الحوثيون يفتعلون أزمة وقود جديدة... والشرعية تتدخل لتخفيف حدتها

TT

الحوثيون يفتعلون أزمة وقود جديدة... والشرعية تتدخل لتخفيف حدتها

لم تكد الميليشيات الحوثية تنتهي من احتفالاتها في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لها بمناسبة «المولد النبوي»، الذي حولته إلى مهرجانات سياسية طائفية، حتى شرعت في افتعال أزمة وقود جديدة، في سياق سعيها المستمر للتضييق على السكان، وجباية مزيد من الأموال عبر المتاجرة بالوقود في السوق السوداء.
وفي حين تتذرع الجماعة الحوثية بالقيود التي فرضتها الحكومة الشرعية على واردات الوقود إلى ميناء الحديدة بموجب القرار الحكومي 49 لسنة 2019، أعلنت اللجنة الاقتصادية اليمنية التابعة للحكومة، أمس، منح أربع سفن وقود تصاريح الدخول للتفريغ في ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الميليشيات أملاً في تخفيف حدة الأزمة.
كان القرار، الذي شرعت الحكومة في تطبيقه قبل أربعة أشهر، يقضي بدفع رسوم واردات الوقود إلى الموانئ اليمنية من الجمارك والضرائب على الشحنات إلى البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، بما في ذلك الواردات إلى ميناء الحديدة، غير أن الجماعة الحوثية رفضت تنفيذ القرار.
وعلى وقع التدخل الأممي لدى الحكومة الشرعية، وافقت الأخيرة على أن تدفع رسوم الجمارك والضرائب على المشتقات الواردة إلى ميناء الحديدة إلى حساب خاص في فرع البنك المركزي في الحديدة، تحت إشراف الأمم المتحدة، على أن تخصص الأموال الواردة إليه لمصلحة دفع رواتب الموظفين. وذكرت اللجنة الاقتصادية، في بيان، أمس، أنها منحت «أربع سفن وقود تصريح الدخول للتفريغ إلى ميناء الحديدة بناءً على مقترح مكتب المبعوث الدولي». وأضافت اللجنة أن هذه الموافقة جاءت «بناءً على استراتيجية التخفيف من معاناة المواطنين، ودعم جهود المجتمع الدولي لإعادة الأمن والسلام، وإسقاط الانقلاب، واستعادة الدولة»، إضافة إلى كونها «دعماً لجهود المبعوث الدولي، رغم الإعاقات الواضحة للميليشيات الحوثية لجهود تعزيز إيرادات الدولة وصرف رواتب المدنيين». واتهمت اللجنة، الميليشيات، بمنع المستوردين من استكمال إجراءات الحصول على تصريح الدخول إلى ميناء الحديدة، وقالت إنها «مستمرة في مناقشة الآلية المقدمة من المبعوث الأممي لتطبيق مبادرة الحكومة لإدخال جميع سفن الوقود، دون أي عوائق من الميليشيات الانقلابية في المستقبل، وذلك كخطوة مهمة لتعزيز نجاح اتفاق استوكهولم في الحديدة».
كانت اللجنة الاقتصادية اليمنية أوضحت، في بيان سابق، قبل أيام، أن إيرادات الموانئ بلغت نحو 43 مليون دولار خلال 4 أشهر منذ تطبيق قرار الحكومة 49 لسنة 2019. وهو القرار الذي واجه تنفيذه تعنتاً حوثياً. وأوضحت اللجنة أن إجمالي الإيرادات من الموانئ اليمنية وصلت إلى 24 ملياراً و600 مليون ريال يمني (الدولار نحو 560 ريالاً)، كنتائج أولية منذ تطبيق قرار الحكومة أواخر يونيو (حزيران) الفائت. وذكرت اللجنة أن نحو 15 مليون دولار، أي ما يعادل 9 مليارات ريال من إجمالي الإيرادات، محجوزة في حساب خاص في البنك المركزي في محافظة الحديدة، بناءً على مبادرة سابقة للحكومة، وبنظر الأمم المتحدة. وبيّنت اللجنة أنه تم إعفاء تحصيل شحنات المساعدات الإنسانية، بنحو 464 مليون ريال (أقل من مليون دولار).
كانت الحكومة بدأت من يونيو الماضي بتحصيل الضرائب والرسوم الجمركية والعوائد الأخرى على المشتقات، في سياق سعيها لرفد الميزانية العامة للدولة ودفع رواتب الموظفين. وعلى الرغم من التسهيلات التي قدمتها الحكومة اليمنية لدخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة، الخاضع للميليشيات الحوثية، إلا أن الجماعة كانت حريصة على منع حمولة السفن في مسعى منها لاستمرار أزمة الوقود والمتاجرة بالحال الإنسانية الناجمة عنها، غير أنها رضخت أخيراً.
واتهمت اللجنة الاقتصادية اليمنية التابعة للحكومة الشرعية، في بيانات سابقة، الميليشيات الموالية لإيران، بالتسبب في توقف شحنات الوقود على متن السفن قبالة ميناء الحديدة، وتأخير إجراءات الدخول للميناء وتفريغ الحمولة. وذكرت اللجنة الحكومية أن الميليشيات كانت تسببت في وقوف ثماني ناقلات وقود أمام ميناء الحديدة، وذلك بمنعها التجار من تقديم وثائق وطلبات الحصول على تصريح الحكومة من المكتب الفني للجنة الاقتصادية.
واتهمت اللجنة، الجماعة الحوثية، بأنها تستخدم «الإرهاب والتهديد بالسجن ومصادرة الأموال وإيقاف النشاط التجاري للتجار الممتثلين لقرارات الحكومة». ووصف البيان ما تقوم به الجماعة الحوثية بأنه «خطوة تترجم إصرارها على تعزيز نشاط السوق السوداء التي تديرها لتمويل أنشتطها، ومضاعفة معاناة المواطنين».
واتهمت اللجنة، الميليشيات، بـ«التهرب من تطبيق الضوابط المصرفية لمكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والحفاظ على استقرار العملة والإعاقة الواضحة لجهود الحكومة والمبعوث الدولي لصرف مرتبات المدنيين». وقالت إن «الميليشيات الحوثية تعمل على خلق أزمة مشتقات نفطية جديدة، وتتهرب من التزاماتها أمام المجتمع الدولي بصرف رواتب المدنيين، وتسعى لإفشال جهود المبعوث الدولي في تطبيق اتفاقية استوكهولم».
وأكدت أن الجماعة الحوثية منعت التجار المستوردين للمشتقات النفطية من التقديم للحصول على طلبات التراخيص التي تسمح بدخول الشحنات النفطية إلى ميناء الحديدة، على الرغم من المبادرة الحكومية لحل الأزمة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.