عاد ملف الزواج المبكر للتداول في السعودية، بعد أن أوصت هيئة حقوق الإنسان، أمس، بسرعة إصدار قانون يحدد عمر الزواج بـ18 عاماً، ويمنع ما دونه. وهو تحرك يأتي بعد سنوات عدة من تداول هذا الملف داخل أروقة مجلس الشورى.
واستندت الهيئة في توصيتها إلى أن ما دون الـ18 عاماً يُعد مرحلة طفولة، وفقاً لما أشارت إليه الأنظمة المحلية والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، ونظام الحماية من الإيذاء، ونظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، وكذلك الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي أصبحت السعودية طرفاً فيها.
وذكرت «حقوق الإنسان» أنها درست مع عدد من الجهات الآثار السلبية المترتبة على الزواج المبكر دون سن الـ18.
وعن دوافع إصدار هيئة حقوق الإنسان بيانها، وما إذا كانت قد رصدت مؤخراً حالات كثيرة من الزواج المبكر، قال محمد المعدي، مدير مركز الإعلام والنشر في «الهيئة»، لـ«الشرق الأوسط»: «بعيداً عن الأرقام التي رُصدت، فإن منطلق الهيئة حماية حقوق الإنسان، حتى لو كانت لا توجد إلا حالة وحدة، والأنظمة المحلية والدولية واضحة في تعريفها للطفل بأنه من لم يتجاوز 18 من العمر».
وأضاف أن السعودية شهدت تطوراً في منظومتها القانونية خلال السنوات الماضية، وهو ما يعزز توصية الهيئة لسن هذا القانون، بما يحقق حماية وتعزيز حقوق الإنسان، كما أن أي عمر دون الـ18 تراه الهيئة سناً غير مناسب للزواج وتحمل مسؤولياته وتبعاته، سواء الصحية أو التربوية.
إلى ذلك، علق الدكتور عيسى الغيث، القاضي الشرعي عضو مجلس الشورى، على توصية هيئة حقوق الإنسان: «هذا الموضوع بادر إليه قبل سنوات 5 من أعضاء مجلس الشورى، وبقي تحت الدراسة طويلاً، ثم ورد من الحكومة للشورى مشروع مقترح للضوابط، لا يتضمن مقترحنا الذي طالب بمنع الزواج لمن دون الـ18 مطلقاً».
وأضاف الغيث لـ«الشرق الأوسط» أن الملفين جرى ضمهما معاً (ملف مقترح الأعضاء مع ملف الحكومة)، ودرسا سوياً «وتم إقناع اللجنة، ثم إقناع المجلس، بالحد الأدنى من مقترحنا، وخرجنا بمكسب ونصف، فالمكسب هو منع زواج ما دون الـ15 مطلقاً، ونصف المكسب الثاني هو المنع المقيد لما دون الـ18، وذلك تمهيداً للمنع المطلق لاحقاً».
وأشار إلى صعوبة المنع المطلق لمن هم في عمر يتراوح بين 15 و18 عاماً لسببين: الأول جواز ذلك شرعاً، والثاني اختلاف القوانين العالمية في تحديد السن. ففي بعض الدول الغربية حدد بـ16، وفي بعضها الآخر بـ17، وبعض الدول العربية والإسلامية حددته بـ15، والأهم حالياً هو منع ما دون الـ15، ومنع الضرر الكبير الواقع على هؤلاء الأطفال، إذ لا تزال هناك زواجات حتى اليوم لمن هن وهم دون الـ15. وحينما ننجح بمنع هذا، نكون قد حققنا الهدف الأهم. وأمّا ما فوق الـ15، فمحل اجتهاد شرعي واختلاف قانوني، ويكفي وضع الضوابط وربطه بالقاضي، إلى حين إمكانية شموله بالمنع.
ومن جهته، يرى الدكتور محمد الجذلاني، وهو محامٍ ومحكّم وقاضٍ سابق في القضاء التجاري والإداري، أنّ هذا الموضوع يحكمه القرار الشرعي، بناء على التشاور بين ولي الأمر والعلماء، لأنّها مسألة شرعية في المقام الأول.
وقال: «من ناحية الحكم الشرعي، من المعروف باتفاق العلماء أنّه يجوز الزواج في أقل من هذا العمر (18 عاماً)، وأن بلوغ الفتاة ليس بالعمر فقط، وإنما قد تبلغ الفتاة وهي في عمر أصغر من هذا، وتكون متمكنة من الزواج والحمل ونحوه».
وعن مراعاة المواثيق والمعاهدات الدولية، أكد الجذلاني لـ«الشرق الأوسط» أنّ هذا يعود لما يراه ولي الأمر من مصلحة، بعد التشاور مع العلماء، فلا بدّ من أن تُدرس من قبل العلماء، وأن تكون محل تشاور، مؤكداً أنّ هذه المسألة ليست قانونية بحتة، وليست شرعية فقط، رغم أنّ جزءاً كبيراً منها شرعي.
السعودية: توصية «حقوقية» بمنع تزويج من يقل عمره عن 18 عاماً
السعودية: توصية «حقوقية» بمنع تزويج من يقل عمره عن 18 عاماً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة