اقتصاد بريطانيا يتفادى الركود من الباب الضيق

النمو الفصلي حقق أسوأ أداء في عقد

TT

اقتصاد بريطانيا يتفادى الركود من الباب الضيق

أعلنت بريطانيا، الاثنين، تباطؤ النمو في الربع الثالث من العام الحالي، ليصل إلى نحو 0.3 في المائة، مما أثار تحذيرات من «تراجع مثير للقلق للزخم». ووفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الوطني، استمر النمو الإجمالي في قطاعي الخدمات والبناء في الربع السنوي يوليو (تموز) - إلى سبتمبر (أيلول) الماضيين، لكنه توقف في قطاع التصنيع.
وجاءت القراءة الحالية للنمو البريطاني أدنى من توقعات الأسواق، بنمو نسبته 0.4 في المائة، لكنها أفضل قليلاً من القراءة السابقة التي أظهرت تراجع المؤشر بنسبة 0.2 في المائة خلال الربع الثاني. وحقق النمو نسبة 1 في المائة فقط في الربع الثالث على أساس سنوي، وهو أسوأ أداء سنوي منذ أوائل عام 2010، في أعقاب الركود العظيم.
ويعني نمو الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا خلال الربع الثالث أن البلاد تمكنت من تجنب الدخول في حالة من الركود الاقتصادي، التي تُعرف من الناحية الفنية على أنها حدوث انكماش لمدة ربعين متتاليين.
وقالت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية إن المملكة المتحدة تجنبت الوقوع في ركود، ورغم ذلك أثرت حالة عدم اليقين المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتباطؤ العالمي على النمو الاقتصادي البريطاني.
وذكر المكتب أنه «بالنظر إلى الصورة خلال العام الماضي، فإن النمو تباطأ إلى أدنى معدل له منذ ما يقرب من عقد»، لافتاً إلى أن العجز التجاري لبريطانيا تضاءل بعد ارتفاع صادرات السلع والخدمات.
ورغم التراجع، رحب وزير الخزانة البريطاني، ساجد جاويد، بـ«النمو القوي». وكتب جاويد، في تغريدة على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي، أن البيانات الجديدة تقدم «مؤشراً آخر على أن أسس اقتصاد المملكة المتحدة قوية». إلا أن «غرف التجارة البريطانية»، التي تمثل نحو 75 ألف شركة يعمل بها أكثر من 5 ملايين شخص، كان لها وجهة نظر أقل تفاؤلاً، حيث قال سورين ثيرو، كبير خبراء الاقتصاد بالهيئة: «رغم أن هناك تأكيداً مرحباً به على أن المملكة المتحدة تجنبت الدخول في الركود في الربع الثالث، تظهر البيانات تراجعاً مثيراً للقلق للزخم في هذا الربع».
وأضاف ثيرو: «مع اقتراب أسعار الفائدة بالفعل من أدنى مستوياتها التاريخية، فإن قدرة أي تخفيضات أخرى لأسعار الفائدة على إحداث تحفيز كبير للاقتصاد تكون محدودة».
ومن جهة أخرى، تباطأ القطاع التصنيعي بأسوء من توقعات الأسواق، حيث سجل مؤشر الإنتاج التصنيعي تراجعاً بنسبة 0.4 في المائة خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، مقابل التوقعات بتراجع المؤشر بنسبة 0.2 في المائة فقط، ولكنه أفضل من القراءة السابقة التي أظهرت تراجع المؤشر بنسبة 0.7 في المائة خلال شهر أغسطس (آب).
بالإضافة إلى ذلك، تراجع أيضاً مؤشر الإنتاج الصناعي بنسبة 0.3 في المائة خلال الفترة نفسها، وهي أسوء من التوقعات بتراجعه بنسبة 0.1 في المائة فقط، لكنها لا تزال أفضل من القراءة السابقة التي أظهرت تراجع المؤشر بنسبة 0.6 في المائة، وتمت مراجعتها إلى 0.7 في المائة.



