، تفرق بينهم المصالح الضيقة.
وسجل العاهل المغربي أن المتتبع للمشهد السياسي الوطني عموما، والبرلماني خصوصا، يلاحظ أن الخطاب السياسي لا يرقى دائما إلى مستوى ما يتطلع إليه المواطن لأنه شديد الارتباط بالحسابات الحزبية والسياسية. وزاد قائلا إنه إذا كان من حق أي حزب سياسي أو أي برلماني أن يفكر في مستقبله السياسي وفي كسب ثقة الناخبين، فإن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب القضايا الوطنية الكبرى والانشغالات الحقيقية للمواطنين، مشددا على أن ممارسة الشأن السياسي ينبغي أن تقوم، بالخصوص، على القرب من المواطن والتواصل الدائم معه، والالتزام بالقوانين والأخلاقيات، عكس ما يقوم به بعض المنتخبين من تصرفات وسلوكيات، تسيء لأنفسهم ولأحزابهم ولوطنهم، وللعمل السياسي، بمعناه النبيل.
وفي هذا الصدد، دعا ملك المغرب إلى اعتماد ميثاق حقيقي لأخلاقيات العمل السياسي، بشكل عام، من دون الاقتصار على بعض المواد، المدرجة ضمن النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان. كما أكد أنه يتعين، قبل كل شيء، الانكباب الجدي على الأسبقيات الوطنية، مع تغليب روح التوافق الإيجابي، وخاصة خلال إقرار القوانين التنظيمية المتعلقة بالمؤسسات الدستورية والإصلاحات الكبرى.
وتوقف العاهل المغربي، بالخصوص، عند ضرورة إعطاء الأسبقية لإخراج النصوص المتعلقة بإصلاح القضاء، وخاصة منها إقامة المجلس الأعلى للسلطة القضائية وإقرار النظام الأساسي للقضاة. فالعدل، يقول الملك محمد السادس، أساس ضمان أمن وسلامة المواطنين، وحماية ممتلكاتهم، وعماد الأمن القضائي المحفز للتنمية والاستثمار.
وفيما يخص القضاء الدستوري قال ملك المغرب «إننا سنتولى قريبا إن شاء الله، تنصيب المحكمة الدستورية، بصلاحياتها الواسعة، داعين مجلسي البرلمان للتحلي بروح المسؤولية الوطنية، ومراعاة شروط الخبرة والكفاءة والنزاهة في اختيار الأعضاء، الذين يخول لهما الدستور صلاحية انتخابهم».
ودعا الملك محمد السادس إلى الإعداد الجيد للاستحقاقات المقبلة، والتحلي بروح الوطنية الصادقة في احترام إرادة الناخبين. وقال: إن «هذه السنة ستكون حافلة أيضا باستحقاقات هامة، وفي مقدمتها إقامة الجهوية المتقدمة، مضيفا أنه «وعلى بعد أقل من سنة على الانتخابات المحلية والجهوية، أتوجه إلى جميع الفاعلين السياسيين: ماذا أعددتم من نخب وبرامج للنهوض بتدبير الشأن العام».
وأكد العاهل المغربي أن التحدي الكبير الذي يواجه مغرب اليوم لا يتعلق فقط بتوزيع السلطات، بين المركز والجهات والجماعات المحلية (البلدية)، وإنما بحسن ممارسة هذه السلطات، وجعلها في خدمة الموطن، موضحا أن الانتخابات المقبلة لا ينبغي أن تكون غاية في حد ذاتها، وإنما يجب أن تكون مجالا للتنافس السياسي بين البرامج والنخب. وليس حلبة للمزايدات والصراعات السياسية. وقال: «إننا نعد أنه ليس هناك فقط فائز وخاسر في المعارك الانتخابية، بل الكل فائز. والرابح الكبير هو المغرب. لأنه حتى من لم يحظوا بثقة أغلبية المواطنين، فإنهم يساهمون بمشاركتهم في تعزيز دينامية المؤسسات المنتخبة»، مضيفا أنه يجب عليهم أن يشكلوا المعارضة البناءة وأن يقدموا البدائل الواقعية، التي تؤهلهم للتناوب على تدبير الشأن العام.
وأشار الملك محمد السادس إلى أن الخاسر الأكبر يمثله الذين يعدون أن مقاعدهم ريع، أو إرث خالد إلى الأبد. فإذا لم ينجحوا في الانتخابات يقولون بأنها مزورة. وإذا فازوا يسكتون، مستغلين نزاهتها للوصول إلى تدبير الشأن العام. وأبرز أن الانتخابات، كما هو الحال في جميع الدول، تعرف بعض التجاوزات التي يرجع البت فيها للقضاء، وللمجلس الدستوري، الذي قرر إلغاء عدد من المقاعد في الانتخابات الأخيرة، مؤكدا أن السنة التشريعية الحالية «سنة حاسمة في المسار السياسي لبلادنا، بالنظر للاستحقاقات التي تتضمنها».
على صعيد آخر، دعا الملك محمد السادس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي إلى إعادة النظر في منظور ومضمون إصلاح منظومة التربية والتكوين، وقال: «إننا في هذا الإطار ندعو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي إلى إعادة النظر في منظور ومضمون الإصلاح، وفي المقاربات المعتمدة، وخاصة من خلال الانكباب على القضايا الجوهرية، التي سبق أن حددناها في خطاب 20 أغسطس (آب) للسنة الماضية». وحدد في هذا الخصوص إيجاد حل لإشكالية لغات التدريس، وتجاوز الخلافات الآيديولوجية التي تعيق الإصلاح، واعتماد البرامج والمناهج الملائمة لمتطلبات التنمية وسوق الشغل، وإعطاء كامل العناية للتكوين المهني، ولإتقان اللغات الأجنبية، قصد تأهيل الخريجين لمواكبة التقدم التقني، والانخراط في المهن الجديدة للمغرب.
وأشار ملك المغرب إلى أن الرأسمال البشري هو «رصيدنا الأساسي في تحقيق كل المنجزات، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحقوقية، وسلاحنا لرفع تحديات التنمية، والانخراط في مجتمع المعرفة والاتصال»، مشددا على أهمية تكوين وتأهيل مواطن معتز بهويته، ومنفتح على القيم الكونية، ولا سيما من خلال مواصلة إصلاح منظومة التربية والتكوين.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.