ترقب في السودان لحل «حزب البشير»

المهدي يطالب بتكوين المجلس التشريعي وتعيين ولاة من المدنيين

ترقب في السودان لحل «حزب البشير»
TT

ترقب في السودان لحل «حزب البشير»

ترقب في السودان لحل «حزب البشير»

من المقرر أن يصدر قريباً قانون لحل حزب «المؤتمر الوطني»، الواجهة السياسية لحكم الإسلاميين بزعامة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير. وعلمت «الشرق الأوسط» أن مسودة القانون أُرسلت إلى السلطة التشريعية المكونة من مجلسي السيادة والوزراء، لإجازتها. وأثناء ذلك جدد الزعيم السياسي والديني الصادق المهدي، دعمه للحكومة الانتقالية، وشدد على ضرورة تسريع تكوين المجلس التشريعي، وتعيين حكام الولايات المدنيين.
وفي 29 من الشهر الماضي، شكل اجتماع مشترك بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء مع «قوى إعلان الحرية والتغيير»، لجنة ثلاثية للتنسيق بين مستويات الحكم المختلفة، والقيادة السياسية للدولة، من 4 أعضاء من كل مكون من المكونات الثلاثة. وتعمل اللجنة، إلى جانب عملها في التنسيق ومناقشة القضايا بين المستويات الثلاثة، على تكوين لجان مشتركة تضع التصورات لقضايا السلام في البلاد، وتكوين لجنة أخرى مهمتها تفكيك نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، وإنهاء سيطرة الإسلاميين على مفاصل الدولة.
وقال مصدر في اللجنة لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن اللجنة الثلاثية المشتركة قدمت مشروع قانون لحل حزب «المؤتمر الوطني»، ضمن الخطوات التي تقوم بها لإنهاء ما عرف بسياسة «التمكين» التي اتبعها النظام السابق، وتفكيك دولة الإسلاميين، وإن حل الحزب المسؤول عن الفساد والتخريب في البلاد أصبح مسألة وقت.
وظل الإسلاميون في السودان يعملون تحت واجهة حزب «المؤتمر الوطني»، الذي حكم منذ يونيو (حزيران) 1989، بعد أن جاء إلى السلطة بانقلاب عسكري على حكومة الصادق المهدي المنتخبة. وينتظر أن يخضع مشروع قانون حل حزب «المؤتمر الوطني» للنقاش والإجازة في أول اجتماع مشترك لمجلسي السيادة والوزراء، اللذين منحتهما الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية، سلطة التشريع، إلى حين تكوين المجلس التشريعي. وأوضح المصدر أن القانونيين في تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، أعدوا مشروع القانون، وتم تسليم نسخة منه للسلطات المعنية لعرضه في اجتماع المجلسين المزمع عقده في غضون الأيام القليلة المقبلة.
ورغم إسقاط نظام البشير بثورة شعبية سلمية في 11 أبريل (نيسان) الماضي، إلاّ أن مؤسسات وتنظيمات حكمه لا تزال قائمة، بيد أن الوثيقة الدستورية قضت بعدم مشاركتهم في حكم الفترة الانتقالية. وتطالب قوى «إعلان الحرية والتغيير» بحل حزب «المؤتمر الوطني»، وتعتبر حله وعزل رموزه في جهاز الدولة، وتقديمهم لمحاكمات، ومحاسبة الفاسدين في عهد البشير، مدخلاً أساسياً لإنجاح الفترة الانتقالية في البلاد.
من جهة أخرى، جدد الزعيم الديني والسياسي الصادق المهدي، التزام حزب «الأمة»، الذي يتزعمه، بدعم الحكومة الانتقالية وإسنادها لتنفيذ برامجها وخططها، من أجل تلبية تطلعات شعب السودان، وطالب بتكوين المجلس التشريعي، وتعيين حكام الولايات من المدنيين.
وقال المهدي في خطاب جماهيري بمدينة ود مدني، وسط البلاد، أمس، إن تكوين المجلس التشريعي وتعيين حكام الولايات المدنيين بالتراضي مع أهل الولاية المعنية، يعد استكمالاً لأهداف الثورة. وأوضح المهدي أن تكوينهما يعد خطوة باتجاه الحفاظ على الوطن، وتلبية طموحات وتطلعات أهل السودان الخدمية والتنموية، وترسيخ المدنية في البلاد تمهيداً للوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة وشفافة. وفي أول زيارة له لولاية الجزيرة بعد ثورة ديسمبر (كانون الأول) التي أطاحت البشير، دعا المهدي إلى الاهتمام بـ«مشروع الجزيرة» (أكبر مشروعات السودان الزراعية)، وإلغاء قوانين المشروع التي رسمت في عهد النظام البائد، وإزالة كل مظاهر التمكين في المشروع، وإعادة البنى التحتية للسكك الحديدية والهندسة الزراعية والمحالج.
كان السودان يعتمد على إنتاجه من القطن طويل التيلة في هذا المشروع الضخم، في الحصول على عائداته من النقد الأجنبي. إلا أن حكومة الإسلاميين سعت إلى تدميره، وغيرت علاقات الإنتاج التي كانت تحكمه، ما أدى إلى تخريب بنيته التحتية بالكامل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».