فراغ في بوليفيا بعد استقالة موراليس

إدانات «يسارية» لـ«الانقلاب»... ودعوات أممية وأوروبية وأميركية إلى الهدوء

مواجهات في شوارع لاباز بين أنصار موراليس ومعارضيه أمس (رويترز)
مواجهات في شوارع لاباز بين أنصار موراليس ومعارضيه أمس (رويترز)
TT

فراغ في بوليفيا بعد استقالة موراليس

مواجهات في شوارع لاباز بين أنصار موراليس ومعارضيه أمس (رويترز)
مواجهات في شوارع لاباز بين أنصار موراليس ومعارضيه أمس (رويترز)

استيقظت بوليفيا، أمس، على شغور في السلطة غداة إعلان الرئيس إيفو موراليس، استقالته من منصبه، بعد موجة احتجاجات مستمرّة، منذ ثلاثة أسابيع، على إعادة انتخابه المثيرة للجدل، وذلك بعد أن خسر دعم قوات الجيش والشرطة، ما أطلق احتفالات عارمة في العاصمة لاباز.
وقال موراليس (60 سنة)، في خطاب متلفز، الأحد، «أستقيل من منصبي رئيساً»، في نهاية يوم شهد أحداثاً متسارعة، مع إعلان عدد من الوزراء وكبار المسؤولين استقالتهم، وتراجع الدعم الحكومي لأطول رؤساء أميركا اللاتينية حكماً، ما خلق فراغاً في السلطة.
وتلت استقالة موراليس إعلان مجموعة من الوزراء استقالتهم، ما أثار تساؤلات عمن بات مسؤولاً عن البلاد؛ خصوصاً مع استقالة نائب الرئيس ألفارو غارسيا لينيرا أيضاً. وبموجب الدستور، تنتقل السلطة إلى رئيس مجلس الشيوخ ورئيس مجلس النواب على التوالي، لكنهما استقالا أيضاً. ما دفع النائبة المعارضة جانين آنيز، الأحد، للإعلان عن استعدادها تولي الرئاسة المؤقتة للبلاد.
وعمت الاحتفالات شوارع لاباز على الفور، ولوّح المحتجون في فرح بأعلام بلادهم، لكنّ أحداث عنف ونهب وقعت لاحقاً في لاباز ومدينة إل التو المجاورة، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وفي العاصمة ومدينة سانتا كروز بشرق البلاد، هللت الحشود ابتهاجاً باستقالة موراليس الذي أثار غضب المواطنين بترشحه لفترة ولاية رابعة، متحدياً القيود على فترات الرئاسة، وإعلانه الفوز في انتخابات شابتها اتهامات بالتزوير.
لكن مع حلول الليل، جابت عصابات الشوارع ونهبت متاجر وشركات، وأضرمت النار في مبانٍ، وفق وكالة «رويترز». وكتب المعارض البارز والأكاديمي، والدو ألباراسين، على «تويتر»، أن أنصار موراليس أحرقوا منزله. فيما أظهر تسجيل فيديو آخر جرى تداوله على نطاق واسع أشخاصاً داخل منزل موراليس اليساري، مع كتابات على الجدران بعد أن سافر جواً إلى مكان آخر داخل البلاد.
وعلق المعارض كارلوس ميسا، الذي خسر الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية السابقة على استقالة الرئيس بالقول: «لقد أعطينا درساً للعالم. غداً ستكون بوليفيا بلداً جديداً». في المقابل، لجأ 20 نائباً ومسؤولاً حكومياً كبيراً لمقر إقامة سفير المكسيك، التي أعلنت أنها ستمنح اللجوء لموراليس أيضاً.
وكتب موراليس لاحقاً على «تويتر»، أن هناك مذكرة توقيف صدرت بحقه، لكن قائد الشرطة فلاديمير يوري كالديرون، أفاد التلفزيون المحلي بأنّ الأمر غير صحيح. وأضاف الرئيس المستقيل أنّ «مجموعات عنيفة» هاجمت منزله. وأعلنت الشرطة مساء الأحد توقيف رئيسة المحكمة الانتخابية، ماريا أوجينيا شوكي، التي يتهمها المحتجون بالانحياز لموراليس.
وموراليس المنتمي لشعب إيمارا من السكان الأصليين، كان مزارعاً للكوكا قبل أن يصبح أول رئيس للبلاد من السكان الأصليين في عام 2006. ودافع موراليس عن حقبته التي شهدت مكاسب رئيسية ضد الفقر والجوع في البلاد، وكذلك مضاعفة حجم اقتصاد البلاد ثلاثة أضعاف خلال حكمه الذي استمر نحو 14 عاماً.
