آن باترسون لـ («الشرق الأوسط»): علينا الحذر من التركيز فقط على «داعش» في شرح سياساتنا

واشنطن تلتزم بمبدأ حماية وحدة الأراضي العراقية والسورية

مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط آن باترسون (أ.ف.ب)
مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط آن باترسون (أ.ف.ب)
TT

آن باترسون لـ («الشرق الأوسط»): علينا الحذر من التركيز فقط على «داعش» في شرح سياساتنا

مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط آن باترسون (أ.ف.ب)
مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط آن باترسون (أ.ف.ب)

منذ أن بدأت الضربات الجوية على العراق في بداية أغسطس (آب) الماضي، وتوسعت لتشمل سوريا في الأسابيع الأخيرة، تُطرح تساؤلات حول الخطط الاستراتيجية لواشنطن في الشرق الأوسط على المدى البعيد. فمن الواضح أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عازمة على مواجهة ما تعده تهديدا مباشرا من تنظيم «داعش»، وأنها تتطلع لإعطاء المعارضة السورية «المعتدلة» دورا أكبر في حال استطاعت تلك المعارضة أن تقوم بواجبها. كما أن واشنطن الآن مهتمة باستقرار العراق أكثر من أي وقت آخر منذ تولي أوباما الرئاسة الأميركية، الذي فاز بها بعد التعهد بـ«إنهاء الحرب في العراق». وبينما سوريا والعراق يأخذان الحيز الأكبر من اهتمام الدبلوماسيين وصناع القرار في واشنطن، إلا أن التطورات في اليمن وليبيا ومصر وغيرها من دول عربية تثير اهتمامهم.
وأقرت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، آن باترسون، بأن هناك خشية من عودة سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط إلى ما كانت عليه سابقا، وهي سياسة مبنية على «مكافحة الإرهاب» بالدرجة الأولى. وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول «مكافحة الإرهاب» كمحور أساسي للسياسات الأميركية في المنطقة، قالت باترسون: «الناس يرون ذلك بسبب كل التركيز على (داعش) وعلينا أن نكون حذرين من ذلك». وأضافت: «ما زلنا نقدم الكثير من المساعدات ونعمل على تحسين سيادة القانون والكثير من الأمور الأخرى، ولكن قضية (داعش) طغت على السياق العام، وعلينا أن نقوم بعمل أفضل في الحديث عن قضايا أخرى».
وخول وزير الخارجية الأميركي جون كيري مساعدته باترسون، مع الجنرال جون آلن ونائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط بريت ماغيروك، العمل على الشق السياسي لبناء التحالف ضد «داعش» وتقريب وجهات النظر.
وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» في مقر وزارة الخارجية الأميركية بواشنطن تحدثت باترسون عن عزم التحالف على مواجهة «داعش» حتى وإن كانت هناك خلافات بين بعض أعضاء الحلفاء. وقالت باترسون: «كان هناك إجماع كبير في جدة تحديدا على أن (داعش) هو (داعش)، بالطبع هناك تهديدات أخرى، ولكن هذا تهديد محدد وسيئ جدا وعلينا التركيز عليه». وأضافت: «هناك توافق أكبر على الاستراتيجية الآن بين الحلفاء.. هناك دعم أوسع لهذه الاستراتيجية بين دول لا تتفق بشكل عام».
