اقتحامات للأقصى... والشرطة الإسرائيلية تنتهك اتفاقاً مع العيسوية

مواجهات بين جنود إسرائيليين وسكان قرية الشيوخ بالضفة الغربية أمس (أ.ب)
مواجهات بين جنود إسرائيليين وسكان قرية الشيوخ بالضفة الغربية أمس (أ.ب)
TT

اقتحامات للأقصى... والشرطة الإسرائيلية تنتهك اتفاقاً مع العيسوية

مواجهات بين جنود إسرائيليين وسكان قرية الشيوخ بالضفة الغربية أمس (أ.ب)
مواجهات بين جنود إسرائيليين وسكان قرية الشيوخ بالضفة الغربية أمس (أ.ب)

اقتحم مستوطنون المسجد الأقصى وسط حراسة مشددة من قبل الشرطة الإسرائيلية. وقال مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية العامة وشؤون المسجد الأقصى بالقدس الشيخ عزام الخطيب، إن عشرات المستوطنين اقتحموا باحات الأقصى وتجولوا في ساحاته، وأدوا طقوساً تلمودية استفزازية.
وتحول اقتحام المستوطنين للأقصى إلى طقس شبه يومي، مما عزز مخاوف السلطة الفلسطينية والمملكة الأردنية من وجود مخطط لتغيير الوضع القائم في المسجد. والشهر الماضي فقط اقتحم 6338 مستوطناً الأقصى؛ منهم 3690 مستوطناً خلال أسبوع «عيد العرش»، و574 خلال «عيد الغفران»، ومن بين المقتحمين وزير الزراعة في حكومة الاحتلال، حيث اقتحم الأقصى مرتين في عيدَي «الغفران» و«العرش»، إضافة إلى عشرات الحاخامات.
وقال «مركز وادي حلوة» في تقريره الشهري الذي يرصد انتهاكات الاحتلال في القدس المحتلة، إن المستوطنين تعمدوا اقتحام الأقصى بلباس العيد الخاص وأداء الصلوات والطقوس الخاصة داخل ساحات الأقصى، وبعضهم أدى الصلاة العلنية بحراسة من شرطة الاحتلال، كما شهدت أبواب المسجد من الجهة الخارجية مسيرات وصلوات على مدار الساعة.
واقتحام الأقصى أمس جاء بعد ساعات من مواجهات عنيفة في بلدة العيسوية القريبة في القدس خلفت مصابين.
وأصيب 16 فلسطينياً على الأقل بجروح واختناق بالغاز السام والمدمع وبالهراوات، في مواجهات بين الشبان في العيسوية والشرطة الإسرائيلية.
واقتحمت الشرطة الحي في أوقات الذروة، وهو ما عدّه أهل الحي تنصلاً من اتفاق سابق. وقالت مصادر إن قوات الاحتلال أطلقت قنابل الغاز بكثافة على الشبان الغاضبين واعتدت على الموجودين في مناطق مختلفة بالضرب المبرح، مما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين بجروح وبحالات اختناق.
وأكد مسعفون ميدانيون أنهم قدموا العلاجات اللازمة لـ15 مواطناً أصيبوا بالاختناق جراء الغاز الذي أطلقته قوات الاحتلال، بينهم طفل بعمر 8 سنوات.
ونفت الشرطة الإسرائيلية لاحقاً أنها كانت توصلت إلى اتفاق مع سكان بلدة العيسوية في محيط القدس بشأن الحفاظ على النظام في البلدة، لكن صحيفة «هآرتس» العبرية أفادت بأن لديها ما يثبت أن اتفاقاً كهذا بالفعل قائم بين الجانبين، غير أن عناصر الشرطة انتهكوه. وذكرت «هآرتس» أن التوترات اندلعت في الحي، الذي يشهد اشتباكات متكررة بين الفلسطينيين وقوات الأمن، بعد أن انتهكت الشرطة من جانب واحد اتفاقاً مع السكان لإبقاء الضباط بعيداً عن المدارس خلال اليوم المدرسي.
ووفقاً لما أوردته الصحيفة، فالاتفاق بين الجانبين تم يوم الاثنين، وينص على عدم وجود أفراد الشرطة الإسرائيلية في محيط المدارس في البلدة في ساعات قدوم الطلاب إليها وفي ساعات مغادرتهم لها. ونقلت الصحيفة عن قائد مخفر «شاليم» الضابط نيسو غويطا، قوله إنه أصدر تعليماته إلى دوريات الشرطة بعدم الوجود في محيط المدارس قبل التاسعة صباحاً. «غير أن مسؤولاً رفيعا في الشرطة لم يرق له هذا الاتفاق فقرر إلغاءه وأصدر تعليمات للشرطة بمزاولة نشاطها وفقاً لضرورات مهامها» بحسب الصحيفة.
وأصدرت «الجبهة الشعبية» بياناً حيت فيه صمود أهل بلدة العيسوية في القدس، وقالت إنه «سيفشل مخططات الاحتلال في عزلها وفصلها، ولن تنجح في كسر إرادة المواطنين والنيل من عزيمتهم». وقدمت «الجبهة» في بيان لها التحية لسكان البلدة الذين «يتصدون ببسالة وشجاعة منقطعة النظير لقوات الاحتلال الصهيوني الذي يشن حملة استهداف متواصلة ومسعورة ضد البلدة». وعدّت أن «استمرار الجرائم الصهيونية بحق أهالي البلدة التي تصاعدت فجر الأحد من اقتحام للبيوت والاعتداء على الأهالي الآمنين، وشن سلسلة اعتقالات بصفوف الشباب، هي حملة مبيّتة وتأتي في سياق المحاولات الصهيونية لفصل وعزل البلدة عن مدينة القدس، عبر تطويقها بجدار إسمنتي يصل ارتفاعه إلى 9 أمتار، وطوله إلى كيلومتر ونصف».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».