قيادات دينية وسياسية تنأى بنفسها عن «اتفاق» إنهاء الاحتجاجات بالقوة

مرجعية النجف والتيار الصدري ينفيان حضور اجتماع الكتل

TT

قيادات دينية وسياسية تنأى بنفسها عن «اتفاق» إنهاء الاحتجاجات بالقوة

كشف قيادي في تيار «الحكمة الوطني» الذي يقوده عمار الحكيم، عن تفاصيل الاجتماع الذي احتضنه التيار في مقر إقامته ببغداد، أول من أمس، وما أحاطه من تضارب وغموض بشأن مستقبل حكومة رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي، والنظام السياسي بشكل عام، الذي يواجه مطالبات واسعة بإسقاطه وإزالته، من قبل جموع المحتجين والمتظاهرين في محافظات وسط وجنوب العراق. ونأت قيادات سياسية ودينية بنفسها عن «اتفاق» ورد أنه تم التوصل إليه خلال الاجتماع على إنهاء الاحتجاجات، ولو بالقوة إذا اقتضى الأمر.
وأكد القيادي في تيار «الحكمة» محمد حسام الحسيني، حصول الاجتماع؛ لكنه نفى في حديث لـ«الشرق الأوسط» ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير بشأن حضور ممثل عن مرجعية النجف، وقائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني، أو أي أطراف خارجية وممثلين عن تيار مقتدى الصدر. كما نفى «الاتفاق بين سليماني والسيستاني والصدر و(الحكمة) على إنهاء الاحتجاجات بالقوة».
وأضاف الحسيني أن «الاجتماع لم يهدف إلى حماية الحكومة وإنقاذها وقمع المتظاهرين كما أشيع، إنما كان هدفه حماية النظام بعد إصلاحه، باعتباره نظاماً ديمقراطياً، ويفترض أنه قابل للإصلاح والتعديل والسير على السكة الصحيحة». وأكد أن «غالبية الكيانات والأحزاب السياسية المهمة، الشيعية والسنية والكردية، كانت حاضرة في الاجتماع التداولي الذي يهدف إلى معالجة الاختلالات في النظام السياسي، ولم يحضره ممثل عن المرجعية أو أي طرف خارجي، كما اعتذر تيار الصدر عن عدم حضوره في اللحظة الأخيرة».
وحول مستقبل حكومة عادل عبد المهدي بعد مطالبات المتظاهرين بإسقاطها، ذكر الحسيني أن «بعض أطراف الاجتماع ذهبت إلى ضرورة سحب الثقة عنها، والبعض تمسك بإعطائها فرصة أخرى»؛ لكنه يرى «على المستوى الشخصي» أن «حكومة عبد المهدي باقية، لعدم وجود قرار دولي وإقليمي بإسقاطها، فإيران تعتبر عبد المهدي من حلفائها البررة، كذلك الأمر مع الولايات المتحدة والغرب عموماً، الذين يظهرون تمسكاً ببقائه في السلطة». ويشير الحسيني إلى أن «مصير البلاد، ومثلما هو واضح، ما زال بيد القوى الإقليمية والدولية، نتيجة ضعف غالبية القوى السياسية وتابعيتها وخصوماتها الحادة».
وكان مكتب المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، قد نفى في بيان اشتراك ممثل عنه في «الاتفاق المزعوم» لبقاء الحكومة، وإنهاء الاحتجاجات. كذلك نفى صالح محمد العراقي، المقرب من زعيم التيار الصدري، ما تردد عن حضور ممثلين عن التيار في الاجتماع، وخاطب العراقي أنصار الصدر وعموم العراقيين، عبر صفحته الشخصية في «فيسبوك» ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، قائلاً: «كفاكم سماعاً للأكاذيب والإشاعات والتدليس والتزوير» وختم بأن «الصدر مع الشعب والشعب مع الصدر».
وكرر تحالف «سائرون» المدعوم من مقتدى الصدر، أمس، مطالبته بـ«ضرورة حضور رئيس الوزراء إلى البرلمان لمساءلته واستجوابه، حول ما يحصل بمواجهة المتظاهرين السلميين بإطلاق نار وقنابل غاز، والذي يعد غير مقبول إطلاقاً، وأن حضوره إلى البرلمان في الجلسات القليلة المقبلة بات أمراً ملحاً». وفي تطور آخر ذي صلة، أكدت رئاسات الجمهورية والوزراء والبرلمان، أمس، رفضها إنهاء الاحتجاجات بالقوة، وذلك خلال اجتماع استضافه رئيس الجمهورية برهم صالح في قصر السلام أمس، وحضره رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، إضافة إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان. وصدر عن الاجتماع بيان أكد على أن «الاحتجاجات الشعبية السلمية هي حركة إصلاحية مشروعة لا بد منها، وذلك استجابة للرأي العام الوطني، ولمتطلبات الحياة السياسية والخدمية التي يستحقها العراقيون الغيارى، بعد عقود من الطغيان والحروب والعنف والفساد». وحسب البيان: «أكد المجتمعون الموقف الثابت بالامتناع ورفض أي حل أمني للتظاهر السلمي، والمحاسبة الشديدة لأي مجابهة تعتمد العنف المفرط، مشيرين بهذا الصدد إلى أوامر وتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة بمنع استخدام الرصاص الحي، وجميع أشكال العنف التي تعتمد القسوة والمبالغة فيها». كما تناول الاجتماع «باهتمام شديد حالات الاختطاف التي تجري ضد ناشطين من قبل جماعات منفلتة وخارجة عن القانون، وكذلك جرائم الاعتداء على المتظاهرين، وهي أعمال موجهة يجري التحري عنها والوقوف على المتسببين فيها، وإنزال العقاب القانوني بهم». وأكد المجتمعون أنه «لن يبقى معتقل واحد من المتظاهرين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.