الشركات البريطانية تخفض التوظيف بأكبر وتيرة منذ الجائحة بسبب الضرائب

حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)
حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)
TT

الشركات البريطانية تخفض التوظيف بأكبر وتيرة منذ الجائحة بسبب الضرائب

حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)
حي كناري وارف المالي في لندن (رويترز)

خفضت الشركات البريطانية أعداد موظفيها بأكبر وتيرة منذ جائحة «كوفيد - 19»، وسجلت أدنى مستوى من الثقة منذ فترات الإغلاق، وفقاً لنتائج مسحين ألقيا باللوم بشكل رئيس على الزيادات الضريبية التي فرضتها الحكومة الجديدة.

وأظهرت البيانات الصادرة عن مؤشر مديري المشتريات العالمي الأولي لشهر ديسمبر (كانون الأول)، إلى جانب استطلاع ربع سنوي أجرته هيئة التصنيع «ميك يو كيه»، مزيداً من الإشارات على تباطؤ الاقتصاد المرتبط بموازنة وزيرة المالية، راشيل ريفز، التي أُعلنت في 30 أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

وبالإضافة إلى الامتناع عن استبدال الموظفين الذين غادروا، قامت بعض الشركات بتقليص ساعات العمل، واستكمال عمليات إعادة الهيكلة المخطط لها مسبقاً. وباستثناء الوباء، يعد هذا أكبر انخفاض في التوظيف منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009.

ورغم تراجع التوظيف، ارتفع مقياس مؤشر مديري المشتريات للأسعار التي تفرضها الشركات، مما قد يثير قلق لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا، التي تراقب تأثير زيادات مساهمات الضمان الاجتماعي على أرباب العمل. وعقب نشر البيانات، شهد الجنيه الإسترليني زيادة مؤقتة، حيث ركز المستثمرون على الضغوط السعرية التي وردت في التقرير.

وقال توماس بوغ، الخبير الاقتصادي في شركة المحاسبة «آر إس إم يو كيه»: «تواجه لجنة السياسة النقدية الآن معادلة صعبة بين النمو البطيء وارتفاع التضخم، مما سيضطرها إلى خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي العام المقبل». وأضاف: «من غير المرجح أن يقدم بنك إنجلترا هدية عيد الميلاد المبكرة هذا الأسبوع»، في إشارة إلى قرار البنك بشأن أسعار الفائدة لشهر ديسمبر، الذي يُتوقع أن يبقي تكاليف الاقتراض ثابتة.

واستقر مؤشر مديري المشتريات الرئيس عند 50.5 متجاوزاً بقليل مستوى الـ50 الذي يشير إلى الاستقرار، لكنه جاء أقل من توقعات الخبراء التي كانت تشير إلى ارتفاعه إلى 50.7.

وفيما يتعلق بالقطاعات، انخفض نشاط التصنيع إلى أدنى مستوى له في 11 شهراً، رغم تحسن قطاع الخدمات. ومع ذلك، تراجعت معدلات التوظيف في كلا القطاعين بأكبر قدر منذ يناير (كانون الثاني) 2021، وفي المقابل، شهدت الأسعار التي تفرضها الشركات أكبر زيادة خلال تسعة أشهر، مدفوعة بارتفاع تكاليف المدخلات، بما في ذلك الأجور.

وقال كريس ويليامسون، كبير الخبراء الاقتصاديين في «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركتس إنتليجنس»: «لقد فقد الاقتصاد الزخم الذي شهده في وقت سابق من العام، حيث استجابت الشركات والأسر بشكل سلبي لسياسات حكومة حزب (العمال) المتشائمة».

من جانب آخر، أظهرت مسوحات «ميك يو كيه» انخفاضاً أشد في الثقة بين الشركات المصنعة منذ بداية الجائحة، حيث قال فاهين خان، كبير خبراء الاقتصاد في «ميك يو كيه»: «بعد مواجهة الارتفاع المستمر في التكاليف طوال العام، يواجه المصنعون الآن أزمة حقيقية في التكاليف».

بالإضافة إلى زيادة قدرها 25 مليار جنيه إسترليني (32 مليار دولار) في مساهمات الضمان الاجتماعي التي فرضها أصحاب العمل وفقاً لموازنة ريفز، من المقرر أن يرتفع الحد الأدنى للأجور في بريطانيا بحلول أبريل (نيسان) بنسبة 7 في المائة.

وأظهرت استطلاعات حديثة أيضاً انخفاضاً في نيات التوظيف من قبل أصحاب العمل، في حين أظهرت البيانات الرسمية الأسبوع الماضي انكماش الاقتصاد البريطاني في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ عام 2020.