وفيما يخص العملية السياسية وإمكانية التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب في سوريا، تؤكد باترسون انفتاح واشنطن على عملية سياسية تضمن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، ولكنها لم تبد تفاؤلا في تحرك سريع بهذه القضية. وقالت: «علينا أن نبقي هذه العملية حية لنرى إذا كان من الممكن أن تتقدم، وأعتقد أن (المبعوث الدولي لسوريا) ستيفان دي ميستورا لديه بعض الأفكار التي سيبحثها مع الإيرانيين والروس والسوريين واللبنانيين، وعلينا أن ننتظر ما يمكن أن يخرج به». وأضافت: «نحن مهتمون ببدء عملية سياسية.. وربما هناك فرصة على الأرض لسنا بالقرب الكافي أن نراها، ولكن قد يراها دي مستورا.. ولكنها يجب أن تعني عدم بقاء الأسد في الرئاسة والبقاء على مبادئ (جنيف1)». وأضافت: «الالتزام بهذه المبادئ ليس فقط لأننا وقعنا عليها، ولكن لأنها الطريقة الوحيدة لإبقاء التحالف متماسكا.. الكثير من حلفائنا في التحالف لن يقبلوا تغييرا بذلك». ولكنها أردفت قائلة: «لا أحد يناقش أن علينا التعامل مع خطر (داعش) أولا».
وأكدت مصادر رسمية لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكننا التعامل مع بشار الأسد لأنه مجرم حرب الآن. وعدا التداعيات الأخلاقية لذلك، التداعيات الاستراتيجية مهمة أيضا»، مشيرة إلى رفض حلفاء أساسيين في التحالف ضد «داعش» أي تعامل مع الأسد في مواجهة التنظيم.
وأما فيما يخص العراق، فهناك تصور أميركي بأن الحكومة العراقية الجديدة تشكل شريكا يمكن العمل معه لمواجهة «داعش». وتؤكد مصادر أميركية على عدم الرضا بتقسيم العراق أو سوريا في الوقت الحالي. وحول طموحات الأحزاب الكردية للاستقلال، اكتفت باترسون بالقول: «إننا نقول لهم إننا ندعم كليا وحدة الأراضي العراقية». وتشير مصادر أميركية إلى أن حل مشكلة النفط وانخراط قوات البيشمركة ستكون أساسية لإنجاح المرحلة المقبلة في العراق.
وهناك تصور أميركي بأن «الحرس الوطني العراقي» سيقوم بمهمة ملء مواقع سيطرة «داعش» فور التخلص منهم في الأراضي العراقية، ولكن حتى الآن لم يخرج قانون يشرع الحرس الوطني. وتبدي مصادر أميركية تفاؤلا في إقرار هذا القانون خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وقالت باترسون: «الحرس الوطني العراقي والجيش العراقي سيمثلون الوجود العسكري على الأرض في العراق.. ولكن الوضع في سوريا مختلف قليلا، وهنا يأتي دور برنامج تدريب وتسليح المعارضة الذي أقره الكونغرس لتدريب سوريين في دول ثالثة ليشكلوا العمود الفقري لقوة أمنية» على الأرض في سوريا. وتقر مصادر أميركية رسمية بأن عدد الـ5 آلاف مقاتل الذي أعلن عن خطط لتدريبه على الأرجح لن يكون كافيا، متوقعة زيادته خلال المرحلة المقبلة.
وقضى المبعوث الرئاسي الأميركي الجنرال آلن ونائبه ماغوريك هذا الأسبوع في مشاورات المنطقة، حيث زارا عمان والقاهرة قبل التوجه إلى تركيا. وأفادت وزارة الخارجية الأميركية أمس بأن آلن وماغوريك التقيا رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو ومسؤولين أتراكا لـ«بحث مناطق التعاون على خطوط عدة.. وشددا على أننا في المراحل الأولى لتقوية تحالف واسع ضد هذه الشبكة الإرهابية التي ستكون حملة طويلة الأمد». وكان من اللافت أن البيان الأميركي خلص بالقول، إن «الجنرال آلن وماغوريك اعترفا بتضحية تركيا بسبب أزمة (داعش) في سوريا والعراق وشدد على الشراكة التاريخية التي لا يمكن كسرها بين تركيا والولايات المتحدة كحليفين في حلف الناتو». وكانت الجملة الأخيرة بمثابة اعتذار ثان للأتراك عن تصريحات نائب الرئيس الأميركي جون بايدن الأسبوع الماضي الذي اتهم فيها تركيا بعدم مواجهة «داعش». وقالت مسؤولة أميركية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط»، إن بايدن «كان قصده أن إحدى المشكلات في سوريا هي عدم التفاهم بين الحلفاء، وكانت بعض الدول تدعم مجموعات مختلفة وكان لدى الأتراك حدود مفتوحة، ويتصرفون بمفردهم.. الأمر تحسن كثيرا وهناك تفاهم على برامج محددة»، مضيفة: «أظن نائب الرئيس كانت يتحدث عن السابق».