وحاز موراليس فترة رابعة مثيرة للجدل، حين أعلنت المحكمة فوزه في الانتخابات الرئاسية في 20 أكتوبر (تشرين الأول)، بفارق ضئيل عن منافسه. لكنّ المعارضة ندّدت بوقوع تزوير، وقادت احتجاجات استمرت ثلاثة أسابيع، وشهدت مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة المئات.
وطلبت منظمة الدول الأميركية إلغاء نتيجة الانتخابات، وأكّدت أول من أمس وقوع تجاوزات في كل مناحي الانتخابات التي راقبتها: التكنولوجيا المستخدمة، وسلامة أوراق الاقتراع، وسلامة عملية الفرز، والتوقعات الإحصائية.
وفيما استمر البوليفيون في احتجاجاتهم في الشوارع، دعا موراليس إلى انتخابات جديدة، لكنّ هذا التنازل لم يكن كافياً لتهدئة غضب الشارع. وانضم قادة القوات المسلحة والشرطة إلى الدعوات المطالبة باستقالة موراليس. وقال قائد القوات المسلحة، ويليامز كليمان، للصحافيين، إنه يطلب من موراليس «أن يستقيل من ولايته الرئاسية للسماح بالتهدئة والحفاظ على الاستقرار، من أجل مصلحة بوليفيا».
وللإعلان عن تنحيه، سافر موراليس بالطائرة إلى منطقة تشيمور المشهورة بزراعة الكوكا في وسط بوليفيا، مهد مسيرته السياسية. وبرز اسم موراليس في ثمانينيات القرن الفائت كزعيم نقابي يدافع عن مزارعي الكوكا. وقال في خطاب تنحيه: «لست مضطراً للهرب. لم أسرق أي شيء». وتابع: «خطيئتي أنني من السكان الأصليين. أنني من مزارعي الكوكا»، وأضاف: «الحياة لا تنتهي هنا. الصراع مستمر». وقال موراليس: «أنا أستقيل حتى لا يستمروا (قادة المعارضة) في ركل إخواننا»، في إشارة إلى المتظاهرين المؤيدين للحكومة الذين اشتبكوا مراراً مع المحتجين المعارضين.
ومع استمرار الغموض السياسي في بوليفيا، دعت كولومبيا لاجتماع عاجل للمجلس الدائم لمنظّمة الدول الأميركية للنظر في حلول للأزمة.
وفور إعلان استقالته، ندّد حلفاء موراليس اليساريون بانقلاب ضد موراليس. وأدان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، «بشكل قاطع»، الأحد، «الانقلاب» في بوليفيا، ودعا لحشد الحركات السياسية والاجتماعية «للمطالبة بالحفاظ على حياة المواطنين البوليفيين الأصليين ضحايا العنصرية». وأبلغ سفير فنزويلا لدى بوليفيا، وكالة الأنباء الرسمية في بلاده، أنّ محتجين ملثمين استولوا على سفارة فنزويلا في لاباز. بينما أعربت كوبا عن دعمها لموراليس «في مواجهة المغامرة الانقلابيّة للإمبرياليّة». وبعد استقالة موراليس، ندّدت كوبا، الأحد، «بشدّة» بـ«الانقلاب في بوليفيا». من جهته، وصف الرئيس الأرجنتيني، المنتخب ألبرتو فرنانديز، الوضع الذي أدى إلى استقالة موراليس، بأنه «انقلاب» وقع نتيجة «للأعمال المشتركة للمدنيين العنيفين وأفراد الشرطة وسلبية الجيش».
بدوره، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن «بالغ قلقه» للتطورات الأخيرة في بوليفيا.
ودعا غوتيريش «كافة الأطراف المعنية للامتناع عن العنف، وخفض التوتر، وممارسة أقصى ضبط للنفس»، على ما قال المتحدث باسمه في بيان. فيما استنتجت روسيا أنّ استقالة موراليس «تبدو نتيجة لانقلاب»، في الوقت الذي دعا الاتحاد الأوروبي كافة الأطراف في البلد اللاتيني لضبط النفس.
من جهتها، دعت واشنطن بلسان مسؤول في وزارة الخارجية، القيادة المدنية، إلى الاحتفاظ بزمام الأمور. وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لـ«رويترز»: «من الضروري أن تحتفظ القيادة المدنية بزمام الأمور خلال الفترة الانتقالية». وأضاف: «ندعو الجميع إلى الامتناع عن العنف خلال هذا الوقت المتوتر، وسنواصل العمل مع شركائنا الدوليين لضمان استمرار ديمقراطية بوليفيا ونظامها الدستوري».



فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».