الناطق باسم الحوثيين لـ («الشرق الأوسط»): لا موعد لانسحابنا من العاصمة.. ولم نطالب باستقالة هادي

{القاعدة} تتبنى التفجير الانتحاري لمحتجين حوثيين.. و«المشترك» يدعو إلى تشكيل جبهة موحدة لمواجهة الظاهرة الإرهابية

يمنيون يتجمعون أمس أمام المقر الرئيسي لبنك اليمن لإعادة الإعمار في صنعاء وذلك بعد تعرضه لعمليات تفجير أول من أمس (أ. ف. ب)
يمنيون يتجمعون أمس أمام المقر الرئيسي لبنك اليمن لإعادة الإعمار في صنعاء وذلك بعد تعرضه لعمليات تفجير أول من أمس (أ. ف. ب)
TT

الناطق باسم الحوثيين لـ («الشرق الأوسط»): لا موعد لانسحابنا من العاصمة.. ولم نطالب باستقالة هادي

يمنيون يتجمعون أمس أمام المقر الرئيسي لبنك اليمن لإعادة الإعمار في صنعاء وذلك بعد تعرضه لعمليات تفجير أول من أمس (أ. ف. ب)
يمنيون يتجمعون أمس أمام المقر الرئيسي لبنك اليمن لإعادة الإعمار في صنعاء وذلك بعد تعرضه لعمليات تفجير أول من أمس (أ. ف. ب)