وتؤكد مصادر أميركية أن واشنطن بدأت تبحث بجدية الطرح التركي لفرض مناطق عازلة. وأوضحت مسؤولة أميركية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط»: «الأتراك يدفعون بهذا الاتجاه منذ فترة.. موقفنا في السابق كان يعارض ذلك لأنه من الممكن الدخول في حرب كاملة مع هذا الطرح.. ولا يوجد إجماع على هذا المبدأ». وردا على سؤال «الشرق الأوسط» حول إذا ما كانت هذه هي المرة الأولى الذي تدرس واشنطن فكرة المناطق العازلة على الرغم من سنوات من العنف الدائر في سوريا، أجابت: «نظرنا في هذه القضية مرات عدة، ولكن الآن لدينا وضع مختلف، إذ لدينا (داعش)، والوضع في كباني يرفض وضعا جديدا».
وأفادت مصادر في واشنطن بأن هناك استياء من عدم التحرك التركي العسكري في وقت يتقدم فيه مقاتلو «داعش» في عين العرب، وأن المرحلة المقبلة ستشهد تكثيف التنسيق مع أنقرة لحثها في لعب دور أكبر لمواجهة مقاتلي «داعش». ومن المرتقب أن يزور فريق تخطيط عسكري أنقرة بداية الأسبوع المقبل لتقوية القنوات العسكرية بين البلدين، وتبحث الخيارات المطروحة، بما فيها إقامة منطق عازلة.
ويصر المسؤولون في واشنطن على أن العمليات العسكرية ضد «داعش» ستستمر سنوات عدة، من دون التوضيح أسباب هذه الإطالة. ومع تقدم مقاتلي «داعش» في بلدة عين العرب في سوريا، رغم الضربات الجوية، تثار تساؤلات عن أسباب الفشل العسكري في صدهم. وقالت مسؤولة رفيعة المستوى في إدارة أوباما لـ«الشرق الأوسط»: «هذا التحالف أصبح نافذا منذ أسابيع عدة فقط، وأعتقد أن النتائج مختلطة.. في الموصل وأربيل وعند سد الموصل وحول بغداد ومناطق أخرى، الوضع أفضل. ولكن بالتأكيد الأوضاع ليس أفضل في كوباني (عين العرب) أو في الفلوجة وغيرها من مناطق، ولكن خلال الفترة الذي بدأ التحالف يعمل فيها، لا أعتقد أن ذلك يفاجئنا». كما تابعت المسؤولة الرفيعة المستوى التي طلبت عن الكشف عن هويتها، أن تنظيم داعش ما زال يستقطب مقاتلين لأسباب عدة، أبرزها «لأنهم يظهرون وكأنهم يكسبون المعركة.. يتقدمون حاليا ومن المهم لهم أن يظهروا بأنهم يفوزون.. ولكن قد نرى ذلك ينعكس» خلال المرحلة المقبلة.
وركزت باترسون، التي شغلت منصب السفيرة الأميركية في القاهرة خلال حقبة رئاسة محمد مرسي وأثارت الكثير من التساؤلات حول تعاملها مع «الإخوان المسلمين»، وامتنعت عن الخوض في تفاصيل حول العلاقات مع مصر، مكتفية بالقول، إن اللقاء بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي «كان جيدا. مصر دولة كبيرة ومهمة ونريد أن تكون لدينا علاقة بناءة مع مصر». وهناك تعاون أميركي - مصري على ملفات عدة، بما في ذلك ليبيا. وقالت باترسون: «نحاول أن ندعم جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة.. وأعتقد أن الجزائر تلعب دورا بناء مع دول الجوار والمصريون يلعبون دورا، ولكن يريدون العمل ضمن الإطار الجزائري».
وفيما يخص اليمن، تركز الإدارة الأميركية على دعم العملية السياسية في البلاد، وخصوصا الرئيس عبد ربه منصور هادي. وقالت باترسون: «ندعم هادي قدر ما يمكن، ونحتاج إلى أن ندعم المبادرة الخليجية والاتفاق الذي وقّعه الحوثيون مع هادي، ولكن هذا ما لا يقومون به الآن». وأضافت: «هناك إجماع دولي حاليا حول كيفية السير قدما ودعم هادي». ومن المرتقب أن تلجأ دول غربية، بالتنسيق مع دول الخليج، إلى مجلس الأمن لمواجهة عرقلة الحوثيين في حال لم تحل الأزمة. وأشارت مصادر أميركية إلى أنه خلال أسبوعين ممكن التحرك في مجلس الأمن بناء على قرار 2140.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.