قالت جماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء، أن تسمية الشخصية التي ستتولى رئاسة حكومة الوحدة الوطنية سيعلن عنها خلال أيام، بعد تراجع الرئيس عبد ربه منصور هادي عن تعيين مدير مكتبه، أحمد بن مبارك، في المنصب بسبب رفض الجماعة، واتهموه بأنه مرشح من قبل السفارات الأجنبية، بينما أعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عن التفجير الانتحاري الذي استهدف محتجين من الحوثيين بوسط العاصمة صنعاء، الخميس، وأسفر عن مقتل 52 شخصا بينهم أطفال.
وقال الناطق الرسمي لجماعة الحوثيين، محمد عبد السلام، لـ«الشرق الأوسط»، إن « المشاورات الخاصة بتسمية رئيس حكومة الوحدة الوطنية، مستمرة وربما يصدر قرار خلال الأيام القريبة القادمة»، وأضاف عبد السلام أن «المشاورات تسير باتجاه جيد، وهناك توافق على بعض الشخصيات، وسيعلن عن المرشح النهائي قريبا».
ونفى ناطق الحوثيين مطالبتهم باستقالة الرئيس هادي، وقال: «لم نطلب ذلك، لكن أبلغناه استياءنا البالغ جراء التجاوز الأخير الذي تجاوز اتفاق السلم والشراكة»، مؤكدا أن «موقفنا من الرئيس بمستوى موقفه من التشاور واحترام المكونات السياسية، وأن يكون القرار داخليا ومستقلا من إملاءات الخارج، أيا يكن هذا الخارج».
ورفض عبد السلام تحديد موعد انسحاب مسلحي الجماعة التي تنتشر في المقرات الحكومية والعسكرية وشوارع العاصمة تحت اسم «اللجان الشعبية»، وأوضح أن «اللجان الشعبية ستظل إلى جانب الأجهزة الأمنية، وهناك تنسيق شامل في هذا الخصوص، والهدف هو حماية الناس وممتلكاتهم، وهناك تخوف كبير لدى المجتمع من أي فشل أمني»، مشيرا إلى أن «اللجان الشعبية هي من أجل خدمة الناس والتعاون مع الأجهزة الأمنية في ضبط الأمن خاصة مع الأحداث الإجرامية الأخيرة والتحديات الأمنية».
وأعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عن التفجير الانتحاري الذي استهدف محتجين من الحوثيين بوسط العاصمة صنعاء الخميس، الذي ارتفع فيه عدد الضحايا إلى أكثر من 52 شخصا بينهم أطفال، إضافة إلى 140 جريحا، منهم 24 في حالة خطرة. وكشف التنظيم عبر حسابه على «تويتر» أن أحد عناصره ويدعى «أبو معاوية الصنعاني»، قال إنه «فجر حزاما ناسفا في تجمعات للحوثيين الروافض أثناء استعدادهم للاحتشاد في ميدان التحرير بصنعاء»، كما أعلن التنظيم عن مسؤوليته عن تفجير عبوة ناسفة استهدفت سيارة قيادي من الحوثيين، أمس (الجمعة)، وذكر التنظيم أن «عناصرهم زرعوا عبوة لاصقة على سيارة إبراهيم المحطوري، وهو نجل شقيق المرجع الديني للحوثيين، المرتضى بن زيد المحطوري، وقاموا بتفجيرها بجوار منزله في مدينة سعوان شرقي العاصمة»، وقد أكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، وقوع الانفجار الذي استهدف الشاب المحطوري، وأصيب بجروح بالغة، بينما تضرر عدد من المنازل والسيارات في مكان الانفجار الذي وقع في حارة المراون الشرقية بمدينة سعوان».
وفي السياق نفسه طالبت أحزاب «اللقاء المشترك» السلطات السياسية في البلاد، بتشكيل جبهة موحدة لمواجهة تنظيم القاعدة، والظاهرة الإرهابية، بعد الأحداث الدامية التي حدثت أخيرا، وحذر «المشترك» في بيان صحافي نشره من استمرار الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد جراء عدم التوافق على اسم رئيس الحكومة الجديدة.
وشددت أحزاب «المشترك» التي تتقاسم مناصفة حقائب حكومة الوفاق الوطني مع حزب المؤتمر الشعبي العام، على «الإسراع بإخراج البلاد من تداعيات الأزمة التي تهدد أمن واستقرار اليمن»، وذكرت الأحزاب في بيان صحافي، نُشر أمس، أن «على جميع الأطراف السياسية الموقعة على الاتفاق، التعاون بروح الفريق الواحد للإعلان عن تشكيل الحكومة للقيام بمهامها الوطنية، وتذليل أي معوقات تقف أمام تنفيذ بنود الاتفاق باعتبار ذلك مقدمة لتنفيذ مقررات مؤتمر الحوار الوطني العام».
وينص اتفاق السلم والشراكة الذي توصلت إليه الرئاسة مع المتمردين في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي على الإعلان عن رئيس الحكومة بعد مرور 3 أيام من توقيع الاتفاق، أي قبل 16 يوما، ويتزامن معه انسحاب مسلحي الحوثي من المقرات الحكومية والعسكرية.
وشهدت العاصمة صنعاء، أمس، انتشارا كبيرا لمسلحي الحوثي بعد يوم من تعرض أنصارهم للتفجير الانتحاري، وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، بأن «الحوثيين استحدثوا نقاط تفتيش جديدة، ونشروا مسلحين مدججين بقذائف صاروخية ورشاشات متوسطة في الشوارع الرئيسية، كما شددوا من إجراءات التفتيش لسيارات المواطنين».
وكان وزير الداخلية اللواء، عبده حسين الترب، أقال مدير شرطة العاصمة بعد يوم من التفجير الانتحاري، وعين الترب العقيد عبد الرزاق المؤيد مديرا لشرطة العاصمة، وتعيين العميد عصام جمعان نائبا لمدير عام شرطة السير، وبررت الوزارة ذلك بأنه «في إطار التدوير الوظيفي بوزارة الداخلية»، بينما عد مراقبون قرار تعيين المؤيد المقرب من الحوثيين ضمن فرض الموالين للحوثيين في الأجهزة الأمنية والجيش، خصوصا بعد الكشف عن سعى الجماعة لتجنيد 20 ألفا من عناصرها في الجيش والأمن.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.